وثيقة العهد والاتفاق هي الحل ..أقترح دعوة علي البيض وعلي ناصر والعطاس وآخرين للتحاور مع الرئيس بضمانات إقليمية ودولية

> عبدالله الأصنج:

> بداية أوجز القول أن الرئيس يشاور ويتشاور وحوله من المشاورين والمستشارين العديد.. بس لو صدقوه القول والرأي وأخلصوا له في العمل لكان حاله وحال الشعب الوطني في خير . فكثير ممن حول الرئيس هم آخر من يستحق الموقع الذي يحتله.

ومعروف أن حجم موارد اليمن المالية من النفط والغاز والمعادن وما يتلقاه الرئيس من دعم خارجي خليجي وسعودي وليبي وأمريكي وياباني وأوروبي يزداد بشكل غير مألوف وتضاف إليه قروض وضمانات وفق عقود واتفاقيات أبرمتها الحكومات المتعاقبة على مدى ثلاثة عقود بعذر حاجة لتنفيذ مشاريع مرسومة في برامج وخطط للتنمية.

وفي تقدير خبراء في علوم الاقتصاد والمحاسبة المالية والإدارية وأصول الميزانية العامة للدولة فإن حصيلة هذه الموارد المالية كانت تكفي لإخراج اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه من دوامة الفشل والسقوط في مستنقع الفساد والبطالة والتخلف والفقر والحروب. وكانت كافية أيضاً لتفادي كل أسباب سخط الجماهير وعدم التصدي الأهوج لوسائل تعبير سلمية بالقمع الوحشي، واعتماد سياسات هضم وقضم الحقوق وإغلاق أبواب الرزق وإلغاء حق الاحتفاط بالوظيفة مدنية كانت أم عسكرية تطبيقاً لسياسة خرقاء تقوم على أسس جهوية وتقديرات غوغائية ومزاجية لا تقرها أنظمة ولا قوانين لم نسمع قولاً ولا رأياً فيها لوزير مختص في سياق تبرير اتخاذها. فالعسكور المتنفذ في الجيش والأمن ومن يعملون في خدمتهم في المحافظات الجنوبية والشرقية هم جهة القرار دون منازع. وبينما تمتلئ وتعج مفاصل النظام بقطط الموائد من أهل النقاق والشقاق الذين أوصلوا اليمن وأهله إلى الدرك الأسفل ودفعوا بالوطن إلى قاع الفشل داخلياً ودولياً تزداد أحوال المواطنين سوءاً تحت وطأة غلاء معيشة فاحش وبطالة قاتلة تعمق اليأس في النفوس وبالتالي تتسع دوائر انعدام ثقة في قدرة سلطة تائهة على معالجة المواقف الصعبة بعقلانية. وفي جو الفشل الذي يعلن عن نفسه يتم تشكيل حكومات فتنازية يجيد من يتولى فيها المسئولية فن الجعجعة في سبيل البقاء حتى تنتفخ البطون من نهب خيرات الوطن. فلا خدمات تعليم ولا صحة ولا مياه شرب وكهرباء ولا مواصلات متوفرة في أدنى مستوياتها، ويستمر الكلام عنها والثرثرة الممجوجة لمجرد الخداع عبر الإعلام الداخلي والخارجي. ولأعوام ثلاثة تتواصل مأساة الحرب في صعدة حيث سقط ويسقط ضحاياها في صفوف المدنيين والعسكريين سواء بسواء ويعم الخراب والدمار والموت كل نواحي وقرى هذه المحافظة المجيدة بتاريخها ومكانتها العلمية. ولا يجد المواطن بداية سبباً مقبولاً لإشعالها ولا يفهم مبرراً شرعياً أو حتى منطقياً لاستمرارها. كما لا يوجد مصدر مطلع في أرجاء اليمن على تفاصيلها ليجود بتفسير للأسباب والمبررات التي صنعت الكارثة. فالوزراء المتعاقبون والنواب المتكلمون والعسكر المدججون والأحزاب المعارضة والموالية ليس لديهم أدنى علم ببداياتها ولا رأي لهم في أسس وأفق الحل السلمي لها. فالحرب قرار يجهله الجميع وعلمه محصور في جهة ما!

والحقيقة كم هو محزن وكارثي الاعتراف دون مواربة أن الواقع الذي يعيشه اليمنيون لا يبشر بخير ولا يبرر أدنى تفاؤل في تحسن وشيك يفتح مجالا لإحلال استرخاء سياسي وأمني وقبول مشروع تسويات شاملة ممكنة لحزمة مشاكل تنتظر انفراجاً وحلاً منذ ثلاثين عاماً، فالإعلان عن اللجان التي لا يملك المشاركون فيها صلاحية تذكر لتنفيذ الحلول التي يرون صحتها. فهم كما يعلم الناس مجرد دمى وعرائس مولد لا تهش ولا تنش. والمصداقية في دائرة القرار تراوح عند نقطة البداية والرغبة غير حقيقية في التعامل مع قضايا ساخنة ومصيرية. كما أن تقبل الحلول الجذرية اللازمة للتسوية في صعدة أو حضرموت وشبوة وعدن ولحج وتعز والضالع الحديدة ومأرب وإب والجوف وحجة وغيرها ماتزال حبيسة أوهام خوف وغل. كما أن دعوة العقلاء وأهل الحل والعقد للمشاركة في البحث عن تسويات عادلة ماتزال تنتظر تجرعها لتشفي حالة مرضية قد يكون بيد من يعانون منها القرار الشافي. وكما فشلت لجان سابقة فإن الفشل ينتظر جديدها. ولن نذهب بعيداً ففي صعدة لجنة وساطة أمير دولة قطر تتعثر في كل مرة تلوح فيها بارقة أمل لأن الرئيس ومن حوله ينشدون حلاً يلبي ما في النفس. ولجنة الوساطة القطرية في حيرة وورطة فهي مسؤولة عما يمكن أن تعلنه دون مراعاة طرف السلطة على حساب الطرف الآخر خاصة وأن السلطة قد تراجعت بعد هياج إعلامي عن اتهام إيران وليببا بتمويل وتسليح الحوثيين وأطلق وكيل الخارجية اليمنية محي الدين الضبي حكم براءة القذافي وأحمدي نجاد من دماء أهل الصعدة والجيش خلافاً لما ورد من قبل على لسان وزير الخارجية القربي ووزير الداخلية العليمي ومنابر إعلام الدولة بوضع ليبيا وإيران في قفص الاتهام. هذا حال صعدة وأما الحال في حضرموت والمحافظات الجنوبية فإن أسباب الاعتصامات والمظاهرات السلمية هي نتيجة طبيعية لسياسات فاشلة وعاجزة عن حل مشاكل معيشية والاستهانة بحقوق سياسية خاصة وعامة للناس. ولا يوجد أي مبرر كاف للخداع أو التحايل على هذه الحقيقة بإطلاق سيل التهم والتلويح بمحاكمات قد عفى عليها الزمن وتجاوزتها المرحلة. فالادعاء باطل ومرفوض عن وجود دعم خارجي لحركة سلمية تعبر عن غضب أصحاب حقوق مسلوبة. وفي الحالتين صعدة وفي الجنوب فإن تجاهل حق المشاركة المتكافئة في رسم وصياغة حاضر ومستقبل اليمن وفق النصوص الدستورية والمبادئ العامة للديمقرطية التي التزم بها الرئيس من خلال برنامجه الانتخابي الأخير الذي شكل عقد ولاية لا سبيل للقفز عليه بالتجاهل والإلغاء المعلن وغير المعلن فالعواقب ستكون أكثر من وخيمة وما الإعلان المفاجئ للرئيس عن مشروع تعديلات دستورية والتحول إلى الجمع بين رئاسة الدولة والحكومة وفترة الولاية سوى مشروع يوحي بالديمومة والسرمدية ونسيان حق الأمة في ممارسة مبدأ التداول السلمي للسلطة. وهذا يزيد الموقف الداخلي تعقيدا وصعوبة.

ولما كانت مسؤولية الجميع تتركز في البحث عن مخرج وحل ينهي أزمة في غاية العصوبة والتقعيد، فإن التسوية الممكنة تكمن بالعودة إلى وثيقة العهد والاتفاق المبرمة بين الرئيس علي عبدالله صالح ونائبه علي سالم البيض التي جرى التوقيع عليها في العاصمة الأردنية عمان في فبراير 1994م وشهد عليها كل من المغفور له الملك حسين بن طلال وعصمت عبدالمجيد والوزير العماني يوسف العلوي والوزير عمرو موسى ومن اليمنيين الشيخ عبدالله الأحمر والشيخ سنان بولحوم والرئيس علي ناصر محمد والمهندس حيدر أبوبكر العطاس والمفكر الإسلامي اليمني إبراهيم بن علي الوزير والشهيدان يحيى المتوكل ومجاهد بوشوارب وعبدالرحمن الجفري وقاسم سلام ومقرر اللقاء أحمد جابر عفيف وعبدالملك المخلافي وحشد كبير من المهتمين بالشأن اليمني. وأذكر بالمناسبة حين كنت في القاهرة أنني تلقيت مكالمة هاتفية من الرئيس علي عبدالله صالح يدعوني للمشاركة بالوصول فاعتذرت له معللاًَ أن البركة في الحشيد الكبير (فالسلطة روسي وعليها سكر salade russe).

إن هذ الوثيقة التاريخية التي تناساها رئيس ووزراء وقادة أحزاب ومشايخ نجدهم الآن يتباكون من هول الكارثة التي حلت باليمن من جراء تناسيها. وعليهم للنجاة الاصطفاف وراء الوثيقة والرجوع إليها فهي وحدها التي توفر حلاً ينتقل باليمن من مرحلة ضياع وفشل وتشرذم إلى مرحلة وئام وبناء ومشاركة فعلية وتعاون، ويوفر للجميع مخرجاً جميلاً ومشرفاً. ولتكن بداية خير أن يعلن الرئيس إقراراً غير مشروط بوثيقة العهد والاتفاق والعودة إلى ما نصت عليه من بنود تضمنت حق المشاركة في إدارة شؤون وطن يتسع لكل أبنائه لا مكان فيه للفساد وللمفسدين وللمتنفذين ولا تعلو أصوات المنافقين ونهيقهم أو تمتد أيدي اللصوص إلى أموال الشعب وحقوق المظلومين والمقهورين دون حساب وعقاب.

إن الخيار للحل الذي ينفع الشعب والوطن ممكن في تقديري بالعودة الى وثيقة العهد والاتفاق. وهذا الخيار قد يكون المناسب اليوم وأقل تكلفة وصعوبة. ولتكن الخطوة الثانية المباشرة بعد الإعلان عن الالتزام بتنفيذ ما تنص عليه وثيقة العهد والاتفاق أن يبدأ الرئيس بدعوة الرئيسين علي سالم البيض وعلي ناصر محمد والمهندس حيدر العطاس ورموز الإصلاح عبدالوهاب الآنسي وحميد الأحمر ومحمد اليدومي ومحمد قحطان ومن الاشتراكي محمد مسدوس ود. ياسين نعمان ود. عبدالعزيز الدالي وعبدالرحمن الوالي وعلي هيثم الغريب وأحمد الحسني وحسن باعوم ويختار من المؤتمر سلطان البركاني ومجاهد القهالي ود صالح باصرة وعبدالقادر هلال ود. حسن مكي وعبدالكريم الإرياني وعلي الآنسي وعبده بورجي ومن أحزاب أخرى محمد الرباعي ومحمد عبدالملك وقاسم الوزير ومستقلين مثل نجيب اليابلي ومحمد باشرين وطه سعد وأحمد عمر بن فريد ود. محمد عبدالله باشراحيل وأبوبكر شفيق ود. عبدالله الفقيه ود. قاسم سلام والمخلافي ود. عبدالوهاب محمود وعبدالرحمن الجفري وأحمد محمد علي عثمان وبدر باسنيد ود. محمد علي السقاف ود. أبوبكر السقاف وآخرين، للتشاور في الأمر في ظل وساطة وضمانات إقليمية عربية ودولية رديفة وهي خطوة توفر مخرجاً جميلاً للأطراف المعنية وتضع نهاية سعيدة لواقع يمني مأساوي، وللتواصل بعد ذلك المسيرة على طريق السلامة والنجاة التي يتمناها كل محب لليمن وتتضاءل معها احتمالات التمادي في التصعيد والمواجهات واستخدام القوة المفرطة لمواجهة موقف بالإمكان احتواؤه والتغلب على صعوبته بعودة الوعي وبوضع مصلحة الأمة والوطن فوق كل اعتبار آخر حزبي أو شخصي عسكري أو قبلي. تتولى الأطراف المعنية مع الرئيس تحديد موعد للاستفتاء على الخطوات الإجرائية والفترة الزمنية وموعداً قريباً لانتخابات عامة تحت إشراف قضائي دولي يتفق عليه.

ومعلوم أن المشاركة في صنع القرار المصيري وتصريف شئون الوطن وبناء دولة النظام والقانون للجميع هي مسئولة جسيمة لم تعد في وسع رئيس منفرد أو قبيلة لوحدها أو عساكر الفرص وعصابات الإثراء غير المشروع أن يتحملوا نتائج وعواقب عواصف سياسية وبراكين غضب تعم اليمن كله تنذر بإحداث انهيارات أمنية واقتصادية واجتماعية ماثلة للعيان فالعاقل من اتعظ.

هذه خلاصة قراءة سريعة لأحداث في اليمن قد أكون مصيباً في بعض منها أو مخطئاً في البعض الآخر. فعذراً لمن أختلف معهم وشكراً لمن أتفق معهم في هذه القراءة لمشكلة عويصة في اليمن ومرئيات الحل الأنسب والممكن لها.

e-mail:[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى