الوحدة أم والانفصال خالة!

> سيف العسلي:

> إن تعامل البعض مع الوحدة بنفس طريقة تعامل الأبناء مع زوجة الأب (الخالة) أمر غير مفهوم ولا مبرر، فالوحدة لليمنيين مثل الأم للأبناء سواء بسواء.

لولا الأم لما وجد الأبناء ولولا حنان الأم لتولدت لدى الأبناء عقد نفسية لا حصر لها ولكانت حياتهم لا معنى لها حتى وإن نجحوا في حياتهم العملية والعلمية.

لا يهم الأبناء المطيعين لأمهاتهم شكل الأم ولا أصلها و لا غناها ولا فقرها، الأبناء لا يختارون أمهاتهم ولكنهم يقدرون لهن تضحيتهن في سبيل تربيتهم والحرص على مصالحهم.

فالوحدة مثل الأم لأنها تحتضن أبناء اليمن جميعاً حتى أولئك الذين جاهروا وبالغوا في عقوقها، هي لم تنبذهم ولم تتخل عنهم ولم تعاقبهم حتى بعد أن تآمروا على قتلها، الوحدة مثل الأم لأنها لم تنكر أبناءها حتى أولئك الذين أنكروا أنهم أبناؤها وحاولوا البحث عن أم أخرى غيرها، الوحدة مثل الأم لأنها تسهر على رعاية أبنائها حتى أولئك الذين يحرضون أباهم ضدها ليطلقها ويتزوج غيرها، الوحدة مثل الأم لأنها تتسامح مع ممارسات أبنائها حتى أولئك الذين انحازوا لزوجاتهم في خلافاتهن معها، حتى ولو كن هن المخطئات، الوحدة هي الأم لأنها تصل أبناءها حتى أولئك الذين عمداً هجروها.

ومن غريب الأمور أن يتعامل البعض مع الوحدة (الأم) على أنها خالة، فمن يبرر الانفصال أو من يحمل الوحدة أخطاء بعض أبنائها هو في الحقيقة يعاملها كأنها خالته زوجة أبيه، إذ إنه من غير المعقول أن يتهم البعض الوحدة زوراً بأنها قد تسببت في الاستيلاء على ممتلكاتهم ونهب أراضيهم وتسريحهم من أعمالهم، ومن غير المقبول أن يحمل البعض الوحدة مسئولية ارتفاع أسعار السلع ونشر الخوف بين الناس، لقد بلغ العقوق بالبعض أن يحمل الوحدة مسئولية كسله وفشله في عمله وإهماله في تعليمه، وعدم نجاحه في الزواج ممن يحب وتطليقه زوجته وإجباره بناته على الزواج بمن لا يحببن، وتقصيره في توفير الغذاء والكساء والعلاج لأولاده لأنه أصبح مدمناً على القات والسجائر!

إن عقوق هؤلاء لأمهم (الوحدة) قد جعلهم يفضلون نار الانفصال (الخالة) على جنة الوحدة (الأم) مع أن المواطنين في ظل الانفصال لم يكونوا يملكون شيئاً، ولم يكن يسمح لهم بالتحكم حتى في أنفسهم، ناهيك عن السماح لهم بامتلاك المنازل أو السيارات أو الشركات والأراضي، فكيف يمكن المفاضلة بين الأم (الوحدة) والخالة (الانفصال)؟!

في ظل الانفصال (الخالة) كان المواطن يتوجس حذراً من ابنه وأبيه وزوجته وصديقه وكل من حوله، فكيف يتجرأ البعض على المطالبة بالتضحية بالوحدة مقابل عودة الانفصال؟!

وفي ظل الانفصال (الخالة) كان يقتل بعض الموطنين، وفي بعض الأحيان لهوياتهم لأنهم من الضالع أو من أبين أو من بقية المحافظات، فكيف يزعمون أنه في ظل الوحدة (الأم) يتم التمييز في الوظائف والمرتبات والحقوق ضد أبناء الجنوب؟!

وفي ظل الوحدة قد يكون بعض الأبناء قد ارتكب أخطاءً بقصد أو بدون قصد في حق البعض الآخر لكن ذلك ليس ذنب (الأم)، فقد كان ينبغي أن يوجه اللوم والنقد وإنزال العقاب بمن مارس هذه الأخطاء، وفي ظل الأم (الوحدة) يمكن تتبع تلك الأخطاء ومعالجتها ومعاقبة من يصر على ممارستها؛ لأن الأم (الوحدة) ستكون السياج الواقي من تفكك الأسرة وإطلاق العنان للانتقام والتعصب.

أما في ظل الخالة (الانفصال) فإن الأخطاء ستستمر لأن معالجتها ستكون صعبة ومكلفة، فكلما حاول بعض العقلاء التدخل للأخذ على يد المخطئين فإن الخالة ستعمل على إفشال هذه الجهود من خلال اختلاق الإشاعات وتشجيع بعض الأبناء على الانتقام من الأبناء الآخرين.

لذلك فإنه لا مبرر على الإطلاق لمن يحاول تحميل الوحدة أخطاء البعض ولا مبرر للتضحية بالوحدة مقابل أوهام الانفصال، فالعقل يقول إن الخالة لا يمكن أن تكون بديلاً عن الأم مهما ادعت بأنها ستكون كذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى