فنان كاريكاتير يمني يكرس فنه وحياته للمبادرات الإنسانية

> "الأيام" العرب:

>
رشاد السامعي رسام كاريكاتير بارز يقيم في مدينة تعز جنوب غرب اليمن، أحد الشباب الذين سخروا نشاطهم من أجل العمل الإنساني إلى جانب عملهم الفني الذي يناقش قضايا متعددة بينها المأساة الإنسانية في البلاد.

يكرس الفنان الأربعيني حياته من أجل الفن والرسم، إضافة إلى العمل الإنساني الذي خصص له مساحة لافتة في صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، استجابة لاستمرار تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية في اليمن.

  • دعم إنساني متعدد

ويقوم السامعي بنشر منشورات في صفحته التي يتابعها نحو 150 ألف شخص توضح حالات إنسانية بحاجة إلى الإسناد المعيشي أو الصحي أو الخدمي، ويستجيب فاعلو الخير بتبرعات تفيد الأسر المحتاجة أو الأشخاص المعوزين.

وفي معرض حديثنا معه يفيد السامعي بأن أبرز الدوافع التي حفزته للانخراط في العمل الإنساني هي الأوضاع الصعبة التي يعاني منها اليمنيون جراء تداعيات الحرب.

ويوضح السامعي “في ظل الحرب الجاثمة على اليمنيين، تبدلت أحوال الناس وفقد الكثير منهم مصادر عيشهم، وتضاعفت المعاناة، وظهرت الكثير من المبادرات التي تحاول التخفيف من وطأة الحرب”.

ويضيف “وجدت نفسي أمام تحدّ جديد إلى جانب رسم الكاريكاتير الذي هو في الأساس رسالة إنسانية تصارع من أجل كرامة الإنسان”.

ويستدرك “لكن وجدت أن علي التزام أخلاقي آخر أستطيع القيام به عبر صفحتي، وأستغل شعبيتي كرسام لخلق مبادرات إنسانية، وإن لم تكن منظمة”.

ويتابع السامعي” أحاول في حدود قدرتي وإمكانياتي (…) العمل الإنساني حساس وملفت، وفي كل مرة أكون مترددا قبل الخوض في أي مبادرة، بسبب المسؤولية التي يخلفها هذا العمل”.

ويحظى نشاط الفنان السامعي بمتابعة فاعلة من قبل الجمهور اليمني، حيث وصلت بعض المنشورات الإنسانية إلى نحو 20 ألف إعجاب، كدليل على تشجيع كبير من قبل المواطنين.

وفي حديثه عن ردود أفعال اليمنيين بشأن نشاطه الإنساني، يفيد السامعي بأنه “تتفاوت الردود بين مشجعة ومحبطة، وبين من يبارك خطوتك ويلمزك (…) هذا طبيعي جدا (…) لكن في المجمل أجد التفاعل والتشجيع”.

ويضيف “مع هذا قد تنجح مبادرة معينة وقد تفشل أخرى، وقد يتفاعل الناس في موضوع ويتجاهلون موضوعا آخر، لكن الإيجابي في الأمر أن المواطن اليمني أو المغترب اليمني رغم ظروفهم الحالية والتزاماتهم والتعقيدات التي يعيشونها لم يتخلوا عن الجانب الإنساني ويتفاعلون مع أي قضية تمس كرامة الناس، أو مبادرة من شأنها التخفيف من معاناة الآخرين”.

ويشير السامعي إلى أبرز القصص أو الحالات الإنسانية التي دفعته إلى القيام بإعانتها، قائلا “عندما تجد أستاذك ومعلمك يبيع الحلوى على قارعة الطريق ما هو شعورك؟ كان هذا واحدا من المواقف التي واجهتني، وحاولت عبر مبادرة متواضعة أن أوفر له ما يغنيه عن الوقوف طويلا وصون كرامته بمشروع عبر جمع تبرعات تفاعل الناس معها”.

وإضافة إلى ذلك “تم العمل على تسديد إيجارات متراكمة لبعض الأسر، مع صنع كشك صغير (دكان صغير) لمتعفف يريد العمل، ومساعدة مرضى ضاق بهم الحال، وتوفير حقائب وأحذية مدرسية لأطفال تسربوا من المدرسة بسبب الفقر”.

وفي الفترة الأخيرة، حرص السامعي على صنع التحدي في صفحته على فيسبوك من أجل العمل الإنساني.

ويلخص السامعي الأمر قائلا “راودتني فكرة التحدي التي أنفذها في صفحتي مع التجار مقابل مبالغ مالية تذهب لصالح أعمال إنسانية، بحيث نشرك الجمهور والمتابعين في هذه الأعمال الخيرية، من خلال دعم المواقع الإلكترونية التجارية ومتابعتها وتنشيط صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي”.

ولفت إلى أن “المستفيد الأكبر من هذه المبادرة هم الطلاب الجامعيون القادمون من الأرياف للدراسة في المدينة. قمت بتوفير بعض احتياجاتهم من بطانيات وفرش ومنظومات طاقة شمسية وخزانات ماء وأدوات مطبخ.. أعمل بحسب المتوفر، وهو بسيط مقارنة باحتياج الطلاب وعددهم”.

  • الفن لغة عالمية

نتيجة ظروف الحرب، بات معظم سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، دون أفق واضح بشأن إنهاء النزاع.

وفي تعليقه حول الوضع الإنساني في بلاده يتحدث السامعي “لن أبالغ إن قلت إنه كارثي، فكل التقارير الدولية تشير إلى ذلك، بسبب استمرار الحرب وتدهور العملة وارتفاع أسعار المواد الأساسية والأدوية وتفشي الأوبئة”.

ويشدد الفنان اليمني على أنه “لا حل لهذا الوضع الكارثي سوى وقف الاقتتال، واستعادة حياة الناس وأمنهم وتحسين معيشتهم”.

ويؤكد السامعي على أهمية الكاريكاتير في مختلف القضايا الحيوية، ويرى في حديثه أن “العمل الفني لغة إنسانية عالمية. يتجاوز اللغة ويصل إلى الجميع”.

ويرى السامعي أن “رسالة الكاريكاتير مؤثرة وذات قدرة كبيرة على توجيه الرأي ولفت الأنظار بأقل وقت وأقل تكلفة”.

ويشير إلى نقطة مهمة بهذا الشأن “العمل الفني أيضا يحتاج إلى موقف شجاع وشعور بالمسؤولية من قبل الفنان، ويحتاج إلى صدق وتفان لتصل الرسالة”.

ويواجه الفنانون صعوبات متعددة في اليمن، جراء تداعيات الحرب التي لم يسلم منها أحد.

وفي هذا السياق يرى السامعي أن “الفنان جزء من المجتمع ويعاني كغيره، حيث توقف الكثير عن ممارسة الفن وذهبوا لتأمين لقمة العيش، أو شردتهم الحرب وقتلت بعضهم”.

ويضيف “من يعمل حاليا أو مازال مستمرا، فهو يعمل في ظروف صعبة للغاية، ويبذل جهدا مضاعفا لينتج أعمالا فنية، بينما هو والشغف لديه بين كر وفر، وصراع دائم بسبب ضغوط الحياة والتزاماتها، وبسبب أن الفن لا يوفر مصدر دخل آمنا للمبدع”.

وفي سياق نظرته إلى مستقبل اليمن القريب يختم السامعي حديثه “نظرتي لا بد أن تكون نظرة إيجابية متفائلة مهما كانت الضغوط، ولا بد للفنان أن ينشر التفاؤل والأمل، فهو كالشمعة قُدّر له أن يحترق ليضيء”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى