«الأيام» ترصد وقائع مراسيم الصلح القبلي بوادي تلب بيافع .. القبائل المتصالحة تتعهد بالوفاء في تنفيذ بنود الصلح كاملة

> تلب - يافع «الأيام» صلاح القعشمي:

>
صور من مهرجان الصلح
صور من مهرجان الصلح
شهدت منطقة وادي تلب بمديرية يافع لبعوس محافظة لحج مراسيم صلح قبلي، جاء ثمرة لجهود جبارة ومساعي حميدة بذلها مشايخ ووجهاء وشخصيات اعتبارية من مختلف مكاتب يافع العشرة.

طيلة مئة يوم من أجل حقن الدماء ونبذ الفتنة وإطفاء نارها المحرقة للنفس والمال والزرع والتي عاشها أبناء قبائل آل بن حسن الحميري وآل بن فليس الذين تربطهم علاقة أخوة وأرحام في منطقتهم وقراهم المتجاورة خلال أكثر من ثلاث سنوات عجاف.

وكانت تلك الفتنة قد أدت الى إزهاق أنفس بريئة من كلا الطرفين، وتعطلت بسببها الدراسة وأغلقت المدرسة الوحيدة التي يتلقى فيها أبناؤهم وبناتهم التعليم، ناهيك عن الوحدة الصحية والمصالح العامة الأخرى، وتشرد الكثير من منهم.

وقامت لجنة الصلح التي وصلت من بلد الاغتراب في المملكة العربية السعودية بطرق باب الصلح والتسامح وكسر حاجز التردد والعناد وكثف أعضاء اللجنة جهودهم المتفانية بتعاون مشايخ المكاتب العشرة بيافع والمحبين للخير والصلاح، ووجدوا تجاوبا وتعاونا من قبل الأطراف بما مكنهم من الدفع بعملية الصلح نحو الأمام، وأثمرت جهودهم جميعا بموافقة الأطراف على توقيع بنود الصلح بينهم مساء التاسع من مارس 2009م في منازل آل النقيب الكرام برئاسة الرجل الفاضل الشيخ عبدالرب أحمد النقيب، نقيب يافع ومعية الأخوة أعضاء لجنة الصلح القادمين من المهجر يتقدمهم الشيخ حسين عبدالله بن عمر داؤد والشيخ عبدالله عبدالرحمن بن وهاس والشيخ صالح سالم البطاطي، وآخرين من المشايخ والوجهاء.

وبعد أن تم توزيعهم واستقبالهم في ثلاثة منازل قام الأخوة الشيخ عبدالقوي محمد محسن الوحيري بتلاوة منطوق الصلح على المجموعة الأولى من آل محسن وآل أبوبكر بن حسن الحميري، وفي نفس الوقت قام الشيخ عبدالقوي محمد النقيب بتلاوة المنطوق نفسه على المجموعة الثانية وهم آل بن فليس، فيما تلى الشيخ صالح سالم البطاطي، منطوق الصلح على المجموعة الثالثة وهم آل جابر بن حسن الحميري وبحضور عدد من أعضاء مجلس النواب والشورى والسلطة المحلية والمجلس المحلي والمشايخ والوجاهات، وتمت الموافقة والقبول به، وقاموا بالتوقيع عليه وسط ابتهاج وتصفيق وتهليل كل الحضور.

أطفال في تلب بأزيائهم الشعبية
أطفال في تلب بأزيائهم الشعبية
ثم قام أعضاء لجنة الصلح بعد ذلك بمتابعة جهات الاختصاص للإفراج عن كافة المحتجزين لدى الجهات الأمنية في المديرية والمحافظة على ذمة عمليات قتل وإصابات تعرض لها 12 شخصا.

وتم تحديد يوم الخميس مهرجانا لمراسيم الصلح القبلي الذي شارك فيه الآلاف من أبناء يافع والمحافظات الأخرى والمهجر ومعهم المشايخ والوجهاء وقيادات السلطة المحلية في مديريات يافع والمحافظة عبر فيه أطراف النزاع عن اقتناعهم ببنود الصلح واستعدادهم على تنفيذ بنود منطوق الصلح وفتح صفحة جديدة وعهد جديد يسوده الود والإخاء والسلام والاستقرار لهم ولأبنائهم.

وخلال المهرجان رسم أفراد القبيلتين أجمل مشهد وأروع لوحة تصالح وتسامح في يوم تاريخي عظيم تشهده مناطق يافع، ويعتبره الجميع الملحمة التاريخية الثانية بعد صلح منطقة القعيطي الذي تم تنفيذه في العام 1998م.

«الأيام» شاركت في هذا اليوم التاريخي، ورصدت بعض التعبيرات والانطباعات لدى عدد من المشاركين.

و أشار الشيخ عبدالرب أحمد النقيب، في كلمة له إلى أنه بتوقيع الصلح بين آل بن فليس وآل بن حسن الحميري، توحدت مكاتب يافع العشرة وتعهدت على السير قدما يدا واحدا وصفا واحدا ضد الباطل أينما كان أو وجد ونصرة المظلوم اتباعا لقوله عليه الصلاة والسلام «انصر أخاك ظالما أو مظلوما».

وقال: «إن إنهاء قضية تلب وحلها قد شجعتنا على المضي قدما يدا واحدة مع جميع الخيرين من رجال يافع لخدمة يافع ومصالح أبنائها»، داعيا إلى «نبذ الفتنة والثأر والعنف والتطرف والامتثال لبعضنا البعض وأن نحافظ على مصالحنا واستقرارنا».

وطالب الشيخ النقيب، الجميع بالالتزام بما نصت عليه وثيقة يافع التي حرمت قطع الطريق وأخذ أموال الناس بالباطل «كونها ليست من شيمنا وأخلاقنا»، مشيرا إلى أن «وثيقة يافع الموقع عليها عام 95 قد حرمت الثأر والحدود بين مكاتب يافع عامة».

كما دعا آل بن فليس وآل بن حسن للالتزام بما وقعوا عليه وتعهدوا به أمام الله وأمام المشايخ والحاضرين، والعمل على نشر روح المحبة والسلام والتسامح والتعاون فيما بينهم لما من شأنه الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.

و أعرب الشيخ صالح سالم البطاطي عن التقدير لآل بن حسن وآل بن فليس «لنبلهم وشجاعتهم في قبول الصلح والصلاح، وما هذا اليوم إلا خير دليل لوفائهم بالكلمة والفعل»، منوها إلى أن «ذلك يستوجب على الطرفين الالتزام بما تعاهدا به».

و أكد الشيخ أحمد محسن علي البطاطي، شيخ مكتب اليزيدي على أهمية التزام وانضباط الطرفين المتصالحين بما تم التوقيع عليه والتقيد بكل بنوده، وأن يكون إكرامهم لهذه الجهود هو وفاؤهم وتعهدهم للجميع بالعمل على خلق حياة آمنة ومستقرة لكل أبناء المنطقة وتربية أطفالهم وأسرهم بروح حب الإخاء والاحترام المتبادل وإرساء علاقات اجتماعية حسنة لأنها أساس التطور في الحياة وبجعل منطقة تلب أرضا للمحبة والأخوة الصادقة «كي يعيش أطفالنا حياة أفضل وحياة مستقرة ومطمئنة وهادئة».

وقد أعرب الأخ سامي العياشي، مدير عام المديرية في كلمة ألقاها عن التقدير والاحترام للجهود والمساعي الحميدة التي بذلتها لجنة الوساطة والصلح القبلي، من أجل الخروج بهذه القضية المعضلة إلى بر الأمان، معربا أن أمله في يكون الصلح الذي تم التوصل إليه فاتحة لحل قضايا جميع مناطق يافع.

وقال العياشي: «إننا في يوم التصالح والتسامح الحقيقي لأبناء يافع ندعو كافة إخواننا في مناطق الاقتتال والثأر القبلي في الحد والصبيحة وشبوة وغيرها من مناطق اليمن إلى الاقتداء بهذا الصلح العظيم وحل مشاكلهم وقضاياهم سلميا بعيدا عن العنف والسلاح وإخراج أنفسهم من دوامة الفتنة وإزهاق الأرواح وسفك الدماء».

وأكد العياشي، استعداد السلطة المحلية للوقوف إلى جانب مشايخ ووجها يافع في مساعيهم وجهودهم الطيبة الرامية للإصلاح وحل النزاعات القبلية على صعيد يافع والمناطق الأخرى، معلنا في ذات الوقت عن استئناف الدراسة في مدرسة منطقة وادي تلب خلال الأيام القريبة بعد توقف طويل.

ووعد العياشي، باعتماد بناء مدرسة جديدة على نفقة المجلس المحلي والبدء في تنفيذ المشاريع المتعثرة بسبب الفتنة التي شهدتها المنطقة وفي مقدمتها مشروعي المياه والطريق، مطالبا أطراف الصلح إلى تنفيذ بنود الصلح والالتزام بكل ماجاء به حفاظا على الأمن والاستقرار.

كما ألقى الشيخ جمال ناصر بن هرهرة شيخ مشايخ يافع في وادي حضرموت والصحراء، كلمة حيا فيها لجنة الوساطة وأطراف الصلح، مطالبا الجميع بالالتزام به.

إلى ذلك ألقى الشيخ علي أحمد بن فليس والشيخ صالح محسن بن حسن الحميري والشيخ محسن عبدالكريم بن حسن الحميري، كلمات أعلنوا فيها عن الرضاء والقبول ببنود الصلح، والاستعداد للتوجه نحو خلق حياة جديدة بعيدا عن التعصب القبلي والعنف، وعاهدوا جميع الحاضرين على الوفاء والالتزام وعدم الإخلال ببنود الصلح.

وقد قام الشيخ محسن عبدالكريم الحميري، بتقديم هدايا رمزية عبارة عن سيوف أثرية لكل من الإخوة الشيخ عبدالرب أحمد النقيب والشيخ حسين عبدالله بن عمر داؤد والشيخ صالح سالم البطاطي، تقديرا وعرفانا منهم على الدور الكبير الذي قاموا به في إخراج المنطقة وأهلها من النزاع والفتنة الظالمة.

كما ألقى الشعراء الشيخ محمد سالم الكهالي، أحمد حسين عسكر، عبده علي اليزيدي، أحمد عوض أبو عارف، ونبيل الخالدي وآخرون قصائد شعرية عبرت عن هذا الحدث العظيم.

إلى ذلك بذل رجال الأمن في المديرية بقيادة المقدم عبدالله أحمد وهاس مدير أمن يافع جهود كبيرة في مساندة لجنة الصلح.

والتقت «الأيام» الأخ محافظ لحج محسن علي النقيب في تلب، الذي صرح بقوله: «نحن اليوم في منطقة ذي ناخب في تلب اليزيدي لإخراج مشكلة كنا نشتم منها رائحة الفتنة، وقد بذل المشايخ جهودا كبيرة تستحق تقديرنا. وكانت اللجنة برئاسة الشيخ عبدالرب أحمد النقيب الذي بذل جهودا ليل ونهار ومعه مشايخ يافع الطيبين سواء الذين ظهروا في هذه القضية أو الجنود المجهولين الذين لايريدون الظهور وكل أبناء يافع في الداخل الخارج بذلوا جهودا عظيمة في هذه القضية حتى وصلت إلى نهايتها قبل أسبوع في بيت الشيخ عبدالرب أحمد أبوبكر النقيب، رئيس اللجنة.

واليوم نأتي إلى هذه المنطقة لأخذ كل هذه المسائل وإنهائها ومشايخ يافع أخذت بوجهاتها كل ماتبقى من أمور، والتزم الكل بأن ينفذ بنود الصلح الذي وقعوا عليه وقد سمعتم الكلمات بأنفسكم سواء عن آل بن فليس أو من آل بن حسن، تعهدوا بأن ينفذوا كل ماورد في بنود الصلح، وهذا عشمنا فيهم».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى