أيــام الأيــام .. في الضالع مشاكل جمة وأبرزها أراضي الأوقاف

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
في زيارة خاطفة لي إلى مدينة الضالع قبل أيام فرضتها علي ظروف اجتماعية وكنت في غاية الشوق إليها، جمعتني الصدفة بأشخاص لم يكن لي بهم سابق معرفة ولكنني عند لقائي بهم أحسست أنني أعرفهم منذ مدة طويلة فقد وجدت فيهم الطيبة والنقاء والنخوة، وفي جلسة مسائية حضرها جمع من أهل مدينة الضالع يتصدرهم عدد من أعيانها الأفاضل تم مناقشة الأوضاع العامة في البلاد كارتفاع الأسعار الذي كان له تأثير سلبي وكبير على المستوى المعيشي لكافة الناس بوجه عام ولكن آثاره الشديدة كانت على الشريحة العظمى من الفقراء في المجتمع بصورة خاصة، وبطبيعة الحال كان لهذا الارتفاع الأثر البالغ على محافظة الضالع كغيرها من محافظات الجمهورية. وكالعادة في مثل هذه الجلسات يتم الانتقال في الحديث من موضوع لآخر ولكن بالرغم من حدوث ذلك إلا أن الحديث تركز بدرجة أساسية على المشاكل التي تعاني منها محافظة الضالع وقد اندهشت جدا لبعض الأمور عند سماعها فمثلا تزود مدينة الضالع عاصمة المحافظة بالمياه يوما واحدا كل عشرة أيام، أي ثلاثة أيام في الشهر، وفي بقية الأيام يعتمد الناس في المدينة على شراء مياه مما يسمى بالبوزات (سيارات خزان المياه) وكما هو معروف يقال إن الماء هو الحياة أي أن مدينة الضالع تعيش دون حياة. وما اندهشت له أيضا ما سمعته من أن كل مدراء العموم بالمحافظة ليسوا من أبنائها بل من خارجها ما عدا الصحة والرياضة، ومثل هذه الممارسة الخاطئة من قبل السلطة قد نبهنا لها مع غيرنا في أكثر من مقالة وطالبنا بأن يلعب أبناء كل محافظة دورا أكبر في قيادتها وذلك من خلال وجودهم في مواقع اتخاذ القرار بالمحافظة ما أمكن.

ولا نعتقد أن محافظة الضالع تفتقر إلى مثل هذه العناصر من أبنائها، كما أشير في الحديث إلى مشاكل انقطاعات الكهرباء المستمر والفساد المتفشي في الدوائر الحكومية بصورة عامة ولكن أبرز المشاكل تكمن في أراضي الأوقاف، التي قيل عنها إنها تحتل أكثر من خمسين في المئة من حجم القضايا المقدمة إلى محاكم المحافظة. والجدير بالإشارة أن أراضي الأوقاف في الضالع نوعان: أراض عامة وأراض خاصة، فالعامة توقف باسم مسجد أو مساجد معينة وتتولى الجهات الرسمية إدارتها وتخصص مواردها -كما يفترض- لصالح الجهة الموقوف لها. أما الأوقاف الخاصة فيطلق عليها (وقف تحت نظارة الذرية) أي تحت إشراف عائلة معينة يتولاه جيلاً بعد جيل أفراد منها وهي التي تدير وتشرف على تلك الأراضي وليس الجهات الرسمية. والخلل الموجود في إدارة أوقاف الضالع أنها تبرم -كما قيل لنا- عقوداً للأراضي لمستأجرين لها قدماء أو جدد دون أن تتاكد من الوثائق الأصلية والصحيحة وتتهاون في هذا الجانب بشكل ملحوظ الأمر الذي يثير استغراباً وتساؤلات كثيرة. فكلما علمنا أنه عندما تم الاستيلاء على الأراضي الموقوفة وغير الموقوفة خلال فترة الحكم الذي سبق الوحدة في الجنوب فقد كانت تسجل عنها معلومات تفصيلية تتضمن اسم المالك الأصلي لها أو اسم العائلة التي تشرف عليها في حالة الوقف الخاص تحت نظارة الذرية. ومادامت عمليات توثيق الأراضي مضبوطة وواضحة ودقيقة فلم يتم إصدار عقود تأجير جديدة مشبوهة من إدارة الأوقاف تجعل أصحاب الشأن يضطرون إلى اللجوء للمحاكم وإشغالها في قضايا هي في غنى عنها.

وكما قيل لنا فإن المحاكم في الضالع قد أصدرت أحكاما ألغت بموجبها كثيرا من تلك العقود غير الصحيحة، ونحن بدورنا نسجل تقديرنا لتلك المحاكم لوقوفها إلى جانب الحق. ولكن المشكلة تكمن في التنفيذ فبعض تلك الأحكام لم يتم تنفيذها بعد. والخلاصة أن للمحافظات الجنوبية خصوصيات ومنها أراضي الأوقاف في محافظة الضالع، على السلطة مراعاتها ومراعاة مشاعر أهلها فأبناؤها أكثر دراية بأمورها من غيرهم وأهل مكة أدرى بشعابها كما يقول المثل، والمطلوب من أهل الضالع أن يرصوا صفوفهم وأن يتخلوا عن الصغائر التي تفرقهم إذا ما ارادوا نهضة ومصلحة محافظتهم. والله الموفق.

كبير خبراء سابق بالامم المتحدة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى