"الأيام" تقترب من صراع المواطنين مع أسعار الملابس في شوارع عدن

> ريم رامي محمد:

>
  • تحولات مؤلمة في السوق.. انكسار فرحة آلاف الأسر
  • معركة التفاوض في المعارض.. ارتفاع الأسعار يجعل شراء الملابس تحديا
> مع حلول شهر رمضان المبارك، يتطلع الأطفال بفرح وحماس لتجديد خزانة ملابسهم واقتناء الأحذية الجديدة التي تعوض تلك التي أصبحت ممزقة ومهترئة، لكن الواقع يفضح أحلامهم، فالمعارض تتحول إلى ساحات معركة حيث تشتعل الأسعار وتخنق الفرص للتفاوض.


تجسد الشوارع الضيقة لعدن صورة حية لمعاناة المواطنين، حيث يتشارك الشباب والفتيات مع أصحاب المحال في نفس الصراع اليومي.

سهيم عبدالرحيم
سهيم عبدالرحيم
يقول سهيم عبدالرحيم، عامل في أحد محلات الملابس بشارع حسن علي، إن تعقيدات الجمارك تجعل البضائع تمر بعمليات جمارك متكررة، مما يرفع من تكاليفها بشكل ملحوظ، مؤكدًا أن هذا الوضع يؤثر على التجار والمواطنين على حد سواء، ويضطرهم إلى اللجوء إلى فترات التخفيضات للتمكن من شراء ما يحتاجونه بأسعار مناسبة لميزانيتهم".

ويتابع :"عندما تأتي من دولة "الإمارات العربية المتحدة" عبر "البر" هنا تكون أول جمركة بالحدود منفذ (شحن) في محافظة المهرة، والمرة الثانية؛ في (المكلا) عاصمة محافظة حضرموت، هذا من غير صرف مبالغ نقدية للنقاط العسكرية والأمنية في الطرق، وعندما تصل إلينا البضاعة نبيعها على حسب السعر باليوم التي وصلت إلينا، مضيفاً بأن هذا يضر بالتاجر والمواطن على حدٍّ سواء، ولم يعد باستطاعتهم أن يشتروا أكثر من بدلة لأطفالهم، مردفًا بأن أكثر المواطنين يشترون في موسم "التخفيضات" لأن الأسعار تناسب مستوى دخلهم نوعا ما".

تشهد الأسواق في شوارع عدن حالة من التحول المؤلم، حيث يعكس كل زاوية من زواياها قصة حياة تعانيها الشرائح الفقيرة والمتوسطة.
ياسر أحمد محمود
ياسر أحمد محمود


يؤكد ياسر أحمد محمود، عامل في محل للملابس بشارع السبيل، أن الوضع الراهن يتركز حول ثلاثة جوانب رئيسية: دخل الزبون، وقوة الشراء، وأسعار البضائع.

يوضح ياسر أن دخل الزبون، خاصة من حاملي الرواتب الحكومية، لا يزال محصورًا، بينما تتزايد تكاليف المعيشة بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة العملة المحلية. ومن جهة أخرى، تضعف قوة الشراء مما يعكس تراجع القدرة على الشراء بشكل عام.

مناف وليد رسام
مناف وليد رسام
من جانبه، يؤكد مناف وليد، رسام في أحد محلات الشارع نفسه، على أن دخل المحلات قد تأثر سلبًا في السنوات الأخيرة، مع تراجع القوة الشرائية للمواطنين نتيجة ارتفاع أسعار البضائع والعوامل الاقتصادية الأخرى مثل ارتفاع سعر الصرف وزيادة تكاليف الإيجارات والجمارك والضرائب. هذه الظروف أدت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بينما لم يتغير دخل المواطنين، ما يجعل الأمور تتعقد أكثر.

تشير تجارب عملاء المحلات في شوارع عدن إلى تحولات مؤلمة تعكس الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه الكثيرون. يتابع مناف، إن الناس لم تعد تولي اهتمامًا كبيرًا بالملابس كما كانت في السابق، فالأولوية الآن للمواد الغذائية الأساسية، التي تعتبر أكثر أهمية في نظر الكثيرين. ورغم ذلك، يحرصون في المحل على تقديم البضائع بأسعار مناسبة تتناسب مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها الناس.

وبالنسبة لعدد العمال في المحلات، فإن مناف يشير إلى أن هذا الأمر يعتمد على حركة السوق، فقد يكون هناك حاجة لزيادة العمال أو تقليص أعدادهم استنادًا إلى الطلب والإمكانيات المتاحة.

ويؤكد مالك محل تجاري في شارع المتحف أن الأوضاع الاقتصادية تتغير باستمرار، ويقول إن ارتفاع سعر الصرف وتكاليف الإيجارات والجمارك والضرائب كلها تسببت في زيادة تكاليف المعيشة وتدهور قدرة الشراء، مما يضطر التجار إلى رفع الأسعار لتعويض الخسائر التي يتكبدها.


وأضاف أن المواطنين وخاصة الموظفين في المرافق الحكومية لا تكفيهم رواتبهم، وفي الجهة المقابلة تضطر عدد من المحلات إلى رفع الأسعار جراء دفع إيجار المعرض، والالتزام بتسديد رواتب العمال، وكذا رسوم الضرائب وفواتير الكهرباء وإلى آخره، فيضطر البائع إلى أن يعوض تلك الخسائر بربح في القطعة الواحدة من أجل أن يُـماشي الوضع الحالي، وهذا يُـبيِّـن أن التاجر يعيش وضع سيء إلى جانب المواطن.

محمد الزامكي
محمد الزامكي
وفي سياق متصل، يذكر محمد الزامكي، عامل في محل للملابس بشارع الشيخ عبدالله، أن الزبائن كانوا في السنوات السابقة يشترون العديد من الملابس خلال شهر رمضان المبارك، لكن الوضع قد تغير بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما أثر على حجم البيع ودخل المحل بشكل عام.

من جهته، يقول أحد عمال محل في شارع الشيخ عبدالله ويدعى علي ياسر محمد: "إذا كنا نبيع على حسب الصرف اليومي عندما يرتفع، فإن الزبون سيتملكه الخوف ولن يدخل إلى المحل"، موضحا أن المكاسب من قبل كانت 50 %، واليوم تراجعت إلى الـ 10 %، وأضف إلى ذلك تسديد إيجارات المحلات التجارية في العاصمة عدن بالريال السعودي، ومن جهة أخرى تؤخذ من مالكي المعارض مبالغ للضرائب والزكاة، وترخيص المهنة، وكل شيء من هذا القبيل ارتفع سعره.

ويُشير علي ياسر إلى أنه من قبل عندما كان يستخرج ترخيص مزاولة المهنة فإن مقدار رسومها بـ 20 ألف ريال يمني، وأما الآن فارتفعت إلى 60 ألف ريال يمني، فالوضع السائد في البلاد سيئ..
علي ياسر محمد
علي ياسر محمد


ويضيف: "الزبون دائمًا ما يقول "إننا نشتري البضاعة بسعر رخيص، وعندما نبيعها، ترتفع أسعارها"، مردفًا أنه في الواقع نقوم باستيراد البضائع من الصين أو من تركيا، وتأتي بضائعنا عبر إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهنا ندفع مخاسير بالجمارك، مع عرقلة في الشحن وكل تلك المدفوعات ارتفعت كثيرًا".

وأفاد المواطن منصور علي محمد وهو من أبناء مديرية البريقة بأن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاع كبير للأسعار فمن الصعب على الشخص أن يُـوفِّـق بين عائلته وبين نفسه، ويضطر إلى أن يختار بين الأولويات والتي هي في المقام الأول العائلة قبل كل شيء، ومن ثم بعد ذلك ربما يُـنظر إلى الجانب الشخصي.

وأضاف منصور أن غلاء الأسعار صار في كل جوانب الحياة، كمتطلبات المنزل، من مواد غذائية مهمة، وغير ذلك من أمور المعيشة الكثيرة، وأما أسعار الملابس، فقد باتت أسعارها غير طبيعية، بحجة الصرف والإيجارات والشحن والجمارك والضرائب ومن هذه الأمور.


ومن تبعات هذا كله فإن المتضرر الأول والأخير هو المواطن.

وقال منصور علي بـ "أن الراتب ليس كافيًا، ولكنه شهر رمضان الخير والبركة".
منصور علي محمد
منصور علي محمد


وأبدت المواطنة ألفت محمد علي من مديرية دار سعد امتعاضها من الوضع الحالي للسوق، لافتة إلى أن الأسعار في الأسواق مرتفعة جدا وبشكل جنوني خلال هذا العام، مستطردةً أنه وفي السنين التي ذهبت كانت تشتري ملابس العيد لابنتها من 3 إلى 4 بدلات، أما هذه السنة فلم تستطع شراء بدلتين بسبب اشتعال الأسعار، وأن الرواتب قليلة جدا وأسعار السوق مرتفعة وكل شيء في ازدياد سواء أثمان المواد الغذائية أو إيجارات المنازل وكذا أسعار الملابس، وأسعار صرف العملة في صعود دائم، والراتب ثابت في محله، وهذا الذي جعل الشعب يعاني ولم يستطع شراء كسوة عيد متكاملة للأطفال.

خاص بـ "الأيام"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى