طوني كوكوتش آخر رجال «السلالة الحاكمة» ينهي ولايته

> بيروت «الأيام الرياضي» أ.ف.ب:

> عندما دخل لاعب كرة السلة الكرواتي طوني كوكوتش عالم الدوري الاميركي للمحترفين "أن بي آي"، كانت الصورة مختلفة عما هي عليه الآن حيث تفشى العنصر الاجنبي بشكل واسع، مما اعطى اشهر دوري للسلة صفة العالمية.

ويدرك المتابعون ان كوكوتش هو من ابرز رواد الحقبة التي عمد خلالها مفوّض الدوري الاميركي للمحترفين ديفيد شتيرن الى جذب اهتمام جميع بلدان المعمورة من دون استثناء الى اللعبة وال"أن بي آي" في شكل خاص، مطلقا تصريحه الشهير ردا على ماهية الخطوة المجهولة للبعض وقتذاك "اذا كان لديك لاعبون دوليون، فإن العالم كله سيشاهدك".

من هنا، كان كوكوتش ومعه اليوغوسلافيان درازن بتروفيتش وفلادي ديفاتش والليتواني ارفيداس سابونيس، الحجر الاساس للهجرة الاوروبية، فاتحين المجال امام الالمان والفرنسيين والاتراك ورجال البلقان بجنسياتهم المختلفة لخوض مغامرة الدوري الاقوى الذي يمثل "الحلم الاميركي" بالنسبة الى ممارسي كرة السلة حول العالم.

اذا كان التأثير الاولي لكوكوتش كبيرا على عالم "أن بي آي"، لكن هذا الامر لم يسعفه مؤخرا بعد 13 موسما احرز خلالها اللقب الاسمى ثلاث مرات مع شيكاغو بولز، اذ فشل في مغازلته القيمين على الاخير للعودة الى صفوفه او حتى تجديد عقده مع ميلووكي باكس، ليعلن اعتزاله على الرغم من اهتمام عدد لا يستهان به من النواد للتعاقد معه في الوقت الذي اراد فيه خوض جولة اخرى في سن ال38 عاما مع احد فريقي شيكاغو او ميلووكي القريبتين من مكان اقامته في هايلاند بارك في إيلينوي.

وقال كوكوتش "اعتقد ان الامر انتهى، وجاء الوقت للابتعاد عن عالم كرة السلة التي اخذت جزءا كبيرا من حياتي واعطتني الكثير من الاشياء الرائعة. كان خياري الاخير شيكاغو او ميلووكي، لكن الاول بحاجة الى لاعب ارتكاز فيما يتطلع الثاني الى المنافسة بفريق شاب. اظن انني في طريقي لاستبدال الكرة البرتقالية بكرة الغولف البيضاء".

ويعد اعتزال كوكوتش خاتمة للقصة الخرافية التي خطها اكثر من لاعب في تسعينات القرن الماضي مع شيكاغو بولز، يصح فيهم لقب "السلالة الحاكمة" لفرضهم سطوتهم على الدوري الاميركي للمحترفين، ولم يكن قد بقي ناشطا منهم في الملاعب سوى "الكرواتي المثير" الذي كان الخيط الوحيد المتبقي بين الاسطورة السلوية لشيكاغو والواقع المتجدد التي تشهده اللعبة الآن مع دخولها عصرا جديدا بقيادة نجوم اميركيين واوروبيين جدد.

وليس هناك حاجة للسرد الكثير في القول ان كوكوتش كان مثال اللاعب الاوروبي الناجح في الدوري الاميركي، والذي حظي بنجومية موازية لابناء بلاد "العم سام" على غرار ما يحظى به حاليا لاعب دالاس مافريكس الالماني ديرك نوفيتسكي، اذ برز الكرواتي بقدرته على اللعب في المراكز الخمسة المختلفة على ارض الملعب واشتهر بتسديداته القاتلة البعيدة المدى بحيث صعب على المدافعين الحد من خطورته.

وعموما لم يتأثر كوكوتش بتغيير الاسلوب عليه بعدما انتقل الى "الجنة الاميركية" تاركا "القارة العجوز"، وبدا اقوى واكثر ثقة بالنفس مما كان عليه عندما استهل مسيرته مع يوغوبلاستيكا سبليت الذي فاز معه بالبطولة المحلية ثلاث مرات متتالية اضافة الى البطولة الاوروبية عام 1990، قبل ان يحط به الرحال في بينيتون تريفيزو الايطالي الذي جدد معه الانجاز القاري مضيفا اليه لقب افضل لاعب في اوروبا ثلاث مرات.

وتعتبر الانجازات الدولية لـ"عنكبوت سبليت" وهو احد الالقاب الكثيرة التي اطلقت عليه، في مقدمة الاسباب التي ايقظت الاميركيين للاهتمام به، اذ سبق ان احرز بطولة العالم للشباب عام 1987 والميدالية الفضية مرتين في دورتي الالعاب الاولمبية عامي 1988 و1992 حيث شكل ثلاثيا ساحرا مع بتروفيتش ودينو رادجا اللذين كانا على رأس الفريق الفائز على ارضه ببطولةالعالم عام 1990.

وعلى الرغم من اختياره من قبل شيكاغو بولز في "درافت" عام 1990، بقي كوكوتش يلعب في اوروبا حتى تم استدعاؤه من قبل "الثيران" بعد ثلاث سنوات اي فور اعلان "الاسطورة" مايكل جوردان اعتزاله في شكل مفاجىء.

ولعب "الساحر الابيض" دورا بارزا في موسمه الاول حيث شغل دور البديل المساند لسكوتي بيبين وهوراس غرانت، فتم اختياره ضمن فريق "كل النجوم" للاعبين الذين يخوضون موسمهم الاول في ال"أن بي آي".

واذ بدأت مقارنة كوكوتش بلاعب لوس انجيلس لايكرز السابق إيرفين "ماجيك" جونسون لبراعته في التسديد والمراوغة والتمرير في آن معا، تحول الكرواتي الى التشكيلة الاساسية لملء الفراغ الذي خلفه رحيل غرانت فحل ثانيا خلف بيبين كأفضل مسجل وملتقط للكرات المرتدة وممرر للكرات الحاسمة في الفريق.

ومع عودة جوردان عن اعتزاله موسم 1995-1996 واستقدام دينيس رودمان، ابقى المدرب التاريخي كوكوتش على مقاعد البدلاء، لكن الاخير فرض نفسه ثالث افضل مسجل في الفريق خلف جوردان وبيبين على التوالي، ما منحه جائزة افضل لاعب سادس بعدما ساهم في تسجيل شيكاغو افضل رقم في تاريخ الدوري العادي وهو 72 فوزا مقابل 10 خسائر فقط، في طريقه الى احراز اللقب الرابع في تاريخه.

وبقي كوكوتش في الموسمين اللاحقين بمثابة الورقة الرابحة مشكلا "الرباعي الذهبي" مع جوردان وبيبين ورودمان، الذين ادهشوا العالم بتفاهمهم غير المسبوق على ارض الملعب، ما اهلهم للاحتفاظ باللقب في 1997 و1998.

وبعد تفكك اواصر الفريق اواخر التسعينات، اضحى كوكوتش نجمه وهدافه الاول حتى قرر القيمون اعادة ترميم تشكيلتهم حيث شهدت الفترة رحيل الكرواتي الى فيلادلفيا سفنتي سيكسرز الذي لعب معه فترة قصيرة قبل انتقاله الى اتلانتا هوكس ومنه الى ميلووكي باكس في المواسم الاربعة الاخيرة، والذي قاده بخبرته الى "البلاي أوف".

اكثر من 5000 نقطة و1500 تمريرة حاسمة ترك عبرها "النادل" (لقب كوكوتش في اشارة الى دقة ايصاله الكرة الى السلة) بصماته في دوري العمالقة حيث تبقى الصورة الراسخة في اذهان من شهد مآثره، ارتقاءه في الهواء بالقميص الاحمر الشهير ليطلق بيده اليسرى الفتاكة احدى كراته الحاسمة البعيدة المدى (داون تاون) في اللحظة التي تلفظ فيها المباراة انفاسها الاخيرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى