زياد أحمد السقاف وسلطة النص

> «الأيام» د. يحيى قاسم سهل:

> النص هو المجموعة الشعرية لزياد أحمد السقاف البالغ من العمر (16) ربيعاً، والموسومة (أحلام في الأفق نبنيها) والصادرة في بحر الشهر الفارط في صنعاء، عن مركز عبادي للدراسات والنشر، ضمن سلسلة (إبداعات يمانية) وتحتوي المجموعة على (28) قصيدة، وتتصدرها لوحة جميلة أضفت على غلافها الأنيق أناقة.

وزياد أحمد السقاف، لم يبحث عن من يقدم مجموعته، فقد قدمها بنفسه مرتين، الأولى في أول صفحات المجموعة بمقطع من قصيدته (آثر الشوق قلبي) :

(لا تظننّ أني نسيتك

أو في يوم سوف أطوي صفحات الكتاب قصتي في هواك لا يمحوها الألم

وما ترويها ألسنة العتاب

أنت اليوم ترجوني السماح

فأقولها نعم أحبك فلا ترتاب..)

والثانية على الغلاف الأخير للمجموعة بمقطع من قصيدته (ليلٌ في غياب الحبيب):

(وقد راح من الليالي سلوها

وبقي في الدار ما هو من المرّ أمر..

فحبيبي هجر بساتيني وذبل وردها

وما لقلبي سواه حبيب بصدره انغمر..

هو خلي وحبيبي وهو حياتي وزهوها

فالسعد لعمري دونه كالصحاري والمطر..

وبقيت أرتقب عودته وعيني الدمع يملؤها

فعاد عائماً بدمعي حبيبي المنتظر..)

إن هذه المقالة ليست هي الأخرى تقديما للواعد زياد أحمد السقاف، الذي يلتمس بمجموعته هذه الطريق إلى فضاء الشعر في زمن الناس فيه ليس لا تقرأ الشعر فحسب، بل إنها لا تقرأ سوى فواتير الماء والكهرباء.

كما أن هذه القراءة للمجموعة لا علاقة لها بالنقد ومدارسه ومناهجه، كما ليس لها صلة بالقراءة الانطباعية وما كان صنواً لها، ببساطة هذه قراءة احتفائية، ألم يكن العرب يحتفلون ويحتفون بميلاد شاعر في القبيلة ويقيمون ولائم ويقرعون الطبول ويفاخرون بأبيات من شاعرهم الجديد.

إني أفاخر وأزهو بفتى عمره (16) عاماً، ترك الصبا ورعونته وانشغل في أحلى أيام العمر بالشعر، كما أني في لحظات مغمورة بالفرح والسعادة بل إن سعادتي حد التماهي مع كل قصيدة في المجموعة.

وأياً كانت الملاحظات والآراء التي ستنثر هنا وهناك، فهذه سمة الكتابة وناموسها. والأهم أن المجموعة خرجت للناس، واستقل بسلطته، وليس هناك معايير جامعة مانعة للحكم على نص ما. فكل نص له سره وسحره الخاص.

إن المتصفح للمجموعة، يحس أنه إزاء نبع انبجس من بين الصخور ويلتمس طريقه ولا ولن تستطيع أي قوة عرقلة تدفقه.

وقد تسللت كثيراً في قصائد المجموعة، ولحظت أن الشاعر منذ باكورته يكافح ليكون سيد نفسه، وبذلك يجسد ما يقوله في قصيدته (أقنعة الحب):

(وكن سيد نفسك تقوى على العز) ص 28

ولو سلمنا أن الشاب زياد قد غامر. فالسؤال: هل سيكسب الرهان؟

ذلك ما ستقرره الأيام ولو أنني أتمنى أن يصل يوماً إلى مبتغاه، وإن كنت أجزم أنه دون شك سيصل. وهذا ليس من بنات أفكاري، بل هذا ما يقرره الشاعر الواعد في أكثر من مكان من مجموعته الشعرية، اقرأ:

(ويأسٌُ من الأحلام قد انتحر..

قد علمتُ خفايا الحياة وأسرارها

فمن أصرّ على النصر بإصراره انتصر..

ومن تشبث بحبال الله كلها

قاوم التيار وإلى الضفة عبر..) ص11

أو (فليس للمنى قيود تقيدها

وما المستحيل للحلم حاكمه..) ص63

أو (فسأجعل من دمي سماً

أبيد به من يقف بين فكري ومرجاه..

وإن نفد الدم من عرقي

وعدت إلى العظيم لألقاه..) ص 84

وكذلك:

(واحفظ نفيس الدمع وانظر للأفق

واعزم أنك واصلٌ بعيد المدى..)

أخيراً أتمنى لزياد أحمد السقاف أن يصل وأن تغدو (أحلام في الأفق نبنيها) أحلاماً على الأرض، وذلك سيتأتى له بكده وكدحه ومثابرته واعتزازه وثقته بنفسه، وحتماً سيجد مكاناً له في فضاء الشعر، بل وفي المشهد الثقافي اليمني برمته.

كاتب وأستاذ جامعي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى