> محمد فارع الشيباني:
هناك مثل شعبي عدني يقول (كأنه مايكفينا ما فينا) وهذا المثل ينطبق أو يقوله الشخص الذي يعاني من مشاكل كثيرة في حياته، وهو لايقدر على حل أية واحدة منها، وقد اجتمعت هذه المشاكل عليه دفعة واحدة مثل الفقر والمرض وعدم القدرة على توفير احتياجاته اليومية واحتياجات عائلته، فبعد ذلك كله من المعاناة تأتيه مصيبة أخرى كبيرة، وهنا يقول على نفسه المثل السابق أو يقول من يعرفه من أصدقاء وأهل وأقارب (كأن الذي فيه ما يكفيه).
وهذا ما حصل لأبناء عدن في شهر رمضان المبارك، فبدل أن يتفرغوا للصيام والعبادة والصلاة وذكر الله عز وجل كانت تلك الأيام من أسوأ الأيام التي عاشوها منذ زمن طويل، ولا أعتقد أنهم رأوا أسوأ من هذه الأيام، مما جعلهم يترحمون على أيام رمضان في ظل الاستعمار البريطاني، الذي أطلقوا عليه (الاستعمار البغيض)، والذي حصل فينا أنه حين كان أهالي عدن يكدون ويشقون لتوفير احتياجات هذا الشهر الكريم رغم ما يعانونه من الفقر وقلة الموارد وكثرة المرض وتناثر الزبالة في الشوارع والأحياء، وهم يرددون دعاء (اللهم بجاه هذا الشهر الكريم استرنا) إذا بالجهات الرسمية في المدينة تأبى إلا أن تضيف إلى عذابهم عذابا جديدا وهو انقطاع التيار الكهربائي لساعات وانقطاع المياه لأيام في بعض الأحياء من المدينة وساعات طويلة في أحياء أخرى، كأن إدارة الكهرباء وإدارة المياه تريدان أن تقولا لأهالي عدن (إن ما فيكم لايكفي فزيدوا وخذوا هذا لتعانوا وتتعذبوا أكثر)، ونسوا أننا في شهر رمضان الكريم شهر المغفرة والتسامح، وضاق الناس وضاقت بهم الدنيا، وخرج سكان بعض الأحياء للتظاهر طالبين توفير المياه كأنهم يعيشون في صحراء وليس في مدينة نشأت قبل خمسة آلاف عام، وكانت السفن البرتغالية والهولندية والإيطالية والإنجليزية تمر بها لكي تتزود بالمياه، وهي في طريقها لأعالي البحار، كما كانت السفن الشراعية الآتية من الخليج العربي وعمان تمر بها لكي تتزود بالمياه، وهي في طريقها إلى شرق أفريقيا.
ومن المؤسف والمؤلم أنه لم يقل لنا أحد لماذا تنقطع المياه والكهربـــاء، وحسب ما أذكر فإن أيام الاستعمار البريطاني الذي أطلقنا عليه (الاستعمار البغيض) كانوا عندما يريدون قطع الكهربــاء أو الماء فإن سلطة المياه وسلطة الكهربــــاء تعلن في الإذاعة والتلفزيون أن الكهربـــاء أو المــاء سوف تنقطع في الحي الفلاني من الساعة كذا إلى الساعة كذا ليأخذ المواطنون احتياطاتهم، ولكنه إذا حصل أن انقطعت المياه أو الكهرباء فجأة فكانوا أيضا يعلنون في الإذاعة والتلفزيون ويعتذرون عن الانقطاع المفاجئ ويبينون للناس الأسباب التي أدت إلى الانقطاع.
أعرف سيقول البعض من المزايدين إننا استعماريون، وإن الأفكار الاستعمارية مازالت معششة في أدمغتنا، ولكن لعلمهم فأنا لا أذكر سوى وقائع كانت تحصل ووقائع تحصل الآن ولا آتي بأي شيء من عندي، وأنا أتكلم عن أشيـــاء عانيت منها، فمثلاً حي (السنافر)، الذي أسكن فيــــه وكان يسكن فيــه محافظ عدن الحالي، والذي انتخب منه إلى البرلمان، طوال شهر رمضــان كانت الميـــاه تنقطع فيه، وفي إحدى هذه الانقطاعات جلسنـــا ثلاثــة أيام بلياليها بدون ماء، فهل يستطيع أحد أن ينكر ذلك؟ سامحكم الله.
وفي ما مضى، وفي السبعينات من القرن الماضي كنا نسهر ليلنا في (نادي الفنانين) وكان أخي وصديقي الأستاذ سعيد عولقي، الأديب والمسرحي المشهور، إذا ضاق به الحال يقف وسط حديقة النادي ويرفع يده إلى أعلى ويصرخ باعلى صوت له (كل هذا الليل لي.. كل هذا الليل لي) وأنا الآن لا أستطيع أن أقف وسط حديقة نادي الفنانين، لأنه لم يعد لها وجود، فقد ذهبت ضحية الفيد، ولكن أتمنى أن أقف فوق قمة جبل شمسان وأصرخ (لماذا كل هذا الليل لعدن؟!) اللهم احفظ عدن.. آمين يارب العالمين .
وهذا ما حصل لأبناء عدن في شهر رمضان المبارك، فبدل أن يتفرغوا للصيام والعبادة والصلاة وذكر الله عز وجل كانت تلك الأيام من أسوأ الأيام التي عاشوها منذ زمن طويل، ولا أعتقد أنهم رأوا أسوأ من هذه الأيام، مما جعلهم يترحمون على أيام رمضان في ظل الاستعمار البريطاني، الذي أطلقوا عليه (الاستعمار البغيض)، والذي حصل فينا أنه حين كان أهالي عدن يكدون ويشقون لتوفير احتياجات هذا الشهر الكريم رغم ما يعانونه من الفقر وقلة الموارد وكثرة المرض وتناثر الزبالة في الشوارع والأحياء، وهم يرددون دعاء (اللهم بجاه هذا الشهر الكريم استرنا) إذا بالجهات الرسمية في المدينة تأبى إلا أن تضيف إلى عذابهم عذابا جديدا وهو انقطاع التيار الكهربائي لساعات وانقطاع المياه لأيام في بعض الأحياء من المدينة وساعات طويلة في أحياء أخرى، كأن إدارة الكهرباء وإدارة المياه تريدان أن تقولا لأهالي عدن (إن ما فيكم لايكفي فزيدوا وخذوا هذا لتعانوا وتتعذبوا أكثر)، ونسوا أننا في شهر رمضان الكريم شهر المغفرة والتسامح، وضاق الناس وضاقت بهم الدنيا، وخرج سكان بعض الأحياء للتظاهر طالبين توفير المياه كأنهم يعيشون في صحراء وليس في مدينة نشأت قبل خمسة آلاف عام، وكانت السفن البرتغالية والهولندية والإيطالية والإنجليزية تمر بها لكي تتزود بالمياه، وهي في طريقها لأعالي البحار، كما كانت السفن الشراعية الآتية من الخليج العربي وعمان تمر بها لكي تتزود بالمياه، وهي في طريقها إلى شرق أفريقيا.
ومن المؤسف والمؤلم أنه لم يقل لنا أحد لماذا تنقطع المياه والكهربـــاء، وحسب ما أذكر فإن أيام الاستعمار البريطاني الذي أطلقنا عليه (الاستعمار البغيض) كانوا عندما يريدون قطع الكهربــاء أو الماء فإن سلطة المياه وسلطة الكهربــــاء تعلن في الإذاعة والتلفزيون أن الكهربـــاء أو المــاء سوف تنقطع في الحي الفلاني من الساعة كذا إلى الساعة كذا ليأخذ المواطنون احتياطاتهم، ولكنه إذا حصل أن انقطعت المياه أو الكهرباء فجأة فكانوا أيضا يعلنون في الإذاعة والتلفزيون ويعتذرون عن الانقطاع المفاجئ ويبينون للناس الأسباب التي أدت إلى الانقطاع.
أعرف سيقول البعض من المزايدين إننا استعماريون، وإن الأفكار الاستعمارية مازالت معششة في أدمغتنا، ولكن لعلمهم فأنا لا أذكر سوى وقائع كانت تحصل ووقائع تحصل الآن ولا آتي بأي شيء من عندي، وأنا أتكلم عن أشيـــاء عانيت منها، فمثلاً حي (السنافر)، الذي أسكن فيــــه وكان يسكن فيــه محافظ عدن الحالي، والذي انتخب منه إلى البرلمان، طوال شهر رمضــان كانت الميـــاه تنقطع فيه، وفي إحدى هذه الانقطاعات جلسنـــا ثلاثــة أيام بلياليها بدون ماء، فهل يستطيع أحد أن ينكر ذلك؟ سامحكم الله.
وفي ما مضى، وفي السبعينات من القرن الماضي كنا نسهر ليلنا في (نادي الفنانين) وكان أخي وصديقي الأستاذ سعيد عولقي، الأديب والمسرحي المشهور، إذا ضاق به الحال يقف وسط حديقة النادي ويرفع يده إلى أعلى ويصرخ باعلى صوت له (كل هذا الليل لي.. كل هذا الليل لي) وأنا الآن لا أستطيع أن أقف وسط حديقة نادي الفنانين، لأنه لم يعد لها وجود، فقد ذهبت ضحية الفيد، ولكن أتمنى أن أقف فوق قمة جبل شمسان وأصرخ (لماذا كل هذا الليل لعدن؟!) اللهم احفظ عدن.. آمين يارب العالمين .