أبو غانم:المشترك يبحث عن انتخابات يحصد فيها النتائج ولو بالقفز على الثوابت والعتواني:المؤتمر يلعب لوحده والأزمة بينه وبين المجتمع

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

>
نظم صباح أمس الأول الخميس المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل حلقة نقاشية بعنوان (المشهد الانتخابي 2009م بين الاطروحات السياسية والحقوق الدستورية) نوه في افتتاحيتها الأخ أحمد إسماعيل أبو حورية رئيس مجلس إدارة المركز أن «ما يشهده الواقع الوطني والعربي والدولي من تحديات بالغة الأهمية تحتم على المفكرين والعلماء تقديم الرؤى التي يستنير بها صناع القرار في اتخاذ المواقف الحكيمة بما يجنب أوطاننا المزيد من استلاب الإرادة والتفريط بالمزيد من الحقوق الطبيعية والقانونية والإنسانية إلى جانب ما تنشده الشعوب من حياة كريمة واستقرار وسلام وتنمية مجتمعية وممارسة حقيقية للديمقراطية».

وأعلن أن «المركز سيواصل نشاطاته البحثية والعلمية التي تقوم على قواعد راسخة من المنهجية والموضوعية والتمسك بالأهداف الوطنية والقومية والاسلامية وبناء جسور التعاون والشراكة مع المراكز والمؤسسات البحثية العلمية وقادة العمل الوطني قاطبة».

كما استعرض القاضي يحيى محمد الماوري ملامح المشهد الانتخابي بين الاطروحات السياسية والمعالجات الدستورية، موضحا أن «الدولة الحديثة لابد أن تكون قائمة على أسس دستورية تعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات وعلى مبدأ سيادة القانون وعلى إطلاق الحريات الديمقراطية، وأهمها التعددية السياسية وحرية إنشاء الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والتداول السلمي للسلطة عن طريق الانتخابات الحرة وكفالة حقوق الإنسان وأن تكون علاقة الدولة بالمجتمع محكومة بمبدأ المشروعية وأن تقوم على مبدأ الشرعية الدستورية وليس على شرعية الانقلاب والقوة وأن تستمد هذه الشرعية من كافة فئات المجتمع عبر الطرق الدستورية والقانونية المنظمة لها، وعلى أساس مبدأ سيادة القانون كتجسيد لسيادة الدولة على إقليمها الوطني وشعبها وقرارها السياسي وسلطتها التنفيذية على كامل التراب الوطني المستمدة من الدستور والقانون الذي يعبر في نفس الوقت من خلال وحدة القانون عن وحدة السيادة وعن وحدة الشعب من خلال تطبيق قواعد دستورية وقانونية واحدة على كافة مواطني الدولة، ومن الأسس الهامة مبدأ سيادة الشعب بمفهومها الواسع وهو المبدأ الذي عبر عنه الدستور في المادة (4) بأن الشعب مالك السلطة ومصدرها».

وأشار إلى أن «الدولة الحديثة التي ينشدها المواطن اليمني يجب أن ترتكز على وحدة الأرض والشعب والنظام السياسي وأن تستمد سلطتها من الإرادة الحرة لجميع المواطنين اليمنيين وأن تكفل هذه الدولة حقوقهم جميعا وحرياتهم دون تمييز أو تفرقة وأن تقوم على مبدأ الديمقراطية والشرعية الدستورية تتمثل فيها جميع فئات المجتمع وتتمتع بحريات سياسية واقتصادية وديمقراطية واجتماعية متساوية وأن تكون هذه الدولة قائمة على المؤسسات وعلى الولاء الوطني من مواطنيها والذي يضمن لها الحماية من أي اختراق قد يستهدف إضعافها أو تمزيقها من خلال قدرتها على تحقيق التوافق والانسجام الوطني بين كل أبنائها»، منوها إلى أن «الديمقراطية في اليمن مع ما حققته من نجاحات نسبية في بعض الجوانب فإنها ما تزال ضمن الديمقراطيات الناشئة، وأن التجربة الانتخابية في اليمن وإن كانت قد بدأت بداية قوية وظهرت بمظهر براق فإنها في حقيقتها ما تزال تقف على أرضية هشة لا تقوى على الصمود أمام الهزات العنيفة أو العواصف المفاجئة.

وأن هذه الديمقراطية ما تزال محكومة برغبات النخب السياسية المتمثلة في الأحزاب والتنظيمات السياسية والقوى الاجتماعية التقليدية التي تتجاذب فيما بينها لعبة التنافس أو الصراع تحت شعار الديمقراطية بمفهومين متناقضين - المفهوم التقليدي للديمقراطية بخلفيته القبلية والعشائرية، والمفهوم الحزبي للتعددية السياسية بخلفيته الشمولية».

وقال: «إن الديمقراطية والتعددية الحزبية قد جاءت وليدة عملية سياسية توافقية بين قوى سياسية معينة تشعر بأن الديمقراطية من صنعها هذا إن لم تشعر بأنها منحة منها ومن ثم فإنها ما تزال تعتقد بأنها صاحبة الحق في رسم الطُرق والأساليب لممارستها وتفسير قواعدها وأحكامها للآخرين والحدود التي يسمح لهم بالمشاركة فيها مع الاحتفاظ لنفسها بحقوق الامتياز، ولهذا فإنه ما أن يحصل الاختلاف فيما بينها عند كل دورة انتخابية حتى نسمع الوعيد والتهديد بالشعارات المعتادة - الصوملة - الانفصال - الحرب الأهلية ...الخ ما هنالك من أطروحات وأساليب الإرجاف لينتهي الأمر بتسوية أو صفقة بين جميع الفرقاء بعد عدة (برزات) يختلط فيها القبلي بالسياسي فيخرج بقالب يمني لديمقراطية تقاسمية أكثر منها ديمقراطية تنافسية»، مؤكدا أن «الديمقراطية في اليمن ما تزال ديمقراطية ظرفية أو موسمية لا نفكر فيها إلا حينما نرغب ولأسباب ربما لا علاقة لها بالممارسة الديمقراطية الحقة ولا نباشرها بقناعة حقيقية بالتسليم بنتائجها، ولكن على أساس الحقوق المكتسبة لكل فريق وإلا فان كل الخيارات مفتوحة».

وأضاف: «لم تستوعب الآلية السياسية التعددية للدور الديمقراطي بمفهومه الواسع من خلال مشروع إصلاحي متكامل، وقد أظهرت الأزمة القائمة أن الفترة الماضية للتجربة لم تصنع وعيا ديمقراطيا كافيا لدى القوى السياسية يمكنها من إدارة حوار سياسي ناضج حول العملية الانتخابية والسيطرة على التباينات السياسية في الحدود المعقولة للتنافس المشروع يعتمد على القاعدة الشعبية من خلال تبني مشروع إصلاحي شامل وهو ما أدى إلى أزمة ثقة بين القاعدة الشعبية والأحزاب السياسية لافتقاد هذه الأحزاب إلى مشروع ديمقراطي إصلاحي متكامل ومتجانس قابل للتنفيذ».

وقسم المشاريع السياسية لأحزاب المعارضة إلى ثلاثة اتجاهات: الاتجاه الأول: يعتقد بان الضغط الداخلي والخارجي على الحزب الحاكم هو الأسلوب الأنجع، لفرض رؤاه ومطالبه والأخذ بالحلول الاقتصادية والسياسية والثقافية اللبرالية دون تحفظ، الاتجاه الثاني: يرى في المنهج الديني والشورى الإسلامية المخرج الوحيد من الأوضاع الراهنة ورفض كل المفاهيم المستوردة، الاتجاه الثالث: ينطلق من المنظور القومي الشامل للأمة، باعتباره أحد مرتكزات المشروع النهضوي المتكامل الذي لا يمكن أن يتحقق دون وحدة الأمة واستقلالها السياسي والاقتصادي، موضحا انه «لا يمكن أن تبنى دولة المؤسسات في غياب الحياة الديمقراطية ولا يمكن للديمقراطية ان تعيش وتزدهر في ظل نظام شمولي لا يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات ويضمن حرية الصحافة وتعدد الأحزاب واستقلال القضاء، كما أن الحياة الديمقراطية لا تتحقق بمجرد إنشاء الأحزاب السياسية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة فحسب بل لابد من قيام مؤسسات دستورية قوية قادرة على فرض الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتنفيذ برامج تنموية شاملة في البلاد بمشاركة فعلية من القاعدة الشعبية في صنع القرارات والخطط التنموية وإخضاع المؤسسات الحكومية لمبدأ المسآلة والمحاسبة البرلمانية والقضائية»، موضحا أن «الأحزاب السياسية في السلطة والمعارضة لا يمكن أن تبني علاقة ثقة بينها وبين القاعدة الشعبية إلا بالقدر الذي تتبنى قضايا هذه القاعدة وتمثل مصالحها الحقيقية. هذا إذا ما أدركنا أن الانتقال من الوضع الشمولي إلى التعددية الحزبية كان مفاجئاً وكان ميلاد الديمقراطية أشبه بالطفرة غير المتوقعة».

وقال الماوري: «جاء النص الدستوري في المادة (157) على تشكيل لجنة عليا للانتخابات محايدة ومستقلة إلا أن الظروف السياسية التي رافقت الفترة الانتقالية قد لعبت دورا مهما في تشكيل اللجنة من الأحزاب السياسية بقدر من التوافق بين أطراف العمل السياسي أنتجت نوعا من التحالفات الثنائية في تشكيل الحكومة ثم الثلاثية وسرعان ما تغيرت وتبدلت هذه التحالفات استقرت أخيرا في شكلها القائم على شبه القطيعة بين أحزاب اللقاء المشترك (معارضة) والحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام (وتوقفت لغة الحوار) وبدأ الوضع، كما لو أن الجميع قد فقد كل وسيلة.

هذا الوضع آثار لدى المتابعين عدة تساؤلات عن حقيقة الأزمة وما إذا كانت أزمة تشريع وإدارة أم أزمة تقاسم وسياسة؟». موضحا أنه «لا يوجد ما يمكن اعتباره أزمة تشريع لأنه لم يتم التعامل بالنصوص التشريعية منذ تشكيل أول لجنة انتخابية حتى آخر لجنة حيث كان يُتبع في تشكيلها أسلوب التقاسم الحزبي المبني على التوافق بين الأحزاب الرئيسية».

مرجعا الأزمة إلى «جوانب سياسية وخلافات تقاسمية نشأت على أثرها أزمة إدارية حول تشكيـل الإدارة الانتخابيـة (اللجنـة العـليـا)»، مشيرا إلى «تبرير أحزاب المعارضة موقفها بأن الحزب الحاكم يستحوذ على سلطة القرار في اللجنة وبالتالي يحرمها من الحصول على ما تستحقه من المقاعد البرلمانية في حين يعتبر المؤتمر الشعبي العام موقف المعارضة موقفا متعنتا يرجع إلى عجزها عن كسب القاعدة الشعبية، وعلى هذا الأساس يمكن القول أن الأزمة في حقيقتها هي أزمة تقاسم وسياسة لا تشريع وإدارة وإذا لم يتوصل الطرفان إلى تسوية تنهي هذه الأزمة بنفس الطرق والآليات التوافقية التي تمت في الدورات السابقة فإن التجربة الديمقراطية قد تتضرر كثيرا وستنال الأحزاب النصيب الأوفر من الأضرار والنتائج السلبية خصوصا في حال إصرارها على المقاطعة».

وأضاف: «من الظلم أن ننكر على التجربة الديمقراطية في اليمن بأحزابها وتنظيماتها السياسية وبكل فعالياتها ما حققته من خطوات ديمقراطية ومكاسب سياسية ونجاحها في إدارة الدورات الانتخابية السابقة بنسبة عالية من التوازن الحزبي والفعالية السياسية خصوصا الانتخابات الرئاسية 2006م التي شهد لها المراقبون الدوليون لكننا اليوم وأمام هذه الأزمة المستحكمة نكاد نفقد تلك الصورة التي رسمها لنا الآخرون، خصوصا مع توالي التصريحات المتشائمة لبعض المنظمات والهيئات الدولية حول مستقبل الديمقراطية في اليمن»، مؤكدا أن «الدستور نص على تشكيل لجنة عليا للانتخابات محايدة ومستقلة لكن الأحزاب توافقت على التقاسم وأصبح تقليدا أو عرفا سياسيا على خلاف الدستور والقانون والقول بالعودة إلى الدستور والقانون محل تحفظ من المعارضة علنا ومن الحزب الحاكم مخافتة وقد بدا ذلك واضحا عندما طُرحت فكرة تشكيل اللجنة من القضاة باعتبارهم أكثـر الفئات حيادية بحكم الدستور والقانون».

وقال: «اليوم تطرح المعارضة تأجيل الانتخابات كمطلب أساس للخروج من الأزمة وتعديل قانون الانتخابات وإعادة تشكيل اللجنة على أسس جديدة من حيث النسب في العضوية، وهناك من يطرح مبدأ تقاسم المقاعد البرلمانية (غير معلن).

حينما ننظر إلى واقع الحياة السياسية التي تمر بها البلاد اليوم والظروف المحيطة بها والمتربصة بوحدتها وتجربتها الديمقراطية فإننا يمكن أن نبرر لبعض هذه المطالب من قبيل (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)».

وعن دور القضاء إزاء ذلك أضاف: «حتى اليوم لم نسمع بمن فكر أو يفكر في اللجوء إلى القضاء عبر كل الأزمات السياسية والانتخابية التي مرت بل إن الأحزاب الرئيسية أقدمت على انتهاك استقلال القضاء وتعطيل دوره الرقابي في أول دورة انتخابية 1993م حينما اتفقت فيما بينها على سحب الطعون الانتخابية من أمام المحكمة العليا بعد أن اتصلت تلك الطعون بالمحكمة اتصالا قانونيا، وأصبح الحق فيها للمجتمع لتعلقها بحقوق عامة تمس المصلحة العامة، الكثير من الأحكام القضائية المتعلقة بالانتخابات تم تعطيلها بتوافق حزبي، الاستخفاف بالقضاء والتشكيك في نزاهته عبر وسائل الإعلام الحكومية والحزبية، إضعاف دور القضاء وانتهاك استقلاله».

وأوضح أنه «لا أحد يؤمن بمرجعية دستورية لا برلمانية ولا قضائية، بل ربما أن الكل يعمل على إقصائها وتعطيل دورها ويفضلون الضمانات السياسية ومرجعية الاستقواء بالذات أو بالغيرو تهميش البرلمان والقضاء وطلب الحلول ممن لا يملكها ولم نعتبر بعد بتجارب الآخرين بكل أسف»، مؤكدا أن المعالجات المستعجلة من خلال التسويات السياسية للمشاكل الملحة قد تشكل حلولا مؤقتة، لكنها لا تمثل حلولا دائمة وصالحة على المدى الطويل»، منوها أن «تجربتنا الديمقراطية تواجه تحديات حقيقية دون مبالغة وبأنه سيترتب على الفشل في تجاوزها (التحديات) مشاكل مستقبلية قد تؤثر سلبا على مستقبل الديمقراطية والحياة السياسية لفترة زمنية غير قصيرة. وأبرز هذه التحديات القائمة اليوم هو (المأزق الانتخابي) الذي انزلق إليه أطراف العمل السياسي في السلطة والمعارضة بحيث أصبح المشهد الانتخابي يعكس رؤية ضبابية وغير مبشرة لأي راصد محلي أو أجنبي».

وأشار إلى أن «النخب السياسية التي تدير العملية الانتخابية تمر بأزمة حقيقية ولا عيب في الاعتراف بذلك، ومواجهة أنفسنا بهذه الحقيقة.

ولكن العيب هو في أن نعجز عن مواجهتها والتغلب عليها بأساليب ديمقراطية وبمسئولية وطنية متجردة، من الأهواء والذاتيات».

داعيا العقلاء الغيورين على استقرار الوطن وحماية ثوابته أن يضطلعوا بمسئولياتهم الوطنية والاحتكام إلى مصالح الوطن العليا منطلقين من أن الحقيقة المطلقة تتجسد في الواحد الأحد وما عداه فهو نسبي، وأن يسود الحوار على أوسع مستوياته تحت سقف الدستور وبمشاركة حقيقية لمنظمات المجتمع المدني ومفكري الوطن وعلمائه ومناضليه، وأشار إلى وجود أزمة ثقة بين النخب السياسية والمجتمع، داعيا هذه النخب الخروج إلى الواقع والمناقشة في كافة المواضيع مع أبناء المجتمع.

فيما وضح الدكتور حمود العودي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء التهديدات والمخاطر الموجهة ضد الثورة والجمهورية والمتمثلة في تنامي النزعات الرجعية والمناطقية والطائفية والقبلية.وتراجع مثل وأخلاقيات الثورة والجمهورية وروح الثقافة الوطنية والقومية، والإنسانية وكذاتغليب المصالح الشخصية غير المشروعة على الحقوق والمصالح الاجتماعية والوطنية العامة.

أما التهديدات والمخاطر المحيطة بالوحدة والديمقراطية فذكر منها تفاقم الفساد المالي والإداري من جهة ومظاهر التهميش الاجتماعي من جهة أخرى، وتراجع مبدأ الشراكة السياسية في السلطة والمصداقية الديمقراطية في الممارسة، وغياب القناعة الكافية بدولة المؤسسات المدنية ومبدأ التداول السلمي للسلطة، مشيرا إلى التهديدات والمخاطر الموجهة ضد الأمن والاستقرار والتنمية المتمثلة في تغييب فاعلية القانون والنظام كمرجعية عليا للسلطة وإدارة المجتمع وسقوط مبدأ الثواب والعقاب المشروع كسنة من سنن الوجود الاجتماعي وضروراته. وتعطيل دور القطاع العام والتعاوني وهبوط سقف العدالة الاقتصادية والاجتماعية في توزيع الموارد وتقديم الخدمات والأمان الاجتماعي.

ودعا إلى ضرورة إصلاح المسار الوطني العام انطلاقاً من خلال استنهاض الوعي والمسئولية العامة نحو ثوابت الهوية الوطنية والتاريخية وتعزيز حب الوطن وروح الانتماء إليه، وتفعيل جوانب التاريخ التراث الوطني الإيجابي، وتعزيز الهوية الثقافية والحضارية إنطلاقاً مما هو وطني مروراً بما هو قومي وإسلامي وصولاً إلى ما هو إنساني وحسم المواقف المتعلقة بالنزعات المناطقية والطائفية والقبلية والرجعية بقوة الحجة الوطنية والدستورية والوسائل المشروعة وتجسيد دولة النظام والقانون من خلال الاحترام التام لمبادئ الثورة واتفاقية الوحدة وقواعد الديمقراطية من جهة، واستئصال شأفة الفساد والإفساد بإقامة مبدأ الثواب والعقاب من جهة ثانية، وضمان حق العيش الكريم بالعمل والتعليم والصحة والضمان الاجتماعي طبقاً للدستور ومبادئ الثورة والجمهورية من جهة ثالثة. وأخيرا ضمان حق المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص في الحقوق والواجبات طبقاً للدستور والقانون.

كما دعا إلى ضرورة إصلاح المسار السياسي على أساس نظام رئاسي منتخب يضطلع بالمهام السيادية العليا للدولة والوطن ونظام وزاري برلماني ديمقراطي منتخب: ( رئيس وزراء منتخب من البرلمان، وحكومة ممنوحة الثقة منه تضطلع بكامل إدارة شئون الدولة والمجتمع سياسياً واقتصادياً). ومجالس إقليمية وسياسية وإدارية تنموية منتخبة وفاعلة (محافظة أو أكثر) تجسد اللامركزية السياسية والاقتصادية في تخطيط وإدارة شئون الدولة والمجتمع في نطاق الإقليم المعين، وبالتنسيق مع مجلس الوزراء والمجالس الإقليمية الأخرى، ومجالس محلية إدارية وتعاونية تنموية أكثر فاعلية في المحافظات والمديريات، تركز على الشأن المحلي إقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، والعمل بإدارة وآلية تعاونية تامة بدعم وإشراف الحكومة والمجالس الإقليمية، والبرلمان المركزي، ودونما انتقاص من صلاحياتها ومسئولياتها المنصوص عليها في قانون السلطة المحلية.

وأكد على أن «الإصلاح الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي لا بد وأن يتم في ضوء فهم وإدراك كل المتغيرات الجارية عربياً وإقليمياً ودولياً لا بمعزل عن كل ذلك، بالنظر إلى حتمية التأثير والتأثر بكل ذلك سلباً وإيجاباً. وإن الاستجابة لمسار الإصلاح الوطني العام من شأنه تعزيز وحماية المكاسب الوطنية الكبرى في مسيرة الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية وتطويرها، في مقابل الإحجام والتردد الذي من شأنه عن يقين تهديد كل هذه المكاسب بالانهيار الفوري أو التآكل الجاري على قدم وساق، وضياع المصلحة الوطنية المشتركة للحاكم والمحكوم معاً، وحتى لا نندم وقت لا ينفع الندم».

وقال: «إن الاستجابة للإصلاح السياسي من شأنه حماية الوحدة الوطنية وتوفير الأمن والاستقرار وإرساء دولة النظام والقانون وتحقيق الشراكة الحقيقية في السلطة وتأمين تداولها السلمي الحق، في مقابل الإحجام أو التردد الذي من شأنه الحيلولة دون كل ذلك والاقتراب أكثر فأكثر نحو هاوية الفوضى والتمزق المدمر للجميع وللسلطة قبل المجتمع، والعاقل من اتعض بغيره».

وأشار إلى أن «الإحجام أو التردد الذي من شأنه تكريس حالة الفساد المالي والإداري وتعطيل حركة التنمية وتشويهها والمزيد من تدهور الأمن السياسي والاجتماعي والمعيشي للمجتمع وعلى رؤوس الجميع والحاكمين أكثر من المحكومين».

وقال في حديثه: «نحن اليوم ممزقون ومنفصلون وجدانيا وإن كان لدينا شكل سياسي موحد بينما قبل الوحدة كانت لدينا وحدة وجدانية قوية جدا»، مشيرا إلى أن الخلاف الدائر اليوم بين المؤتمر والمعارضة هو خلاف شخصي بحت.

فيما أشار الأستاذ سالم محمد حسين مستشار رئاسة مجلس الوزراء «انه بدءاً من الدورة الانتخابية الأولى للمجلس النيابي في 27 إبريل 1997م، والانتخابات الرئاسية الأولى في عام 1999م والانتخابات المحلية الأولى في عام 2001م والدورة الانتخابية النيابية الثالثة في 27 إبريل 2003م وانتهاء بالانتخابات الرئاسية والمحلية في 20 سبتمبر 2006م فقد كانت العديد من الخلافات والمصاعب والتعقيدات مرافقة لكل استحقاق منها غير أنه أيضاً قد أمكن حلها وتجاوزها بهذا الشكل أو ذاك ولم تصل إلى حد الحيلولة دون الإيفاء بالاستحقاق الانتخابي أو منع حصوله في موعده المحدد كما هو حاصل اليوم أمام استحقاق الدورة الانتخابية النيابية الرابعة المحدد موعدها في 27 إبريل 2009م»، موضحا أن «الموقف الشكلي والمباشر للأزمة الانتخابية تتمثل في الاختلاف والتباين في موقف ورؤية الطرفين الأساسيين في العملية الانتخابية وهما الحزب الحاكم متمثلاً بالمؤتمر الشعبي العام وتكتل أحزاب المعارضة متمثلاً بأحزاب اللقاء المشترك».

وذكر أن «الاختلاف بين الطرفين يتركز حول الآلية الانتخابية المتمثلة في اللجنة العليا للانتخابات، وكل ما يرتبط بها ويتفرع عنها والسجل الانتخابي وقانون الانتخابات، وتقييم الأداء في جميع الانتخابات السابقة. والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين التي تستهدف الإصلاحات الشاملة في العملية الانتخابية والمزيد من الاستقلالية في مكونات وآليات العملية الانتخابية وكذا النظام الانتخابي وقواعد ومحددات عمل اللجنة العليا واللجان المنبثقة عنها خلال العملية الانتخابية أو في جهازها الإداري والفني، بالاضافة إلى دور وتأثيرات الإعلام الحكومي والمال العام والوظيفة العامة في العملية الانتخابية من خلال سيطرة الحزب الحاكم على دفة سلطات الثلاث وإمساكه بكل مفاصلها الأساسية وكذا الخطاب السياسي والإعلامي الذي يتسم بالعدائية المبالغ فيها بين الطرفين».

وأشار إلى أننا «اليوم وبعد ما يقارب العشرين عاماً من تحقيق الوحدة نجد أن أوضاعنا لم تزل دون الآمال والطموحات وذلك على الرغم من الكثير من الجهود والتضحيات الكبيرة التي قدمها شعبنا خلال هذه الفترة وأن هذه الإخفاقات التي تراكمت لتصل بنا إلى الأوضاع الراهنة التي نعايشها اليوم حيث لا تزال الأوضاع الاقتصادية تعاني من الاختلالات الفادحة بين القطاعات الخدمية والقطاعات الإنتاجية ويتسم ما هو موجود منها بالهشاشة والضعف والاعتماد شبه الكلي على عوائد النفط والمنح والقروض الخارجية.

وفي مجال التنمية فلا تزال الخطط والبرامج والمشاريع الاستثمارية عاجزة عن الوصول إلى نقطة الإمساك بناصية السيطرة والتحكم ومهما حققت من نتائج أو عوائد فلا تزال بعيدة عن تلبية الحاجات المتصاعدة والمتوسعة وبالتالي فلا يزال قصب السبق بأشواط لصالح توسع وتفشي مظاهر الفقر والعوز والبطالة، وهذا فضلاً عن الفشل والإخفاق النسبي في بعض المشاريع الكبرى مثل مشروع المنطقة الحرة في عدن.

كما ونعيش هذه الأيام عودة وانبعاث العديد من المظاهر السلبية التي بدى في أوقات سابقة أنه قد تم التغلب عليها وتجاوزها مثل مظاهر التقطع والاختطاف والاعتداء وحمل السلاح وقبل كل ذلك الحروب الخمسة في محافظة صعدة والحراك السياسي في المحافظات الجنوبية وتفشي مظاهر الضعف والاختلالات الأمنية وغياب أجواء الأمن والاستقرار والطمأنينة في محافظات بأكملها وتنعكس كل تلك المظاهر المزعجة وغيرها في طبيعة الخطاب السياسي والإعلامي بين السلطة والمعارضة بعيداً عن منطق العقل والحكمة والمسئولية مما يضاعف من تآكل رصيد الثقة والمصداقية والمشروعية لدى قطاع كبير من أبناء الشعب وطغيان مشاعر الإحباط واليأس والتشاؤم الأمر الذي بدوره يوسع ويعمق الفجوة التي تفصل بين الشعب ونخبه السياسية في السلطة والمعارضة بكل ما يعنيه ذلك ويرافقه من حيث عدم الثقة بالدولة وسلطاتها ومؤسساتها وضعف الارتباط والتفاعل معها والبحث عن بديل لها».

إلى ذلك وضح اللواء الدكتور صالح حسن سميع وزير المغتربين السابق أن «السلطة في العالم العربي مازالت بيد رأس الدولة سواء كان رئيسا او ملكا وهو الذي يمسك بكل عناصر القوة التي لم تنتقل بعد إلى الأمة وإن كان الدستور يحمل نصوصا جيدة عن التداول السلمي للسلطة، وهذا يدلي بحقيقة أننا لم نصل بعد إلى درجة التداول السلمي للسلطة»، مشيرا إلى أن «أكثر مظاهر الديمقراطية في الوطن العربي هي مظاهر خادعة ووسيلة لتبرير السلطة والابتزاز» .

وقال: «إذا لم يكن هناك رشد سياسي وشعور بالمسؤولية من النخبة فإن هذه الوضعية تؤدي إلى إفساد الواقع السياسي ولابد من هندسة الوضع الديمقراطي بحيث تكون القضايا وعناصر القوة كلها بيد هذا الرجل ولاتنتقل هذه القوى إلى المجتمع لأنه لم يتطور بعد ولم يصل إلى مرحلة الديمقراطية»، مؤكدا على أن «القضاء لايمكن أن يكون مستقلا لأنه سيخل بقواعد اللعبة فلابد من أغلبية مريحة لرأس الدولة وهي غاية تبرر لها كل وسيلة».

وأشار إلى أن «الحل للوضع الراهن هو طريقة الكتلة التاريخية إذا كانت النخبة السياسية راشدة وأن تضع لها برنامج واستراتجية تبنى على مراحل زمنية معينة لحل مشكلة السلطة وتبنى قضاياها في كل المجالات على هذا الأساس».

أما عبد الحفيظ النهاري مسئول الدائرة الإعلامية باللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام فقد أشار إلى أن «الديمقراطيات في العالم تبنى على المصالح سواء كانت مصالح الشعب أو النخبة السياسية ولابد من العمل على عدالة توزيع هذه المصالح، وفرق بين الحق الشخصي لمقاطعة الانتخابات وجريمة إرغام الآخرين على المقاطعة أو على التأجيل وتعطيل العملية الديمقراطية القادمة».

النائب سلطان العتواني الأمين العام للتنظيم الناصري أشار إلى أن «لغة التقاسم هي لغة الحزب الحاكم، والمعارضة تمقت وترفض هذا المصطلح وتطالب بضرورة إيجاد لجنة عليا محايدة ومستقلة بالقانون الذي يتضمن كل التفاصيل التي ينبغي أن تلتزم بها هذه اللجنة»، مؤكدا أن قضية الاستحواذ على الأغلبية لاتحقق الحيادية في عمل اللجنة ونفى أن تكون المعارضة قد تحفضت على القانون.

وقال: «نحن نسعى إلى تعديل القانون لإيجاد نصوص واضحة تلزمنا وتلزم هذه اللجنة لتعمل بحيادية تامة وأن يكون القضاء المستقل هو الرقيب والملجأ الذي يلجأ إليه الناس في حال الاختلاف، أما إذا لم يكن هناك لجنة عليا مستقلة ومحايدة أو قضاء مستقل ونزيه فمن حقنا كأحزاب أن نضمن في أن يكون هناك نوع من التكافؤ في الحقوق والواجبات التي نستطيع من خلالها أن نقول إن الحزب الحاكم يحصل على هذه النسبة أو أحزاب المعارضة تحصل على هذه النسبة».

وأضاف: «مرجعيتنا هي الدستور ويجب أن يحترم الدستور من قبل السلطة قبل المعارضة لأن السلطة تعمل على حمايته وتطبيقه فمسئولية الحزب الحاكم أكثر من مسئولية المعارضة».

ونفى أن المعارضة تطالب بالتأجيل للانتخابات بل تلزم الحزب الحاكم بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، متهما الحزب الحاكم بأنه من ضيع الكثير من الوقت لإجراء العملية الانتخابية منذ 18 أغسطس الماضي وحتى اليوم وهو يلعب وحده، مشيرا إلى أن «الانتخابات القادمة ستكون للحزب الحاكم وحده وليست للشعب اليمني».

مؤكدا أن «الأزمة ليست بين الحزب الحاكم والقيادات السياسية، بل هي بينه وبين المجتمع فهو من أوجد الأزمات سواء في الحراك الجنوبي وما يترتب عليه أو أزمة صعدة أو الفقر والأزمة الاقتصادية التي يعيشها البلد والاختلالات الأمنية».

وقال أيضا: «نحن لدينا مشروع إصلاح سياسي وطني شامل يوجد مؤسسات الدولة الحديثة وهي غير موجودة حتى الآن وعندما توجد يستطيع المشترك أن يحكم من خلال انتخابات حرة نزيهة ويستطيع إدارة البلد بأفضل مايكون».

فيما أكد عبد الإله أبو غانم عضو اللجنة الدائمة بالمؤتمر الشعبي العام أن «الانتخابات هي ملك للهيئة الشعبية الناخبة وليست ملك لأي حزب كان» مشيرا إلى أن «اللقاء المشترك يبحث عن تأجيل الانتخابات من أجل تعطيلها ويهدد باللقاء التشاوري الوطني ويبحث عن انتخابات يحصد فيها النتائج ولو بالقفز على كل الثوابت» .

وقال: «إذا كان الغرض توافق انتخابي على أساس دوائر مغلقة وتجرى الانتخابات في وقتها المحدد فهذه عادة العرف السائد في اليمن سواء سلطة أو معارضة»، مشيرا إلى أن المعارضة همها هو هم حزبي قبل أن يكون جماهيري أو إرادة وطنية، وأن الانتخابات المحلية والرئاسية الأخيرة هي الحجم الحقيقي للقاء المشترك».

ودعا إلى أن «جعل الصندوق الانتخابي هو الحكم إذا كان اللقاء المشترك يحرص على السلم الوطني، ويريد أن تتم العملية الديمقراطية في وقتها وأن ينميها».

منوها أن «المظاهرات والاعتصامات وقطع الطريق وتأجيج القضية الجنوبية والحراك الجنوبي هي قضايا لاتخدم الوطن وإنما تؤدي إلى مشاريع سيخسر بها اللقاء المشترك هيئته الناخبة في اليمن».

فيما استعرض الدكتور أحمد سعيد الدهي أستاذ كلية التجارة جامعة صنعاء المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مبينا أن الأمور تأخذ منحا تراجعيا مؤلما، وموضحا أن دخل الفرد بعد المسيرة الطويلة والتضحيات لم يتغير منذ أيام الإمامة.

فيما اشار الدكتور عبد العزيز الترب المستشار اليمني للتنمية في الاتحاد الاوروبي إلى أن قوانيننا من أفضل القوانين ونحن أسوأ من طبقها، منوها إلى أن «الإدارة مقتولة في الوطن العربي وغير موجودة في اليمن وعلينا ألا نتاجر باليمن مهما اختلفنا فاليمن باقية»، داعيا إلى توفير استقرار وظيفي واقتصادي وتنموي للجميع.

فيما أكد عضو المكتب السياسي لحزب التنظيم الشعبي الوحدوي حاتم أبو حاتم «أن النظام لايتجاوب إلا مع من يقوم بالعنف ويتحاور مع الخاطفين ويعقد صفقات معهم ومن يناضل سلميا هو عدو الوطن والوحدة والديمقراطية».

وأشار عبد القادر سلام رئيس تحرير صحيفة «العروبة» إلى أن «السلطة أصبحت مغنما يبحث عنها الجميع وان الكثير من خريجي الجامعات والكفاءات بدون اعمال بينما مشايخ وجهلة يسيطرون على مفاصل الدولة ولا يمكن تحقيق الديمقراطية إلا بتوفير العمل لكل قادر، ورغيف الخبز للجميع، وعدم استغلال الناس مقابل لقمة العيش لتسخيرهم كالعبيد».

فيما أشار الدكتور عبد الله بالغيث أستاذ التاريخ بجامعة صنعاء إلى «التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي وفق مصالحه الخاصة ولجوء بعض الأحزاب إليها في تحقيق بعض المآرب، مؤكدا أن ماوصلنا إليه اليوم هو نتيجة صراع سياسي دام أكثر من سبعين عاما وليس من حق أي حزب أن يطالب اليوم بالتقاسم، مشيرا إلى أن «إقفال الباب السلمي هو المولد لمشاريع العنف فمن حق الناس جميعا الطموح للوصول إلى السلطة»، داعيا الى ضبط الخلافات والاحتكام إلى الثوابت الوطنية التي تحدد وفق توافق وطني ثم بعدها نختلف كيفما شئنا ولكن تظل مصلحة الوطن خط أحمر لايمكن تجاوزه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى