> مقديشو «الأيام»جوليد محمد وسهل عبد الله :

طفلان صوماليان ينظران من نافذة منزلهما المدمر إلى جموع المتظاهرين من أجل السلام في يوليو الماضي بمقديشو
طفلان صوماليان ينظران من نافذة منزلهما المدمر إلى جموع المتظاهرين من أجل السلام في يوليو الماضي بمقديشو
بعد التجول في شوارع مقديشو التي تملؤها طلقات الرصاص لأسبوعين قال ماهش ايرا ومجدي بشير إنهما مندهشان من فرص التجارة التي توفرها العاصمة الصومالية المحطمة,فقد اشترى المستثمران كمية من المعدن الخردة تقدر قيمتها بملايين الدولارات من شركة في مقديشو وقد فعلا هذا دون الاستعانة بحراس مسلحين في خطوة غير معتادة في واحدة من اكثر مدن العالم انعداما للقانون والتي تتمتع الآن بقدر من النظام بعد 15 عاما من الفوضى.

وقال بشير وهو مصري يعمل لحساب مجموعة دانا ومقرها الكويت التي تضم شركات تتعامل في مجالات البناء والعقارات والأغذية وتكنولوجيا المعلومات "اشترينا بالفعل 27 طن متري من المعدن الخردة تزيد قيمتها عن خمسة ملايين دولار... سنحضر السكر والأسمنت... لدينا الكثير من الأفكار والخطط التجارية."

ويقول الإسلاميون الذين يسيطرون على مقديشو وجزء من الجنوب إنهم حققوا السلام بالعاصمة منذ أطاحوا بقادة الفصائل في يونيو الماضي. ويدفعون بأن هذا أغرى المستثمرين من كل حدب وصوب حتى من الصين.

وهناك حاجة ماسة للعملة الأجنبية في البلاد التي شهدت 14 محاولة لإقامة حكم مركزي فعال منذ الإطاحة بالدكتاتور محمد سياد بري عام 1991 لإعادة بناء اقتصادها الذي دمر وبنيتها التحتية التي هدمت.

كانت أصداء دوي إطلاق النيران تتردد في شوارع مقديشو ذات يوم حين كانت تجوبها شاحنات مزودة بأسلحة ثقيلة. اليوم يتجول مقاتلون اسلاميون في هدوء في انحاء العاصمة.

وقال ايرا وهو هندي "نحن اول مستثمرين اجانب يصلون الى مقديشو. نحن فقط بانتظار الضمانات الأمنية حتى نأتي لنستثمر هنا."

وأعاد الإسلاميون فتح مطار وميناء مقديشو حيث علقوا لافتات كتب عليها "لنبني الصومال معا". وكان المطار والميناء مغلقين لاكثر من عشر سنوات.

وبدأ الإسلاميون في إصدار تأشيرات.

وتزخر رحلات الطيران من كينيا ودبي بالمستثمرين الذين يعتريهم الفضول واللاجئين العائدين. ويضطر الركاب احيانا الى الانتظار لعدة ايام لحجز مقعد على الطائرات المكتظة.

ويحدق السكان في الطائرات اثناء هبوطها او إقلاعها فوق الأسطح المتهالكة وحين تحلق فوق المحيط الهندي.

جاء يانج جيان تشونج الى مقديشو لشراء الجلد غير المدبوغ حيث يقول إنه أرخص كثيرا في الصومال عن دبي التي اعتاد شراء هذا المنتج منها من أجل مصنع الأحذية الذي يملكه في وسط الصين.

وكانت آخر مرة زار فيها مقديشو مع شريكه الصيني ماجين موسى في مايو حين كان الإسلاميون يقاتلون قادة الفصائل الذين تدعمهم الولايات المتحدة في معارك استمرت عدة أشهر وسقط خلالها مئات القتلى.لقد فر بسبب أعمال العنف.

وقال موسى نيابة عن يانج الذي لا يتحدث الانجليزية "نأمل الحصول على أربع حاويات (من الجلد غير المدبوغ)... كل شيء جديد هنا. هذا مفيد للتجارة."

وأضاف "آمل أن يتحقق السلام للصومال... الصومال يستطيع أن يصبح مثل دبي فهو يتمتع بالطقس الجيد وتكاليف المعيشة رخيصة وهناك الكثير من فرص التجارة."

ونادى يانج حكومته التي لها وجود قوي في افريقيا بالمساعدة في إعادة بناء الصومال حيث يعاني الملايين من البطالة.

ومضى يقول "آمل أن تساعد الحكومة الصينية الصومال. الصومال يمكن أن يتطور اذا تحقق السلام. الناس يستطيعون فعل الكثير." وللصومال حكومة مؤقتة مقرها بلدة بيدوة الإقليمية لكن صعود الإسلاميين يتحدى سلطتها ويطوق الإدارة المدعومة من الغرب من ثلاثة جوانب.

وجرت محادثات سلام بين الجانبين في السودان ومع صمود هدوء هش يأمل السكان في ازدهار فرص التجارة.

وقال يوسف علي وهو سائق سيارة أجرة اثناء قيادته سيارته في شارع مليء بالحفر في مقديشو "هناك سلام لكن ليس هناك مال.

"أصبح إطعام اولادنا صعبا للغاية. نحن بحاجة ماسة لأن تأتي الشركات الكبيرة وتساعد في ترميم طرقنا التي لحقت بها أضرار كبيرة."

عناصر من المحاكم الإسلامية يحرسون شاحنة محملة بالدقيق في 4 أكتوبر بمقديشو
عناصر من المحاكم الإسلامية يحرسون شاحنة محملة بالدقيق في 4 أكتوبر بمقديشو
ويقول بشير إن سكان مقديشو لديهم استعداد كبير للعمل بعد سنوات من القتال. وأضاف أن بعض النساء والرجال بدأوا ينظفون الشوارع ويخلون الطرق بمبادرة منهم.وأضاف "هذه علامة على أن الناس مستعدون للعمل. إنهم بحاجة الى المال حتى يعيشوا. نحن مستعدون أن نمدهم بالوظائف التي يحتاجونها."

وأضاف أن شركته ترغب في تعليم الصوماليين اشياء أخرى. وتابع قائلا "نحن حتى مستعدون لإنشاء فصول للناس هنا وتعليمهم مدى أهمية السلام."

ولم تختف أعمال العنف فقد قتل صحفي سويدي وراهبة ايطالية بالرصاص في مقديشو منذ سيطر عليها الإسلاميون لكن بشير وايرا قالا إنهما ليسا خائفين.

وقال بشير "نتطلع للقيام بأعمال صحية ومثمرة في الصومال."

وأوضح ايرا أنهما سيعودان بصحبة زملاء لهما من اطباء ومهندسين على سبيل المثال.وأضاف "البنية التحتية للطرق وقطاع الرعاية الصحية لهما الأولوية وهما بحاجة لتمويل عاجل.

"شركاؤنا سيأتون قريبا ليروا بأنفسهم... الفرص متوفرة هنا." رويترز