عقدٌ من الزمن حتى مارس القادم واليمن يعيش أزمةً مستمرةً أنهكت شعبه، دمرت بنيته التحتية، وعمّقت معاناته الإنسانية. حربٌ طاحنةٌ تركت أثرها العميق على كل جوانب الحياة، من اقتصادٍ متدهور إلى خدماتٍ أساسية شبه معدومة، فضلًا عن مأساةٍ إنسانيةٍ تُعدّ من الأسوأ في العالم.
الأطفال هم الضحية الأكبر، حيث يعانون من سوء التغذية الحاد، وانعدام التعليم، وغياب الأمان. وفي الوقت نفسه، يواجه ملايين اليمنيين خطر الأمراض والأوبئة، بينما يعتمد معظمهم على المساعدات الإنسانية التي لا تكفي لتلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم.
وبينما يعاني الشعب اليمني من الفقر والجوع والمرض، يزداد تجار الحروب ثراءً على حساب دماء الأبرياء ومستقبل الوطن. أولئك الذين يغذّون الصراع لتحقيق مكاسب شخصية وسياسية يقفون عقبةً أمام أي حلّ سياسي ينهي معاناة اليمنيين.
الميليشيات المسلحة، من مختلف الأطراف، لا تزال تمزق نسيج الوطن، محولة المدن إلى ساحات قتال، حيث يتلاشى مفهوم الدولة وسيادة القانون. يتنافس هؤلاء على السلطة والنفوذ، غير آبهين بتكاليف الحرب التي يدفعها المدنيون من أرواحهم ومعيشتهم واستقرارهم.
الوطن يتشظى بسبب الأجندات المتضاربة، ودعم القوى الخارجية التي تستغل الوضع لتحقيق مصالحها. كل هذا يزيد من تعقيد الأزمة، ويجعل الوصول إلى السلام أكثر صعوبة. لكن يبقى الأمل قائمًا بأن يتحقق وعي وطني جامع يضع مصلحة اليمن فوق كل اعتبار، ويعيد للوطن وحدته وللشعب كرامته.
ما قلته في 2016 كان ولا يزال حقيقة مرّة يعيشها اليمن يومًا بعد يوم. الوطن يتهاوى تحت ضربات الأطماع الداخلية والخارجية، حيث اجتمع على اليمن شتات الداخل وصراعات الخارج لتدميره.
في الداخل، تعمّقت الخلافات بين القوى السياسية والقبلية، واستغلّت الميليشيات حالة الفراغ لتفرض نفوذها بالقوة. وفي الخارج، لعبت التدخلات الإقليمية والدولية دورًا كبيرًا في إذكاء نار الحرب، كل طرف يسعى لتحقيق مصالحه على حساب سيادة اليمن واستقرار شعبه.
هذا الواقع يُظهر كيف يمكن للأيدي الداخلية المتصارعة، الممزوجة بأجندات خارجية، أن تدمر وطنًا كان يومًا ينبض بالحياة، ويترك شعبه رهينة للمأساة. لكن يبقى السؤال: متى يعي الجميع أن اليمن لن يُبنى إلا بتكاتف أبنائه ووقف العبث الخارجي؟
رغم كل ذلك، يبقى الشعب اليمني مثالًا للصمود والأمل، يبحث عن السلام وسط الركام، وعن مستقبلٍ ينهي سنوات الألم ويعيد لليمن استقراره وازدهاره.