دفعة معنوية لسكان غزة بعد الاتصالات الهاتفية التضامنية من اليمن والبلدان العربية

> غزة «الأيام» د.ب.أ:

>
طفلة فلسطينية يتم إسعافها إلى مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بقطاع غزة أمس بعد أن اصيبت بغارة إسرائيلية
طفلة فلسطينية يتم إسعافها إلى مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بقطاع غزة أمس بعد أن اصيبت بغارة إسرائيلية
حملت الأيام القليلة الماضية لسكان قطاع غزة دفعة معنوية غير مسبوقة بسبب سيل الاتصالات الهاتفية التي تلقوها من مواطنين في بلاد عربية وإسلامية تعرب عن التضامن وتحث على الصمود إزاء ما يتعرضون له من هجوم إسرائيلي دام منذ ثلاثة أسابيع .

وحتى وقت قريب كان الفلسطينيون لا يشعرون بتضامن عربي ملموس في ظل ما يعتبرونه «ضعف» التحرك الرسمي للأنظمة العربية والإسلامية من جهة واكتفاء الشارع العربي بمسيرات هنا وهناك ودعم «متواضع» غالبا لا يجد طريقه.

إلا أن الأيام القليلة الماضية لمواطني غزة حملت دفعة معنوية غير مسبوقة من «الأشقاء العرب» عبر سيل من الاتصالات الهاتفية من مواطنين عرب من دول متفرقة تعرب عن التضامن وتحث على الصمود والنضال في سبيل الحقوق الفلسطينية.

وتشن إسرائيل منذ 27 ديسمبر الماضي عملية عسكرية هي الأعنف على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة «حماس» خلفت حتى الآن أكثر من 977 قتيلا فلسطينيا و4500 جريح نصفهم من المدنيين إضافة إلى تدمير مئات المنازل والمقرات المدنية.

وبعد المسيرات الحاشدة وحملات التبرع لإغاثة أهالي قطاع غزة المنكوب بما يصفه الفلسطينيون «بالمجازر» الإسرائيلية، وجد العرب طريقة مباشرة ومبتكرة للتضامن مع أهل غزة ، وذلك عبر الاتصال الهاتفي المباشر، وطلب رقم عشوائي بعد وضع مفتاح الأراضي الفلسطينية «009708282 ».

ويقول مواطنون في غزة تلقوا مثل هذه الاتصالات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنها كانت تحمل «مشاعر دافئة ودعاء ودموعا في أغلب الأحيان من أشقاء اختلفت لهجاتهم لكن مشاعرهم وأمنياتهم توحدت لنصرة أهل غزة».

ويقول حمادة الرشيد (33 عاما) إنه «تلقى ثلاثة اتصالات من دولتي ليبيا واليمن تحدث فيها أشقاء عرب عن التضامن الكامل وأمنيات لو كان بمقدورهم الوصول إلى غزة ومقاومة الاحتلال مع أهلها».

وأشار الرشيد إلى أنه تفاجأ بمن هاتفه ليخبره أنه من طرابلس الليبية ويود أن يطمئن عليه.

ويقول: «لا أملك أقرباء في أي دولة عربية ولم أتلق سابقا مثل هذه المكالمة ثم أني تفاجأت من أين حصلوا على رقمي، لكني لاحقا شعرت بسعادة لأنه أخيرا يوجد من يشعر بمعاناتنا هنا».

ولفت إلى أنه «سرعان ما تجاوب مع مهاتفيه بمبادلتهم مشاعر الود ومحاولة طمأنتهم بصمود الشعب الفلسطيني وأنه سيكون المنتصر حتما».

ويلاحظ أن غالبية المكالمات «التضامنية» العشوائية التي ترد مواطني غزة هذه الأيام هي من ليبيا ، بعد أن أمر الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بفتح الخطوط الهاتفية باتجاه الأراضي الفلسطينية بشكل مجاني ، حسب ما قال أكثر من متصل ليبي.

وفي السياق، تقول أم علي وهي من سكان غزة إن عائلتها تلقت أكثر من عشرة اتصالات على الهاتف المحمول والهاتف الأرضي غالبيتها من مواطنين في ليبيا يعربون عن التضامن والمساندة للشعب الفلسطيني.

وتقول: «شعرت بمشاعر متباينة بعد هذه المكالمات، أولا الفخر أنه لا يزال الشعب العربي يفكر بمعاناتنا ويبادر بالاتصال بنا ، وفي ذات الوقت شعرت بالضيق لأن الاتصال فقط لا يكفي».

ومن جهتها، تشير سلوى عمر إلى شمول مصدر الاتصالات لتصل عدة دول عربية بينها مصر والسعودية وحتى المغرب العربي.

وتقول: «صباح أول من أمس اتصلت بي امرأة من مصر وبدأت بالبكاء والدعاء لأهل غزة، وقالت لي بعد أن التقطت أنفاسها إنها تعيش في القاهرة وتتصل عشوائيا على أرقام فلسطينيين، للتضامن معهم، وتخبرهم أنها وعائلتها يشعرون بألم بالغ لما تقوم به إسرائيل من مجازر في غزة».

وتابعت: «كانت متأثرة بشكل كبير وهي تتحدث، وطلبت مني السماح لزوجها بالحديث معي، وهو الآخر بدأ بالدعاء لنا، مؤكدا أنه لو فتحت الحدود بين مصر وغزة لتدفق مئات الآلاف من الشبان المصريين لنصرة القطاع في غضون ساعات قليلة».

ويلقى هذا الشكل من التضامن العربي غير المسبوق عبر الاتصالات الاهتمام والتجاوب من المواطنين، ويقول المسن أبو كامل: «تلقيت في الأيام الثلاثة الماضية أكثر من أربعة اتصالات من أشقاء عرب ليبيين أبدو تضامنهم الكبير مع المقاومة في قطاع غزة، مؤكدين أن مشاهدة ضحايا المجازر الإسرائيلية على القنوات الفضائية تفوق تحملهم، وأنهم يريدون المشاركة بالمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي هلبا هلبا»، أي كثيرا كثيرا حسب اللهجة الليبية.

وفي ظل استغراب الفلسطينيين لهذا التضامن الهاتفي العشوائي الذي لم يألفوه في الانتفاضة الأولى، وفي أوج الانتفاضة الثانية، إلا أنهم أبدوا سعادة لاهتمام المواطن العربي العادي الذي أراد لتضامنه أن يصل للأراضي الفلسطينية مباشرة ولو عبر الأثير.

لكن وسط غبطتهم بـ«التضامن العربي عبر أثير هذه الاتصالات لا يخفي الفلسطينيون وتحديدا أهل غزة بعض المخاوف من اتصالات تضامنية يسأل المتصلون فيها عن أين تتمركز فصائل المقاومة الفلسطينية وكمية السلاح التي تملكها».

وأعربوا عن خوفهم من «اختراق المخابرات الإسرائيلية لهذا النوع من التضامن، وتخفيهم على هيئة مواطنين عرب من جنسيات مختلفة».

ويقول المواطن حسام صلاح من شمال قطاع غزة:«تلقيت منذ أيام الكثير من المكالمات من أشقاء عرب وقد أسعدتني، لكن مكالمة واحدة أثارت مخاوفي عندما طلب المتصل فيها أن أحدد له موقع المقاومة، وبعد استنكاري لطلبه أغلق الخط بسرعة».

وكانت السلطات الإسرائيلية لجأت منذ بداية عمليتها العسكرية على قطاع غزة إلى الاتصال بشكل عشوائي على هواتف المواطنين وبث اسطوانة مسجلة تخاطب بها الأهالي قائلة: «إن حماس هي سبب ما هم فيه من قتل ودمار وعليكم التعاون معنا للقضاء على الإرهاب».

ويقول سلامة الخضري (28 عاما) :«أنا أبدي حذرا كاملا في التعامل مع الاتصالات التي ترد على هاتفي الخليوي منذ عشرة أيام وإن كنت لا أصد من يهاتفني من عرب لكني أجيب بحذر على ما يوجه إلي من الأسئلة».

ويقول: «من السهل أن نميز بقليل من الحذر مضمون الجهة التي تهاتفك بطبيعة الأسئلة الموجهة وهل هي تضامنية فعلا وللاطمئنان على حالنا أم أنها تستفسر عن المقاومة ومواقعها بالتحديد».

ويضيف: «أي سؤال حول المقاومة يكشف طبيعية الجهة التي تتصل وإن كانت فعلا من المخابرات الإسرائيلية التي تحاول أن تجند العملاء بكل وسيلة ممكنة وهو ما نرفضه جملة وتفصيلا ونغلق المكالمة على الفور».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى