هجمات البحر الأحمر بين أهداف الحوثيين ومصالح أمريكا

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
​أشعل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مياه البحر الأحمر وسواحله، فمنذ 19 أكتوبر، أطلقت جماعة أنصار الله الحوثيين هجماتها ضد السفن المملوكة لإسرائيليين أو المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.

وفي يناير، بدأ تحالف "حارس الازدهار"، الذي تقوده الولايات المتحدة وتشارك فيه بريطانيا بشكل رئيسي، باستهداف معاقل جماعة الحوثيين في اليمن، مما أدى لتوسيع نطاق عمليات الجماعة لتشمل السفن المرتبطة بواشنطن ولندن أيضًا.

شكل هذا التصعيد محل اهتمام وقلق لأغلب الجهات الفاعلة في المنطقة والعالم، من دول ومنظمات وشركات نقل، فمضيق باب المندب والبحر الأحمر يعدان عقدة رئيسية في طرق الشحن البحرية العالمية، ويؤدي استمرار هذه الهجمات إلى تحويل حركة المرور البحرية عن البحر الأحمر إلى أفريقيا.
  • تباين في الردع
تتباين وجهات النظر الأميركية تجاه سبل ردع الحوثيين، فتحالف "حارس الازدهار" يضم 24 دولة بقيادة القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية، لكن بريطانيا وحدها هي التي شاركت أميركا في استهداف مواقع الحوثيين في اليمن.
حيث شنتا ضربات أبرزها في يومي 11 و22 يناير 2024، ويومي 3 و24 فبراير 2024.

ومن خلال ذلك، تسعى واشنطن، وفقًا لتقرير خدمة أبحاث الكونجرس، لتجنب مزيد من التورط المباشر في اليمن خشية اتساع نطاق الصراع في المنطقة، وتحرص على الحفاظ على الهدنة في اليمن وتعزيز جهود السلام التي تدعمها الأمم المتحدة، واستعادة الأمن البحري في المنطقة.

لكن في المقابل، فأمام هذه المخاطر المتزايدة، تبرز في أروقة واشنطن دعوات لتوجيه ضربات أكبر ضد الحوثيين واستئصالهم، ما حدا بلجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس لعقد اجتماع في 14 فبراير 2024 لمناقشة هذه القضية.
خلال الاجتماع، قدم مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جون ألترمان طرحًا مغايرًا، مشيرًا إلى أن التصعيد العسكري ضد الحوثيين قد يعزز الأهداف الإيرانية وينعكس سلبًا على الاستقرار اليمني، والذي "قد يدفع العديد من الحلفاء إلى التشكيك في قيمة الدعم الأمريكي".

وأشار ألترمان إلى أن سياسة "الضغط الأقصى" الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب لم تنجح، وأن الردع المطلوب لن يتحقق ما لم يشعر قادة الحوثيين ومن ورائهم إيران أن لديهم خيارًا مريحًا في مقابل خيارات التصعيد المؤلمة، "وليس مجرد السعي إلى هزيمتهم في ساحة المعركة".
  • نتائج العمليات
منذ نوفمبر 2024، بلغت الهجمات التي شنها الحوثيون في البحر أكثر من 52 هجومًا، وفقًا للقيادة البحرية الأميركية، بينما قال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي إن قواته استهدفت 102 من السفن العابرة لمضيق باب المندب.
كان أبرز هذه الهجمات مؤخرًا في العاشر من أبريل 2024، حيث استهدفت 3 سفن أمريكية وإسرائيلية، بعدها وفي اليوم الـ24 أعلن الحوثيون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائيلية، في كل من خليج عدن والمحيط الهندي.

ووفقًا لمؤسسة "فيتش سوليوشنز" فإن ضربات الحوثيين تراجعت نتيجة "ضعف مخزونهم من الأسلحة المتطورة، التي دمرت الضربات الأميركية والبريطانية المشتركة جزءًا كبيرًا منها، فضلًا عن الأضرار التي لحقت مراكز القيادة والسيطرة لديهم"، وفق المؤسسة.

