القضاء الاميركي يدين لويس ليبي بتهمة الكذب على القضاء

> واشنطن «الأيام» فاني كارير :

>
لويس ليبي المدير السابق لمكتب نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني مع محاميه أثناء خروجه من قاعة المحكمة
لويس ليبي المدير السابق لمكتب نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني مع محاميه أثناء خروجه من قاعة المحكمة
ادين المدير السابق لمكتب نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني، لويس ليبي أمس الأول بالكذب على القضاء في اطار فضيحة سياسية اعلامية تتعلق بتبرير الحرب على العراق في حكم اثار "حزن" الرئيس الاميركي جورج بوش ونائبه ديك تشيني، بينما اعتبره الديموقراطيون "كبش محرقة".

وهذا الرجل الوسيم والانيق ينتمي الى حركة المحافظين الجدد ويعتبر من كبار المهندسين لسياسة ادارة الرئيس جورج بوش في مجال الامن القومي.

وفي البيت الابيض حيث عمل منذ تسلم الرئيس جورج بوش مهامه حتى استقالته يوم توجيه الاتهام اليه في تشرين الاول/اكتوبر 2005، كان ليبي يجمع بين ثلاثة وظائف ضمنها منصب مستشار الرئيس.

واعتبر الصحافي السياسي بوب وودوارد في كتابه حول دخول الحرب ضد العراق بعنوان "خطة هجوم" ان "سكوتر "كان لوحده مركزا للحكم وبالتالي شكل دفعا قويا لبرنامج وافكار تشيني" في 2001.

وهو احد اكثر المتحمسين المدافعين عن فرضية وجود اسلحة دمار شامل في العراق التي لم يعثر على اي اثر لها على الاطلاق.

وهو الذي اعد محصلة حول تسلح الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين التي استند اليها وزير الخارجية في تلك الاونة كولن باول في خطابه امام مجلس الامن الدولي في شباط/فبراير لتبرير شن الحرب على العراق.

وجاء ليبي الذي تخرج من جامعة يال، للمرة الاولى الى واشنطن في 1981 بدعوة من بول ولفوويتز الذي يتولى حاليا رئاسة البنك الدولي، للالتحاق بوزارة الخارجية,وعمل في المحاماة ثم انضم الى مراكز فكرية قبل ان يصبح مستشار الجمهوريين.

وهذا الرجل الظل الذي يكاد ان لا يظهر في صور نائب الرئيس ديك تشيني ودائما في الصف الخلفي، ينتمي على حد قول بوب وودوارد "الى فئة مميزة من مسؤولي واشنطن.. فهو الرجل الحاضر دوما في الكواليس".

وقبل عشر سنوات كتب ليبي المولع بممارسة رياضة التزلج رواية تدور وقائعها في قرية يابانية نائية في 1903، بعنوان "المتدرب المبتدىء".

ونالت الاستحسان في الملحق الادبي لصحيفة نيوريورك تايمز ووصفت ب"نثر مرهف ومقتطفات وصفية مؤثرة".

وفي حال لم تتم مراجعة قضيته او فشل استئناف الحكم، فستحدد عقوبته في جلسات ستبدأ في حزيران/يونيو المقبل. وسيبقى حرا حاليا لكن قد يحكم عليه بالسجن 25 عاما.

وبعد محاكمة استمرت اكثر من شهر ونصف الشهر ومرافعات استمرت عشرة ايام، دانت هيئة محلفين في محكمة واشنطن الفدرالية ليبي (56 عاما) باربع من التهم الخمس التي كانت موجهة اليه ومن بينها عرقلة عمل القضاء والادلاء بشهادة زور,ومن المقرر عقد جلسة في الخامس من حزيران/يونيو لتحديد عقوبته,ويمكن ان يحكم على لويس ليبي الذي لم يتم توقيفه، بالسجن 25 عاما.

وتعود القضية الى تموز/يوليو 2003 عندما اتهم السفير السابق جوزف ويلسون ادارة الرئيس جورج بوش بتضخيم التهديد العراقي للولايات المتحدة، بعدما اكد بوش فيخطابه عن حالة الاتحاد في كانون الثاني/يناير 2003 ان الرئيس العراقي السابق صدام حسين حاول شراء كميات كبيرة من اليورانيوم من افريقيا.

وكشفت الصحف الاميركية بعد ذلك ان زوجة السفير ويلسون عميلة لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي.اي.ايه),وتم فتح تحقيق لتحديد هوية الجهة او الشخص الذي سرب اسم العميلة حيث ان ذلك يعد جريمة فدرالية.

وضجت واشنطن بالشائعات لاشهر. لكن في ايلول/سبتمبر الماضي، اعترف المساعد السابق لوزيرة الخارجية الاميركية ريتشارد ارميتاج انه كان وراء عملية التسريب لكن من دون قصد.

واكد الصحافيون ان كارل روف احد ابرز مستشاري الرئيس الاميركي هو المصدر الثاني لتسريب المعلومة.

واعلن المدعي العام باتريك فيتزجيرالد الذي عين لهذه القضية، أمس الأول ان القضاء لن يلاحق اي شخص بتهمة تسريب معلومات. وليبي هو الوحيد الذي يلاحق لانه قدم رواية غير صحيحة لاحاديث مع ثلاثة صحافيين اجراها في تموز/يوليو 2003,واستمع ليبي (56 عاما) الى الحكم بدون ان ينبس بكلمة.

العميلة فاليري بالمي
العميلة فاليري بالمي
وقال محاميه تيد ويلز انه يشعر "بالحزن العميق"، مؤكدا انه سيطلب مراجعة القضية، وفي حال الرفض سيبدأ اجراءات استئناف,وقال الرئيس بوش في بيان ان ادانة ليبي "احزنته".

واوضحت دانا بيرينا ان بوش تابع تقارير التلفزيون حول ادانة المدير السابق لمكتب تشيني، موضحة ان الرئيس الاميركي "يحترم حكم هيئة المحلفين ويشعر بالحزن تجاه سكوتر ليبي واسرته".

اما تشيني، فقد عبر عن "خيبة امله" و"حزنه". وقال في بيان "اشعر بخيبة امل عميقة لهذا الحكم واشعر بالاسى لسكوتر ولعائلته"، مؤكدا ان "سكوتر تميز بخدمة بلادنا بلا كلل او ملل طوال سنوات".

واوضح تشيني الذي كان ينوي ألا يدلي بأي تعليق حول القضية "حتى انتهاء المحاكمة"، ان "فريقه من المستشارين القانونيين اعلن انه يريد محاكمة جديدة، ورفع دعوى استئناف اذا كان ذلك ضروريا".

اما المعارضة الديموقراطية، فرأت ان ليبي دفع ثمن عمليات تلاعب عامة في البيت الابيض لكنها تخشى في الوقت نفسه صدور عفو رئاسي عنه.

وقال تشارلز شومر احد قادة الاغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ ان "الادلة التي قدمت في المحاكمة تدل بوضوح على تورط آخرين في التلاعب بالمعلومات وتنظيم تسريبات اعلامية بهدف ترهيب الذين يقولون الحقيقة".

واضاف شومر ان "الآخرين بقوا من دون عقاب وبعضهم ما زالوا في مناصبهم. انها ماساة".

واكدت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ان "المحاكمة كشفت صورة تثير القلق لعمل ادارة الرئيس بوش" التي اتسمت "باستهتار دنيء في التعامل مع المعلومات السرية واستعداد للافتراء عند مواجهة انتقادات بشأن العراق".

من جهته، رحب زعيم كتلة الديموقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد بادانة ليبي لكنه قال ان مسؤولين آخرين في الادارة يجب ان يحاسبوا على هذه الفضيحة.

وقال "حان الوقت لمحاسبة ادارة بوش على حملة التلاعب بالمعلومات والمس بمصداقية الانتقادات للحرب".

واضاف ان "لويس ليبي ادين (...) لكن محاكمته تكشف حقائق اعمق حول دور نائب الرئيس تشيني في هذه القضية"، معبرا عن امله في التزام بوش "عدم اصدار عفو عن ليبي".

اما السناتور الديموقراطي باراك اوباما فتحدث عن "فصل مشين" يعكس "ما يحدث عندما تفسد التكتيكات السياسية والايديولوجيا السياسة الخارجية او الامن القومي".

وبدأ النظر في هذه القضية في 16 كانون الثاني/يناير امام محكمة فدرالية بواشنطن ثم بدأت المداولات بعد اسبوع بعد مرحلة اختيار المحلفين الدقيقة,وكان هؤلاء بدأوا في 21 شباط/فبراير جلساتهم الخاصة للتشاور في طبيعة الحكم.

وانكر ليبي التهم الموجهة اليه في اطار قضية "بليم ويلسن" وقال ان انعدام الدقة في شهاداته يعود الى ذاكرته السيئة.

واستمع المحلفون لتسجيل لليبي يوضح فيه كيف فوجىء عندما عرف بهوية فاليري بليم في العاشر من تموز/يوليو 2003 بينما يؤكد الاتهام انه ناقش الامر مع تسعة اشخاص على الاقل في الشهر الذي سبقه.

وعلى مدار عدة اسابيع استمع الادعاء العام الى شهادات اغلب هؤلاء الاشخاص وبينهم صحافيون وعملاء استخبارات ومسؤولون في ادارة بوش كشفوا العلاقة الوثيقة بين ادارة بوش والصحافة والتي بنيت على اساس "السبق الصحافي" الذي يوزع بطريقة مدروسة وتسريبات منظمة.

كما كشفت جلسات الاستماع عن العمل الخفي عادة الذي قامت به الادارة الاميركية وخاصة نائب الرئيس ديك تشيني والمقربين منه للتشكيك في اي نقد يوجه للحرب على العراق,ودفع محامو ليبي بانه اتخذ كبش فداء من قبل الادارة الاميركية لحماية كارل روف.

غير انه حين جاء دور الدفاع لدعوة الشهود تخلى المحامون عن دعوة العديد من الشخصيات المعلن عنها وبينها تشيني. وبقي ليبي نفسه صامتا تاركا لمساعدين سابقين الاشارة الى ضعف ذاكرته. (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى