في ندوة «أزمة القضاء ومستقبل العدالة» للتشاور الوطني

> صنعاء «الأيام» عبدالفتاح حيدرة:

>
عقدت اللجنة العليا للتشاور الوطني صباح أمس بمقر الحزب الاشتراكي اليمني بأمانة العاصمة صنعاء آخر ندواتها التي ترأسها رئيس اللجنة الشيخ حميد الأحمر، وكان موضوعها «أزمة القضاء ومستقبل العدالة».

وفي الندوة قدم عدد من أوراق العمل حول «أزمة القضاء» أبرزها ورقة الأخ محمد صالح البخيتي، الذي أوضح في ورقته المعنونة بـ «ثلاثون عاما من التدخل في أعمال القضاء» أن الحلقات السابقة للجنة الوطنية للتشاور لايمكن فصلها عن «أزمة القضاء» وبحسب ما حدده البخيتي فإن %70 من الفساد المالي سببه فساد القضاء.

وقال البخيتي: «إن الأزمات المختلفة لاتظهر ولاتتوالد إلا في ظل التطاول على الدستور والقوانين التي يقدم عليها القضاء، ولهذا فإن الأزمة القضائية هي امتداد أفقي لما سبق مناقشته».

وأكد البخيتي أن الأزمة السياسية التي تتمحور حول نظام الحكم ومدته وشروطه والتي تنشط قرب كل دورة انتخابية تؤدي في الأخير لتأجيل الانتخابات، «هذه الأزمة تتكرر وماكانت لتحدث لو كان هناك جهاز قضائي مستقل لأن في الدستور والقوانين النافذة ما يعالج الأزمات السياسية والمشكلة أن هناك من يتجاوزها ولايريد أن يخضع لها وإذا وجد ضغط داخلي أو خارجي تمنعه من تجاوزها فإنه يعد لها ويبدلها كلما وجد أنها ستقف في طريقه».

وأضاف قائلا: «لو كان القضاء مستقلا لما سمح ببقاء شخص واحد رئيس للجمهورية منذ وصل إليها إلى اليوم لأن الدستور ينص على حكم جمهوري ديمقراطي ولا يجيز أن يرشح الشخص نفسه لأكثر من دورتين انتخابيتين لكن القضاء يبقى متفرجا حينما يحين وقت خروج الرئيس وهم يشاهدونه يعدل الدستور بما يسمح له بالبقاء دورة بعد أخرى».

وأرجع البخيتي السبب في عدم أداء السلطة القضائية دورها في مواجهة الأزمات إلى عدم استقلالها مما يفقدها الحيادية، مؤكدا أن الدستور والقوانين المشرعة لاتكفي ولاتنفع إذا لم يتم تنفيذها، مؤكدا أن تطبيقها مرهون بموقف طرفي النزاع من الموالاة والاستقلالية إن كانت سياسية وعلاقة القاضي بطرفي النزاع إن كانت مدنية.

البخيتي: لو كان هناك قضاء مستقل وعدالة لما تأجلت الانتخابات

الجعبي قدم ورقة لرئاسة الجلسة عن انتهاك القضاء صحيفة «الأيام» جرى استبعادها

وقال:«إن القضاء يمر بأزمة مستعصية يجب علينا كأحزاب سياسية ومواطنين أن نناقشها لنخرج بحلول عملية والواجب يفرض علينا أن نسلك منحى آخر حتى ولو نضحي من أجل تطبيقه بكل غال ونفيس».

وأضاف البخيتي متحدثا حول قانون محاكمة شاغلي وظائف السلطة العليا: «الحقيقة إن لدينا من القوانين مايحقق العدالة والمواطنة المتساوية وإن كانت بعضها مجحفة يجب تعديلها، وقسّم القانون وظائف السلطة التنفيذية إلى قسمين قسم أعلى وقسم أدنى وهذا التقسيم يفصل بين من يجب أن يخضع للقانون ومن يغض الطرف عنه، وفي عنوانه ما يوحي باستثناء السلطة العليا من المحاكمة»، مشيرا إلى أن من مظاهر أزمة القضاء وجود ما يسمى بـ(محاكم الأموال العامة) «وهي محاكم شكلية لم تقدم حتى الآن أي مسئول فاسد ومفسد حقيقي للمحاكم فهي منشغلة بسفاسف القضايا، أما الفاسدون الحقيقيون الناهبون أموال الدولة والبائعين أرضها وبحرها وموانئها وحقولها النفطية وأمولها الثابتة والمنقولة فهم يسرحون ويمرحون أمام هذه المحاكم وحولها».

وقدم في ورقته رؤية أحزاب المشترك لإصلاح القضاء التي من خلالها دعا إلى إلغاء المحاكم الاستثنائية المتخصصة (محاكم أمن الدولة) وأن يكون تعيين منصب رئيس مجلس القضاء بيد القضاة أنفسهم لا بيد رأس هرم السلطة التنفيذية.

وأكد في ختام ورقته أن قضايا الثأر والحروب التي تخاض «هي في الأساس وليدة إهمال القضاء وغيابه أو بالأصح تغيبه عن هذه المشاكل وأن أزمة القضاء قائمة على ثلاثة أوجه: أزمة التدخل في القضاء وأزمة النصوص القانونية وأزمة ضعف القضاء وعدم تنفيذ أحكامه وإذا لم يتم العمل على إصلاح الخلل فإن اليمن مرشحة للمزيد من المشاكل والأزمات والانفلات الامني والفوضى العارمة».

أما الأخ خالد الآنسي الذي قدم ورقة بعنوان «استقلال القضاء مابين الدستور والتشريعات»، فبدأ حديثه بإخراج دستور الجمهورية اليمنية ملوحا به للجميع وهو يقول: «هذا طبعا دستور مالطا وليس دستور الجمهورية اليمنية».

واستعرض الآنسي في ورقته جملة من المواد والأحكام والنصوص الدستورية التي تقرر استقلالية القضاء واستقلالية تعيينات القضاة وحركة تنقلاتهم وانتدابهم ومرتباتهم وبدلات العمل والمساكن والعلاوات وتكوينات مجلس القضاء الأعلى ومشروعيته وصلاحياته.

وأوضح الآنسي في خلاصة ورقته أنه «قد ترتب على عدم تواؤم تشريعات السلطة القضائية مع الدستور عدم وجود سلطة قضائية مستقلة وحل محلها جهاز قضائي غير مستقر هو أشبه بإدارة حزبية أو تنفيذية خاضعة للحزب الحاكم وللسلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية ووزير العدل، وبطبيعة الحال فإن هذا الوضع أوجد قضاة لايشعرون بالولاء للدستور أو القانون وصار ولاؤهم لمن يملك حق التعيين والمتحكم في الحقوق المالية، والجهاز القضائي بوضعه الحالي يصبح غير قادر على القيام بالوظيفة الحديثة التي يفترض أن تقوم بها أي سلطة قضائية بشأن حماية الحقوق والحريات وأصبح الحزب الحاكم وفقا لنصوص السلطة القضائية ناهيكم عن الممارسة خصما وحكما في القضايا التشريعية والسياسية والإدارية بحكم السلطة الإدارية والمالية.

وتبع ذلك تقديم مداخلة القاضي لقمان محمد علي لقمان الذي عُزل من القضاء وتقاعد بسبب حكمه في قضية متهم فيها أحد أبناء رموز الدولة (العسكر)، أكد فيها أولا وجوب توضيح مفاهيم السلطة القضائية وقال: «لابد أن نوضح مفاهيم السلطة القضائية إما أن نسلك منهجية حيوانية وننتقل إلى مفهوم القوة والقوي هو المسيطر أو أن نرتقي إلى مفهوم الإنسان الممنهج وإخضاع النزاع والتخاصم إلى مستوى أرقى من تنازع البهائم، والسلطة هو مسمى ولها هيكل والمتسلط عليه هو الإنسان إما لمصلحة العدالة أو لمصلحة الظلم، والسلطة القضائية اليوم في اليمن هي سلطة تخدم الظلم والباطل والمتسلطين، وأصبحت سلطة مزاجية تمتص دم الأمة لتتخلص منها».

وأوضح أنه لايمكن أن يخضع أحد للقوانين إلا برادعين الأول رادع العظمة والرقي والأخلاقيات والرادع الثاني هو منبه للرادع الأول ممثلا بالقوانين النافذة، وقال: «ونحن في اليمن نواجه تجاوزا لهذين الرادعين فلدينا مرض اسمه (فقدان العدالة) ولابد أن نعالج أنفسنا لحماية العدالة، والمجتمع لم يوحد معاناته ولم ينتقل من المعاناة للمعالجة وأصبحت العدالة تتعامل مع مملوكات».