والشهر الماضي، نقل موقع بلومبيرج عن اللواء جورج ويكوف، قائد الأسطول الأمريكي لعملية البحر الأحمر، قوله إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة استطاع خفض قدرات جماعة الحوثيين، لكن "ما زال أمامه كثير من العمل قبل إنجاز المهمة"، وفق تعبيره.

وأوضح ويكوف أنه لا يمكن التنبؤ بموعد إنجاز المهمة بسبب الدعم الاستخباري والعسكري الذي يتلقاه الحوثيون من إيران.

استمرار العمليات
لكن في المقابل، أكد زعيم جماعة أنصار الله استمرار العمليات وتوسيعها، وتقويتها في بحر العرب والبحر الأحمر والمحيط الهندي، وقال "إن الانتشار البحري الأميركي هو الذي تراجع، وليس عمليات الجماعة في المنطقة"، ولا يزال التكهن بنتائج الضربات الأمريكية البريطانية على الحوثيين صعبًا الآن.

ومن المهم الإشارة في هذا الصدد إلى تقرير نشره موقع "ناشونال إنترست" الأمريكي قال فيه إن ما يحدث في البحر الأحمر يُظهر أن عدد السفن الحربية لدى أي بلد لم يعد مهما في تقييم قدرته على إغلاق الممرات البحرية والسيطرة عليها.

وأوضح تقرير الكاتب الأمريكي رامون ماركس، أن تطوير الصواريخ المضادة للسفن والمسيرات الرخيصة قد أحدث ثورة في الحرب البحرية، تماما كما فعلت حاملات الطائرات في القرن الماضي.

ورغم القوة النارية لدى البحرية الأمريكية، يؤكد الكاتب، فإن الحوثيين لا يزالون متماسكين ويهاجمون بانتظام السفن التجارية في البحر الأحمر والسفن الحربية الأمريكية، وفي مارس الماضي، أطلقوا صاروخًا مضادًا للسفن على السفينة الحربية "يو إس إس لابون"، التي يقال إن بناءها كلف ما يقرب من مليار دولار.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "تلجراف" البريطانية يتمتع الحوثيون بميزة صاحب الأرض، ذلك أن اليمن دولة مطلة على البحر الأحمر، وهم بالتالي على دراية تامة بأحوال البحر والمناخ، وكلتا هاتين النقطتين في صالح الطرف المهاجم، وفقًا للمقال.
  • تداعيات التصعيد
ومن المتوقع أن يواصل الحوثيون هجماتهم، كما أكدوا ذلك مرارًا، التي تُظهر جديتها في إلحاق الضرر بالسفن المستهدفة.
ومتوقع أيضًا أن تأخذ السفن المدنية وشركات التأمين غير المرتبطة بإسرائيل في الاعتبار خطورة وقوع خطأ من الحوثيين في تحديد هوية السفن وتمييزها، خاصة أن الضربات الأمريكية والبريطانية دمرت بعض منشآت رادار الدفاع الجوي لديهم.

وسوف تكون هناك تكلفة عالية لعمل السفن التي تمر من المياه القريبة من اليمن، خلال الفترة القادمة، إما لمخاطر عمليات احتجازها، أو ارتفاع رسوم التأمين عليها، وهو ما يعني ارتفاع تكلفة عمل هذه السفن ورفع الأجور التي تحصل عليها.

كما أن كثيرًا من السفن ستتجنب الإبحار عبر البحر الأحمر أو قرب السواحل اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، وستواصل اعتمادها أكثر فأكثر على الطريق المار عبر رأس الرجاء الصالح سواء باتجاه آسيا أو أوروبا.
لكن هذا الطريق يجعل من رحلة هذه السفن أطول وأكثر تكلفة، حيث ستحتاج السفن المبحرة من آسيا إلى أوروبا لأكثر من 30 يومًا تقريبا للوصول إلى موانئ إسبانيا، مقارنة بحوالي 19 يومًا عبر البحر الأحمر وقناة السويس، وفقا لتقرير معهد واشنطن.
"الجزيرة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى