من المعضلات الحقيقية التي يتصورها البعض خارج الوطن، ممن كانوا ضمن توليفة الانتقالي بأصوات هادئة، قبل أن يقصوا، لترتفع أصواتهم الآن تحديدا لإنقاذ الانتقالي ومن ثم الوطن الجنوبي ودولته المرتقبة بإعادة تفعيل الحوار الجنوبي من الخارج مع الكيانات الأخرى التي لم يتم معها حوار كهذا في الفترة الماضية.
ومع تقديرنا الكامل للأستاذ أحمد عمر بن فريد القائم على أمر الحوار في الخارج -وهو من هو في النضال الجنوبي كما يعرف الجميع- لكن ما طالب به د. علي الزامكي من موقعه في موسكو بتحريك الحوار من الخارج يبقى مثيرا للتساؤل عندما لم تأت هكذا أفكار أثناء تبوأ الزامكي لمنصبه السابق في هيئات الانتقالي ويبقى جليا أن الساحة الوطنية هي المعنية بحوار حقيقي ينقذ الانتقالي من الوضع الكارثي الذي لم يؤد إلى تحسين مستوى الشعب الجنوبي من كارثة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن استعادة دولته المستقلة.
فالمعيار الحقيقي هو الداخل الوطني: الجنوب المحرر وليس الخارج، حيث يعيش الشعب في الجنوب قابضا على جمرة الشقاء، أما الحوار في الخارج فإنه مضيعة للوقت ولن يكون أكثر من فتح باب للعيش.
إذا كنا نتفق على إنقاذ الانتقالي فيجب علينا مراجعة الهيكلية الضخمة التي بناها الانتقالي وتضم جيوشا من المنتمين إليها من الذين -أو أغلبهم- لا يؤدون سوى أدوار روتينية وبيروقراطية هدفها المعاش الشهري وليس النضال لاستعادة دولتنا، مثلا نحن لسنا دولة بعد لكي نتحمل أحمالا ثقيلة تعيق حركة المناضلين نحو تحقيق الأهداف التي يطمح إليها شعبنا، ولسنا بريطانيا العظمى لكي يكون لدينا مجلس عموم أكبر من العموم البريطاني مثلا.
إن الترشيد والتقنين مطلوب لتسريع حركة النضال الجماهيري نحو تحقيق الهدف بدلا من سجن الطاقات في غرف العمل البطيء بانتظار نهاية الشهر.
يجب أن يسارع الغيورون على مصلحة الجنوب وعلى إنقاذ الانتقالي لوضع خارطة طريق داخلية وليس من الخارج تعيد الأمور إلى نصابها لفائدة الجميع من خلال:
1 - الانفتاح على كل القوى السياسية الجنوبية بالساحة بما في ذلك قطاعات المثقفين والأكاديميين والمرأة والشباب والنقابيين ومن الجيش والأمن الجنوبي السابق، وعن طريق المبادرات الذاتية وعدم الإفراط في الصرف وتحويل المناضلين إلى بيادق تتحرك بيد خفية.
2 - إفراد مكانة مرموقة وحقيقية لعدن بحكم مركزها المحوري في النضال الوطني وما لحق بها من أذى على طول المراحل السابقة وإعادة الاعتبار لها ولأبنائها، وليس عن طريق التمثيل الرمزي الذي يشبه ذر الرماد في العيون.
3 - غربلة ودمج كل الوحدات العسكرية والأمنية في مؤسسة وطنية واحدة مهما كان الجهد والثمن وإبعادها عن النزعات القبلية والمناطقية وتجريم الحزبية، وجعل التمثيل فيها وطنيا بالعدد المتساوي لكل محافظات الجنوب، وأن تكون خاضعة لمرجعية وطنية شاملة وغرفة عمليات واحدة وعقيدة عسكرية وأمنية واحدة.
4 - الشروع في إعداد مناهج دراسية على أساس الوطن الجنوبي وإرثه وتاريخه ونضالات شعبه مع إدخال كل ما وصل إليه العلم والتكنولوجيا إلى مواده في كل المراحل وصولا إلى الجامعة التي هي بحاجة أيضا إلى إصلاحات كثيرة.
5 - تنقية النفوس والعقول والممارسات من الظواهر البغيضة كالشللية والقبلية والعشائرية والمناطقية والمحسوبية التي باتت واضحة في تكوين الانتقالي والتي لن تخدم القضية الجنوبية بقدر ما تصيبها بمقتل.