عامان من التصالح والتسامح

> الرئيس/علي ناصر محمد:

> بحلول الثالث عشر من يناير 2009م ، يكون قد مر عامان كاملان على انطلاق دعوة التصالح والتسامح من جمعية ردفان الخيرية ، حيث بادر العقلاء من أبناء محافظات عدن والضالع ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة إلى يوم التسامح في قاعة جمعية ردفان.. وبارك هذه الدعوة كل الخيرين والشرفاء من أبناء الشعب .

إن ثورة النفوس والقلوب من أجل طرد الأحقاد والكراهية وإشاعة المحبة والسلام لا تقل أهمية ومكانة عن الثورة من أجل طرد المستعمر ، ولذلك ليس غريباً أن شكلت ردفان منطلقاً لأول شرارة للثورة على المستعمر البريطاني وشكلت منذ عامين منطلقاً لاحتضان دعوة التصالح والتسامح .

وكما أن الثورة عنوان لحرية الشعب كل الشعب كذلك فإن دعوة التصالح والتسامح عنوان لسلام ومحبة كل أفراد شعبنا من دون استثناء، وبهذه المناسبة أحيي أبناء شعبنا الذين استجابوا لهذه الدعوة الإنسانية وارتفعوا إلى مستوى المسؤولية التاريخية وجسدوا أنبل صور الوحدة الوطنية، فالشعوب الواعية هي التي تحوّل الإخفاق إلى نجاح باعترافها بأخطائها وتصنع من ذلك انتصاراتها ، فما أعظم الرقابة الذاتية وتأثيراتها الإيجابية في سبيل البناء والتقدم المعتمد على الخبرة من أجل تجاوزها مستقبلاً نحو المجتمع الراشد والحكم الرشيد .لقد كانت مشـاعر الـناس متقاربة من كافة التيارات والأحزاب السياسية وكذلك الشخصيات الاجتماعية، وأجمعوا على أن التصالح والتسامح والتضامن هو الطريق للحراك السلمي ولا رجعة عنه وغمرتهم روح الأمل، وتصدوا لكل الدعوات التي تدعو إلى إثارة الأحقاد والفتن والثأر والكراهية بما في ذلك نبش القبور التي مثلت الجرأة على الأموات بعد الاستهانة بالأحياء.

ولكن دعاة التصالح والتسامح لم تُثنهم كل هذه الممارسات اللامسؤولة ودفعوا في سبيل هذه الدعوة الثمن الغالي فمنهم من استشهد ، ومنهم من جرح ، و منهم من لوحق وشرد وطرد من عمله ، ومنهم من اعتقل , ونحن نتساءل لماذا كل ذلك ؟! . فهم لم يدعوا إلى الحرب والفتن وثقافة الكراهية بل دعوا إلى التسامح والمحبة بين أبناء الشـعب بعد الأحداث والتطورات التي شهدها الجنوب منذ الاستقلال وحتى اليوم مروراً بأحداث 1978 و 1986 و1994م فالجميع أخطأ وجميعنا نتحمل المسؤولية، والمهم اليوم هو ترك الماضي وراءنا إلا بقدر ما نأخذ منه من عبر ودروس ، والتطلع نحو المستقبل ..إننا بحاجة إلى التصالح والتسامح اليوم أكثر من أي وقت مضى ، وإلى حوار وطني جاد للخروج من هذه الأزمة التي تمر بها البلاد والعباد بدلاً من التهديد بالعين الحمراء ولم تخفنا في الماضي العيون الزرق والخضر ، كما أن التهديد بالعين الحمراء هو إعلان سقوط القانون والدستور وسيادة قانون الغاب فضلاً عن كونه أمراً يتعارض مع مبدأ الديمقراطية ، والرأي والرأي الآخر ، ولا ينسجم مع مبدأ التداول السلمي للسلطة ، ولهذا يجب معالجة المشاكل عبر الحوار وتعميم لغة التصالح والتسامح لتشمل كافة مناطق البلاد لدفن الأحقاد والكراهية والمضي بهذا الوطن إلى بر الأمان بعد طول المعاناة وشظف العيش ورياح التجارب الفاشلة.

إننا ونحن نُعرب عن أسفنا للتفسيرات الخاطئة التي استحضرها بعضهم لتحويل فكرة «التصالح والتسامح» إلى مادة للاستفزاز بطريقة لا تنسجم مع الروح السامية لتلك الدعوة وذلك سعياً منهم لإحباطها يحدونا الأمل أن يكونوا قد تعلموا من إرادة المتصالحين والمتسامحين في تجاوز الماضي وترميم الحاضر نحو مستقبل أفضل ، وندعو الجميع إلى النظر إلى قادم الأيام بروح جديدة، وأن نتفق جميعاً على إطلاق روح الحوار بما يعزز الوحدة الوطنية كما فعلت غيرنا من الشعوب ودون ذلك فإننا سنكون مع الأسف الشديد على موعد مع مجهول لطالما خشينا لقاءه في السر والعلن .

وخاتمة أدعو كافة الفصائل الفلسطينية لتجسيد روح التصالح والتسامح وتتجاوز خلافاتها، فالوقت هنا ليس وقت العتاب والحساب ، وعليهم أن يكونوا صفاً واحداً خلف غزة أرض الكرامة والعزة التي تدافع اليوم عن شرف هذه الأمة وكبريائها ، وأحيي جماهيرنا التي وقفت إلى جانب صمود غزة والشعب الفلسطيني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى