وتلك الأيــام .. يوم المصالحة الوطنية واستعادة الوطن

> أبوبكر السقاف:

> إن 13 يناير لايجب أن يكون إلا يوما للمصالحة الوطنية والتسامح والإخاء، والاغتسال من كل أدران الماضي وجهالاته وجرائمه وأخطائه الجسيمة، حتى يمهد الجنوبيون ذلك الالتفات الجاد إلى الذين عانوا منذ الاستقلال وبعد وحدة 7/7/94م، ويتجسد يوم المصالحة برد الاعتبار المعنوي والمادي لكل الذين عانوا رجالا ونساء، ولكن هذا أمر لايمكن تحقيقه إلا بعد أن يستعيد الجنوبيون الوطن ويمارسوا وطنيتهم عبر حق تقرير المصير، لأن انهيار الوحدة لم يكن في أهم وأخطر جوانبه إلا رفض الوطنية الشمالية الاعتراف بالوطنية الجنوبية* لصوغ مشروع وحدة قابلة للاستمرار، وهذه هي الجناية الكبرى التي أحدثتها الوحدة الفورية الاندماجية على شعبي الجنوب والشمال، (فمن طلب الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه)، لكن (الدين السياسي) عند الفوريين الاندماجيين يحتقر الوقائع حتى عندما تكون بحجم انتفاضة شعب. فليستمر الحديث الرسمي وغير الرسمي عن الوحدة الخالدة في إطار أساطير الأولين، وليواصل الوحدويون الشوّس حملات التخوين وإنكار حق تقرير المصير، ولا ينكره إلا من يرون أن الوحدة لا تقوم إلا بالقوة والغلبة، وهذا ملمح راسخ في ثقافة العرب السياسية، حال ومايزال بينهم وبين صوغ تجربة وحدة واحدة ناجحة منذ عشر ينات القرن الماضي، وغمر بلدانهم بالنزاعات والحروب في آسيا وأفريقيا ومايزال، (إن السلطة لاتعيش بالقوة بل بالقبول) والديمقراطية ليست إلا حكم الناس برضاهم، ولذا يرتب لهذا اليوم أن يكون للجنوب كله، تطهرا من ماضٍ مترع بالأخطاء وحاضر قاس حتى الجنون، حتى يتقدم إلى مستقبل متحرر من الظلم والخوف.

ليس هذا اليوم لنصرة فرد أو فريق أو جماعة أو حزب أو جهة، والجنوبيون لايعادون إخوتهم في الشمال بل سلطة الموت، إنه يومنا في رحاب مسعى وطني وإنساني كريم، بعد غفوة الوحدة المباركة المعمدة بالدم استيقظ الجميع ليذكروا وطنهم وشرعوا في استعادته، ففي إطاره فقط يستطيعون ممارسة المواطنة والاعتزاز بكرامة الوطنية، وفيه وبه يمكن أن يظفروا بالعدالة، لأن مشاكل وحدة 7/7/94م لايمكن أن تحلها السلطة القائمة، لأنها هي الجاني، كما أنها لايمكن أن تحل بالقطعة أو التجزئة، لأنها مشاكل اختمرت حتى الحموضة، وصنعت بظلم عميم متواصل الحلقات تشارك فيه كل مستويات السلطة حتى الخفير الذي يحرس الأملاك والقصور، الحل ليس إلا استعادة الوطن لتكون الوطنية ممكنة، أما الاستمرار في طريق سراب الوحدة القاتل فإنه العمى السياسي بعينه، ولايقود إلا إلى الانتحار السياسي، ونحن نريد بناء وطن بعد استعادته في سماء الحرية والأمل.. فلتشخص أبصارنا إلى القادم الجميل.

* سنقف في مناسبة قادمة عند هذه القصة، لأنها تتكرر في كل تجربة توحد بين بلدين عربيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى