نحتاج إلى شيء من الحكمة والهدوء

> د. سمير عبدالرحمن شميري:

> (لست عرافاً، ولا أجيد قراءة الكف، ولا علاقة لي بالفناجين سوى رشف القهوة ساعات الصباح)، حسب تعبير الأستاذ صلاح الساير، ولكني أعتقد أن تهديد الأستاذ هشام باشراحيل رئيس تحرير صحيفة «الأيام» بالتصفية الجسدية، واعتقال الكاتب والناشط السياسي أحمد عمر بن فريد، والعميد ناصر علي النوبة، واستخدام القوة الغليظة المشحونة بمضامين العنف ضد المعتصمين في عدن والمكلا ستدفع بالأمور إلى قاع هوة سحيقة ستؤدي إلى سلسلة من الاحتكاكات والاصطدامات والمواقف التوتيرية للأوضاع.

فالأمور تحتاج إلى قراءة رشيدة للواقع وتحتاج إلى حكمة وبصيرة وتعقل ومعالجات لبيبة للمعضلات التي سببت انطلاق شرارة الاحتجاجات. فالعقليات الجافة التي نمت وترعرعت في أحضان الشمولية وتشبعت بثقافة الطاعة والخنوع والعسف والمنع وتكميم العقول والأفواه، تعتقد أن استخدام القوة هو الحل الأمثل لمصائبنا ولا تكترث للإنسان وحقوقه وآدميته، ولا تستسيغ المكاشفة والمصارحة، ولا تريد سماع أصوات الناس التي تئن بلحن حزين (فالناس الذين يحسنون استخدام المطرقة فقط ينظرون إلى كل مشكلة على أنها مسمار) - ماسلو.

سنكذب على أنفسنا لو اعتقدنا أننا سنحل مشاكلنا عبر مؤسسات العنف وبالشعارات وقصائد المديح والخطابات المشحونة بالعواطف والتمنيات، أو بالأحاسيس المترفة بالغرور، دون أن نخطو قيد أنملة صوب الإصلاحات الشاملة التي لا تستند على المراوغات والترقيع للخروم.

فمن الصعب على أنسان يشعر بإحباط مزمن ويشم رائحة العطب والعفونة من حوله وتنهش أضلاعه مخالب البؤس والشقاء ويعاني تمزقات روحية ومعيشية، أن يتذوق طعم الوطن والهناء المجتمعي لأن (أغرب الغرباء من صار غريباً في وطنه) - أبو حيان التوحيدي.

إن بعض التصرفات الرعناء قد ساهمت بشكل كبير في ارتفاع نسبة الكُره الاجتماعي وتمزيق عُرى الوحدة الوطنية، فالأمور معقدة لا يجوز تبسيطها والإبحار في جدل عقيم وتعميمات بعيدة عما يعتمل في غميس الواقع. فالمجتمع يعيش حالة من الهلهلة جعلت البعض لا يرى في حياته بريق أمل.

علينا أن نخرج من الأبراج العاجية ونعترف بمشاكل المجتمع العويصة، فلا يمكن علاج المريض الذي لا يعترف بمرضه، ولا يمكن معالجة مشاكلنا دون أن نعترف بوجودها، لأن ذلك يؤدي إلى تراكم متاريس الإحباط في النفوس وتتراكم السلبيات وتفسد شرايين الحياة.

فهل نغمض أعيننا وندفن الحقائق ونزور الأحداث ونقول كل شيء على ما يرام؟!! وهل نشتم ونعاقب من يشير بسبابته إلى أوجاع المجتمع ويدلنا على مواطن الضعف؟!!

علينا أن نصلح الأمور بوطنية حقة في جو من الحوار والانفتاح والتسامح والمراجعة والحرية والمواطنة المتساوية، علينا أن نتسلح بالصراحة ونبعد الغشاوة عن أعيننا ونتجنب استغفال الناس، فالعدل أساس الوحدة والنماء أو كما قال عمرو بن مسعدة (أعظم الناس أجراً، وأنبههم ذكراً من لا يرضى بموت العدل في دولته).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى