نشرت بعض الصحف والمواقع الإعلامية خبرًا عن العميد أبو بكر أحمد نائب مدير عام شرطة العاصمة عدن عن ضبط مكاتب متورطة بتنفيذ عمليات تزوير واسعة للبطائق الشخصية ووثائق ملكيات المركبات وتصاريح أمنية وقد مر الخبر مرور الكرام أمام الكثير من الناس دون إدراك خطورة هذه الأشكال من الجرائم وخاصة تزوير البطائق الشخصية التي تؤدي إلى خلل في المنظومة الأمنية والقيام بأعمال إرهابية وتزييف للتاريخ والهوية والمجتمع والتلاعب بالتركيبة الديمغرافية للمدن واكتساب الحقوق فيها والتسلل إلى الشركات ومؤسسات الدولة والتأثير على قراراتها السيادية.
تسهل استخدام الوثائق وبطائق الهوية المزيفة حركة التعامل اليومي للمجرمين من التسول وحتى بيع المخدرات، كما تفتح في نفس الوقت بابًا للفوضى في البلاد على مستوى أجهزة الدولة والأمن القومي والحياة المدنية وإلى صعوبات في عمليات البيع والشراء والحصول على القروض أو التقدم بطلبات للحصول على وظائف ..إلخ.
للأسف في الوقت الحاضر وبسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية القاتمة على الدولة والمجتمع الكثير من المجرمين والفاسدين لا يخضعون للعقوبات أو للقانون عند ممارستهم الواضحة للأنشطة الاحتيالية والتزوير، لأنهم محميون مناطقيًا وقبليًا وحزبيًّا.
في عدن من كثرة الفساد وجرائم التزوير التي تصل إلى الاحتيال الأكاديمي ومؤهلات مزيفة، غالبًا ما يتم تصوير هذه الجرائم في الثقافة الشعبية على أنها مسألة طبيعية وأداة غير ضارة.
القلق الحقيقي اليوم في عدن الذي يساور السكان هو إزاء الروابط بين الفساد وأشكال الجريمة الأخرى لا سيما غسل الأموال والجريمة المنظمة، التي في كثير من الأحيان تجد مصادر ربحها الرئيسية في توفير الوثائق المزورة والسلع والخدمات غير المشروعة والمقلدة التي يتزايد عليها الطلب العام، كما تشارك الجريمة المنظمة في استخدام الوثائق المزورة في أنشطة تمويل الإرهاب والاتجار بالمخدرات وحبوب المؤثرات العقلية والاتجار بالأسلحة والبشر وتهريب المهاجرين والسلع المقلدة والمنتجات الطبية المزيفة والممتلكات الثقافية.
نظرًا لأن الربح هو الهدف الأساسي لجماعات الجريمة المنظمة فإنها غالبًا ما تبذل جهودًا كبيرة لإخفاء هويتها الأصلية وحماية عائداتها من الأنشطة غير القانونية ويعني ذلك أن نطاق المناطق التي يمكن العثور عليها كثيرة وأن عددها في المجتمع أكبر بكثير مما يُعتقد عمومًا.
بعض الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية قامت فعليًّا بتعليق سيادة القانون على أراضيها بحجة حماية "الأمن القومي" وذلك بعد انتشار الوثائق وبطائق الهوية المزيفة بين السكان التي على ضوئها شرعت هذه الدول حينها إلى إجراءات استثنائية منها إلغاء حرية التنقل داخل أراضي الدولة على الفور وباشرت بفحص الوثائق والهويات لدى كافة المواطنين وامتدت المسائلة حتى إلى ضيوف الدولة القومية.
كل الاحترام والتقدير للأجهزة الأمنية في عدن، التي تعمل في ظروف صعبة وإمكانيات متواضعة.