وأشار إلى أن مبدأ الحصانة هو تمييز بين المواطنين وأنه مبدأ مستورد، وأن المحاكم النوعية جاءت لتكريس العنصرية وهي متخصصة - حسب رأيه - بالكلفتة وإلغاء الحريات.

وقال: «أي شريعة لا تحمي العرض والأرض والمال لاحاجة لنا بها والقضاء اليمني مريض وينبغي أن يعزل في مستشفى للعلاج».

أما الأخ جمال الجعبي، فأوضح في مداخلته المختصرة أن القضاء لدينا هو محتل من قبل السلطة التنفيذية مثل الأمن السياسي والجيش وغيره. وقال الجعبي: «لابد أن نعمل سويا على تحرير هذه المؤسسات من السلطة التنفيذية لأن السلطة تقوم باحتلال كل شيء ومايتم الآن من رفض يصب في مساق إنقاذ البلد من يد سلطة تقودنا إلى الهاوية».

ولوحظ أنه لم يتم تلاوة جزء من مداخلة للأخ الجعبي بعنوان (الصحافة كضحية: استخدام القضاء للتنكيل بالصحف)، مشيرا من خلالها إلى ما تتعرض له صحيفة «الأيام» ورئيس تحريرها الأستاذ هشام باشراحيل ومنتسبي الصحيفة من مماحكات ومضايقة وتلفيق تهم ومصادرتها لمنعها من الوصول إلى المحافظات.

كما لم تتح الفرصة لمراسل «الأيام» لتقديم مداخلة حول محاكمة «الأيام» بشأن عملها المهني القائم على الشفافية والموضوعية في نقل وقائع الأحداث.

وتحدث الكاتب والأديب أحمد صالح الفقيه، فقال: «إن القضاء في بلادنا فاسد من يوم بدأت عسكرته، واليوم نحن نعيش أزمة حقيقية والحاكم ومن حوله يشعرون بالتخبط، وأنا متاكد أنهم في الأخير سيسحبون أنفسهم من الساحة، ونحن بحاجة إلى برنامج ينقذ البلد ليس له سقف أو محرمات، لأننا نعرف أن المشكلة لنا وعلينا.. عيب على شعب تعداده 22 مليونا أن يتحكم به 15 شخصا.. إذا ماصح تقرير هلال وباصرة».

أما الأخ أحمد الكبسي فقال: «قضية اليوم هي قضية القضايا للأسف أن الأصل في إنشاء القضايا كان بإرسال بعثات من الأمن السياسي لدراسة الحقوق للحصول على شهادات جامعية كبرى نراها الآن تتحكم في الحكم والقضاء ببلادنا».

أما م.مطهر الشامي فقال:«نحن نتحدث عن القضاء وإذا بنا نتفاجأ بجموع من الشرطة يفتشون السيارات والجيوب أيضا والحقيقة أنه لو كانت هناك معارضة حقيقية لما كان هناك تأجيل للانتخابات وكان الواجب أن يعتذر الإصلاح للناس جميعا بسبب وقوفهم مع الظالم أثناء حرب العدوان صيف 94م».

أما د.عيدروس نصر النقيب فقال: «القضاء هو علامة الازدهار وهو أيضا علامة الانهيار في أي بلد والحقيقة هناك غياب للرادع الأخلاقي وتغييب للرادع القانوني».

ويرى مقبل نصر غالب أن اليمن لديه عدالة من نوع آخر وهي حسب قوله «صنع الطغاة وتقسيم السرق على الشعب».

وأضاف: «إذا أردنا أن ننفذ حكما فلابد أن نحمل (صميل) لتنفيذ هذا الحكم».

وقال محمد الحربي إن سبب تدني أداء القضاء هو النظام الذي يستولي على كل المؤسسات، مطالبا بمحاسبة النظام وليس القضاء.

من جانبه أعلن الشيخ حميد الأحمر أن هذه آخر ندوة تعقدها لجنة التشاور والحوار للقاء المشترك، مطالبا برص الصفوف من خلال التشاور الوطني للخروج برؤى واضحة «من أجل إمساك زمام وطن عدل نعمل من أجله كلنا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى