وتلك الأيــام .. يوم جاءت دثينة

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
كنا أول الصانعين للجمهوريات، حكم كل الناس والمدنية، في زمن التبعثر الذي ظل فيه العالم من حولنا، جاءت دثينة الفتية والتليدة جمهورية شوروية حكيمة، ولدت بأفكار أهلها وثقافتهم العميقة، حضارة ولدت حضارة، كان هذا السبق ناجحا وحقيقيا وليس خياليا يروى في ليالي السمر أو للتندر، كل شيء موجود، تراث هذه الجمهورية ورجالها وأدبياتها ونمط التنظيم للأحكام لايزال حيا يتنفس ويحفظه الكبار والباحثون والمثقفون في دثينة، كان اتحادا للقبائل والناس والمواطنين، نظام مثلما يقوم أي نظام في دولة، ومثله نشأت الأنظمة بالانقلابات والثورات في صنعاء وكل الجنوب بعدئذ، تقدمت هذه الجمهورية وفسرت كيف يمكن لنا أن نروي الثرات الذي ساد لحضارات رائعة في كل الجنوب العربي آنذاك، هناك ثقافة طغت وهي ثقافة اجتماعية ناهضة إنسانية جسدت حقيقة الفكر الذي دفع به التاريخ دهرا بعد دهر.

نشأت جمهورية دثينة في مناطق الوضيع ومودية وزارة وماجاورها، ولأنني لست من هناك لكنني قرأت عن هذه الجمهورية المبكرة وأنا طالب في المتوسطة عبر منشورات اتحاد الجنوب العربي الذي سلط الضوء، وأتذكر أني ظللت مدة طويلة احتفظ بهذه المعلومة حتى مطلع الاستقلال، ولماذا جاءت دثينة المكان والنظام والسكان، لقد ارتقى فكر الناس هناك وطغى لديهم روح السلام والبناء وتوجهوا لبعث أمتهم أولا ووقف النزاعات وتحقيق مجتمع مدني يخدم المنطقة وكل ما جاورها، ونجح هذا وجاء المجلس الجمهوري الدثيني وسكرتيره وأعضاؤه بالانتخاب من كل الشرائح والفخائذ والفروع المدنية والقبلية والدينية والوجاهة، ويوم جاءت دثينة جاء السلام! إذ وجد هؤلاء القوم من سكان مودية ولودر والوضيع وزارة أنهم بهذه الخطوة التأسيسية التي أحدثت نظاما مماثلا لا ينفرد عن هذا وإنما هو امتداد له، قد سبقوا نصف الدول العربية والآسيوية والأفريقية وأمريكا اللاتينية، وسجل لهم التاريخ (يوم جاءت دثينة جاء السلام).

وبعد كل هذا لم تقف دثينة وحدها خرج منها رجالها المناضلون، مثقفون وأدباء وسياسيون وعسكريون ومفكرون أبرزهم المناضل علوي السقاف المناضل الجسور وعلي ناصر محمد وأحمد سالم محمد الحنكي الشهيد وآل عشال وآل ميسري وصف كبير لعب دورا مؤثرا في الحياة السياسية ما قبل الاستقلال وما بعده وإلى اليوم ولكن بماذا نصف هذه الجمهورية التي ظهرت في الجنوب العربي قبل ما يقرب من نصف قرن مضى، لست مؤرخا ولا باحثا إلا أن التلميح هو ما نقصده من المقالة، فإذا جاءت دثينة صوتاً وصورة للتجسيد المدني القبلي المتنور في هذه المنطقة، فإن التسميات اختلفت في مناطق أخرى وإن سادت مثل هذه الأنماط المدنية المتقدمة، هناك الإقليم الحمومي و(سارحة عمرو) والمجلس الاتحادي في هذا الاتحاد الكبير والحضاري، وهناك المكاتب اليافعية ونظام التسلسل بها وهي شكل اتحادي قبلي مدني حقق أغراضا للسلام والرفعة، وهناك اتحادات قوية راقية الشكل والمضمون مثل الاتحاد الشنفري في حضرموت وقبائله وبني ظنة وقبائل نهد الحاكمة وأدبياتها الوضاءة وكذلك قبائل العوالق مجمتمعة ذات الأصل العربي القوي، وقالوا.. ياريتنا عولقي، وما اتسم به زمنهم ومازال يفصح.

كل هذا لأننا وإن احتضنتنا سهول وجبال اسمها مثل كل التسميات لقبائلنا إلا أننا اتحادات شرعت المدنية من الصبيحة إلى شخاوي من المشقاص وجاذب في المهرة، وأولها جمهورية الجزيرة والجنوب (دثينة).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى