أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 08:10 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • ​هل تطورات الأحداث في المنطقة ستظهر في إيران قيادة تفكر في ثقافة الحياة؟

    عبدالله محمد الجفري




    إيران منذ الإطاحة بنظام الشاة واستبداله بنظام الخميني خلقت توجسا لدى العديد من الدول وخاصة حين أعلنت عن رغبتها في تصدير الثورة، فدخلت في حرب طويلة مع العراق خسر فيها البلدان آلاف القتلى من الشباب وتدهور الاقتصاد والحياة المعيشية للشعبين للتوقف شبه التام للتنمية والاتجاه نحو اقتصاد الحرب.

    بعد انتهاء الحرب مع العراق انتقلت إيران نحو التطبيق الفعلي لفكرة تصدير الثورة فاستغلت ظروف بعض البلدان العربية فأنشأت أذرعها في أكثر من دولة عربية، ولا شك بأن هذا زاد من مخاوف دول الجوار، وزاد من عزلتها الإقليمية والدولية، فالعالم اليوم لا يميل إلى التعامل مع الدول المشاغبة، لهذا فرضت العقوبات وزاد استهدافات النظام، وأمام ذلك اتجهت إيران إلى ثقافة الموت ولم تتجه إلى ثقافة الحياة والتعايش السلمي مع العالم ودول الجوار، وسيطرت على تصرفاتها ثقافة الانتقام لإمبراطورتيها الفارسية إلى تسويق مظلومية مذهبية تجاوزها التاريخ ولا يقبل مسوقاتها، وجعلت ذلك كحصان طروادة للتوغل في البلدان العربية.

    إيران، كدولة لها امتداد تاريخي وحضاري وشعب خلاق وثروة كامنة، كان بإمكانها أن تتجه للتطوير السلمي بالاستفادة من قدرات شعبها وثرواتها، ولا يمنع أن تتجه للتصنيع الحربي وبناء القوة في حدود حاجات دفاعها عن سيادتها، لكن للأسف ما نشهده من إيران هو توتير الأجواء مع العالم ومع الجوار، فدفعت العالم إلى مواجهتها فاضطرت إلى بناء عسكري يسوده الخوف والتوجس من قوة الأعداء فاتجهت إلى تسخير نسبة كبيرة من ثرواتها في بناء قدرات عسكرية مكلفة لديها ولدى أذرعها، ومنها بناء الأنفاق العميقة المستنزفة للأموال لمواجهة الاعتداء، وجعلت ثقافة الأنفاق تسود أيضا لدى أذرعها، ومع تطورات الأوضاع بعد حرب غزة تم تدمير معظم تلك الأنفاق، كان بالإمكان توجيه استثمارات البناء العسكري المهول إلى الاستثمار في تحسين حياة شعبها والولوج إلى عالم التنمية بآفاقه الرحبة مستفيدة من التجارب التنموية الناجحة لدول الجوار وخاصة الخليجية.

    إن هناك دولا إقليمية مثل تركيا أيضا اختطت طريق التنمية مع اهتمامها ببناء القدرات العسكرية، وإن كانت لتركيا بعض أخطاء التدخل في بعض الدول توجسا من مخاطر الأكراد وطمعا في الاستحواذ على الثروات، فالعديد من الدول التي تتجه نحو البناء والتنمية تسعى دوما نحو تصفير المشاكل والتوترات مع دول الجوار والعالم حتى تتفرغ للبناء، فأيهما أفضل العيش على سطح الأرض في أمان وازدهار، أم العيش في الأنفاق تحت الأرض في خوف وتوجس؟ سؤال يجب التمعن فيه.

    نتمنى بعد الحرب الدائرة اليوم أن تظهر في إيران قيادة تفكر في الحياة والتعايش بدلا من ثقافة الموت والفناء، ونثق بأن هناك قيادات وتيارات شعبية في إيران تتوق لذلك.
    * "اختصاصي تطوير مؤسسي"

المزيد من مقالات (عبدالله محمد الجفري)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال