> نجيب محمد يابلي:

واقع الكتاب في تناول العميد باشراحيل : في افتتاحية «الأيام» (كلمة اليوم) في عددها 374 الصادر في 13 ديسمبر 1965م تناول العميد باشراحيل أوضاع مكتبة عدن بأطرافها الثلاثة : الكتاب والقائمون عليه ومتداولوه فاستهل افتتاحيته بالتعريف بمكتبة عدن، حيث أشار : «مكتبة مسواط هي المكتبة الوحيدة في عدن وكانت قديما تعرف باسم (مكتبة ليك) LAKE LIBRARY .. منذ أن فتحت كان قدر العناية والتنظيم فيها رائعا استحق التقدير والإعجاب ..».

يرفع العميد كرباجه بادئ ذي بدء على الرواد العابثين الذين يشوهون الكتب الثمينة بعبارات خليعة مثل (أحبك وأتمنى لقاك) بالإنجليزية .. ويرفع العميد كرباجه ثانية، ولكن يقع الكرباج على ظهور القائمين على الكتب والذين لايعلمون ما إذا كان الكتاب المطلوب معاراً أم لا .. أم أنه مفقود، إلا أن القارئ المهتم والجاد لايسلم بعبارة الشخص المسؤول : (الكتاب غير موجود) فيبحث بنفسه عن الكتاب المطلوب ويعثر عليه بعد بحث مضنٍ.

ويختتم العميد كلمته بالاقتراح على الحكومة بأن تستعين بمنظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة لتوفد خبيراً في شؤون المكتبات وتجهيزها بالكتب والمراجع المفيدة وليتولى - وهذا هو الأهم - تدريب القائمين بشؤون المكتبة على إدارتها وعلى العناية بما فيها من كتب ومراجع .

قراءة العميد لواقع الحال قبل الاستقلال :

إن أمامي كوما كبيرا من الأوراق التي حوت كتابات العميد باشراحيل وأمام غيري أيضاً أكوام أخرى وإنني في هذا المتاح أختار كتبات من كتابات العميد باشراحيل ومنها على سبيل المثال قضية عدن والجنوب في الأمم المتحدة وقد تناولها العميد في عدة افتتاحيات فوقفت أمام نموذجين :

كلمة اليوم : خطوة موفقة

«الأيام» العدد 226 22- يونيو 1965م

أثنى العميد على بيان مجلس وزراء عدن بالترحيب بقرار السلطنة القعيطية الحضرمية حكومة وشعباً بالإعلان عن تمسكها بقرار الأمم المتحدة الصادر في ديسمبر 1963م بشأن تحرير الجنوب العربي من الحكم الاستعماري البريطاني وقيام دولة عربية موحدة للمنطقة كلها .

كما أثنى العميد باشراحيل على خطوة رئيس وزراء ولاية عدن السيد عبدالقوي مكاوي عندما عزز ترحيبه بالقرار الحضرمي بزيارة حضرموت ولقائه بالعناصر الوطنية هناك .. إن مزيداً من اللقاءات لا في عدن المكلا وسيئون فحسب بل وفي بيحان والفضلي والعوذلي ويافع والواحدي وغيرها من ولايات الجنوب العربي الهادفة لبناء كيان عربي مستقل حتى يصبح عضوا نافعا في الأسرة الدولية ويساهم بقدر ما يستطيع في خير البشرية وسعادتها .

كلمة اليوم : طريق المفاوضات

«الأيام» العدد 343 - 7 نوفمبر 1965م

تناول العميد مصادقة الجمعية العمومية للأمم المتحدة على قرار لجنة الوصاية بشأن عدن وإمارات الجنوب العربي بأغلبية تسعين صوتا ضد (11) وامتناع عشرة أصوات وكان القرار في صالح تطلع شعب الجنوب العربي إلى الحرية والاستقلال .

تطرق العميد إلى تجربة شعب الجزائر وتضحياته الجسام في سبيل تحرره من نير الاستعمار الفرنسي وأسفرت التجربة عن المفاوضات المباشرة لأحرار الجزائر مع الحكومة المستعمرة ويشير العميد باشراحيل : إن نقطة الخلاف بين العناصر الوطنية من جهة وبريطانيا من جهة أخرى ليس الاستقلال ولكن تفرع الاستقلال وكيف ولمن يسلم ؟

يختتم العميد افتتاحيته : «إننا نرحب بمثل هذه المفاوضات ولمساعدة اللورد بزويك في مهمته يمهنا أن نقول له إن عدن وهي العقل المفكر في الجنوب العربي كله تعيش اليوم في الأسر بعد أن علقت حكومة بريطانيا الدستور وأقالت حكومة السيد المكاوي ولابد من رفع حالة الأسر هذه على عدن في أسرع وقت ممكن حتى تتهيأ للشعب العربي في عدن حكومة وطنية تمثله وتعبر عن إرادته قادرة بالتعاون مع حكومة الاتحاد وبقية الأقطار الأخرى في الجنوب على استغلال ما تبقى من وقت قبل موعد الاستقلال في وضع كافة الترتيبات اللازمة بحيث يحين موعد الاستقلال وقد أعد الشعب نفسه لتقبل استقلال حقيقي يحق له أن يعتز به».

«الأيام» بين مطرقة (مس بيتري) وسندان إعلام جلالة الإمام :

قدر «الأيام» أن تكون في المحك الصعب مادامت تؤدي رسالتها ولاتخشى في ذلك لومة لائم، فالقارئ يرى المتاعب التي تواجهها «الأيام» هذه الأيام وقليلون هم الذين يعرفون أن «الأيام» قد ألفت هذا النوع من المواجهات، فهذا تقرير أخباري نشرته «الأيام» في العدد 1078 الصادر في 5 فبراير 1962م حول تداعيات الإضرابات الطلابية التي شهدتها عدن ومنها إضراب الطالبات في كلية البنات بخور مكسر ويشير تقرير «الأيام» أن مؤتمراً صحفياً عاجلاً دعا إليه وزير المعارف بعد ظهر يوم الخميس، اتهمت عميدة كلية البنات (مس بيتري) صحيفة «الأيام» وقالت إنها وراء الإضراب في كليتها بسبب - كما ادعت - مقال نشره رئيس تحريرها أدى إلى خلق البلبلة في صفوف الطالبات .

هذه مادة خبرية عنوانها (معنى تكذيب إذاعة صنعاء) نشرتها «الأيام» في العدد 574 بتاريخ 22 يونيو 1960م جاء في الخبر :

«أذاعت محطة لندن خبراً نشرته «الأيام» عن رفض جمال عبدالناصر إرسال جيش لقمع ثورة خولان، وقالت إذاعة صنعاء إن الحكومة لم ترسل أي طلب لجيش من الجمهورية العربية المتحدة، وكان تكذيب إذاعة صنعاء شديد اللهجة بحيث إنها نفت حدوث أي تمرد أو عصيان من قبل خولان»،

«ويذكر القراء أن «الأيام» نشرت خبر مرض جلالة الإمام وثارت إذاعة صنعاء وكذبت النبأ بنفس اللهجة الشديدة التي تكذب بها الآن «الأيام» وقالت إن الإمام بصحة تامة».

«واليوم تذيع إذاعة صنعاء برقيات التهاني بمناسبة شفاء جلالة الإمام أحمد من مرضه .. المرض الذي كانت قد كذبتنا حينما نشرنا خبره منذ شهور».

أرأيتم أن المهنية في الصحافة تقلق الجمهوري والملكي والثوري والوحدوي الذين حرثوا ويحرثون في البحر .. إنها العقلية .. إنه أسلوب التفكير .. إنها الهيمنة .

ما أشبه الليلة بالبارحة

العميد : لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .. لذلك لانخشى القنابل ولانخشى الرصاص

ظهرت «الأيام» في عددها 205 بتاريخ 11 أكتوبر 1966م بافتتاحية جسورة عنوانها (موقف ثابت) استهلتها بالقول: «من حقنا في عالم الصحافة أن نؤدي واجباتنا في حدود القانون بكل حرية .. وواجباتنا هذه نستوحيها من ضمائرنا ومن صميم مصلحة قومنا وبلدنا ونرفض بكل إباء وشمم أن يملي أحد -مهما كان - إراداته علينا ».

كما جاء في الافتتاحية :«فليطمئن هؤلاء أن القنابل التي يفجرونها علينا لن تحولنا عن الخط الذي نسير عليه.. أمامهم من تجارب الماضي التي مررنا بها الشيء الكثير ليتأكدوا مما نقول .. قبل عامين ألقيت علينا قنبلة وفي أبريل الماضي ألقيت قنبلة أخرى ومنذ صدور «الأيام» تعرضت للإغلاق مرتين .. كل هذا وغيره لم يستطع أن يحولنا قيد أنملة عن الخط الذي نسير عليه».

وورد في خاتمة الافتتاحية :«إلى جانب إيماننا بواجبنا فنحن نؤمن أيضاً بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا لذلك لانخشى القنابل ولانخشى الرصاص .. وإذا قدر لنا أن نموت فلنمت أحراراً لاعبيداً فتلك شيمة كل حر أبي يرفض أن يتمرغ في وحل المذلة والهوان».

العميد وثوابت الدين الحنيف :

اتسمت (كلمة اليوم) لـ«الأيام» في عددها 117 بتاريخ 29 يونيو 1966 بأنها طويلة وكان عنوانها (رسالة الإسلام) أشار في مستهلها إلى أن الإسلام ليس دين الاشتراكية وهو أيضاً ليس دين الرأسمالية .. الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله عز وجل ديناً للبشرية جمعاء حين خاطب رسوله الأعظم : ‭{‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا‭}‬.

من إجمالي الفقرات الثماني التي حوتها الافتتاحية أقتطع هذه الفقرة :

«إن الإنسان العالم الذي خطط للاشتراكية والرأسمالية هو مخلوق من مخلوقات الله ومهما بلغ به العلم والذكاء لايمكن أن يفوق باجتهاده ماصنعه الله عز وجل ومن ثم ليس للمقارنة سبيل على الإطلاق بين نظام ونظام فضلا عن الحقيقة وهي أن الأول سماوي مليء بالقيم الروحية والمعنوية والمادية، والثاني علماني لا يقيم معنى للقيم الروحية والمعنوية ويتخذ من المادة أساساً ومنطلقاً لتخطيطه ونظامه».