هل تنتصر اليمن في معركة مواجهة التطرف الفكري؟

> عدن «الأيام» تقرير : مرزوق ياسين

> صدر أمس قرارا جمهوريا بتشكيل لجنة لإعداد ومتابعة إنشاء مركز إعادة تأهيل المتطرفين بالتزامن مع معارك يخوضها الجيش مع عناصر القاعدة واستنفار أمني تحسبا لهجمات في أمانة العاصمة وعدد من المحافظات.
وازدادت وتيرة التطرف الفكري والانقسام المذهبي مع ضعف التعليم العام ومخرجاته وتخلي الدولة عن مسئولياتها وتوظيف التعليم الديني في مساع أطراف للوصول إلى الحكم و مواجهة الخصوم السياسيين مستفيدة من تزايد الصراع الإقليمي والدولي في المنطقة.
ويشكل التطرف الديني وفقا لمراقبين أحد المخاطر التي تهدد المرحلة الانتقالية التي تصبغها القوى الدينية المتطرفة بمفاهيم الخيانة وصوغ دستور علماني تقول انه لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية، شبيهة إلى حد كبير بالمرحلة الانتقالية عقب توقيع وحدة اندماجية في العام 90.
وجرى توظيف التطرف من قبل السلطة، بحسب تصريحات سابقة لرئيس لجنة الحوار مع أعضاء تنظيم القاعدة في اليمن وزير الأوقاف والإرشاد السابق حمود الهتار، أنه يعرف كثيرا من أعضاء تنظيم القاعدة في اليمن أثناء حواره معهم وعقب سيطرة القاعدة على أبين صاروا يتعاملون مع نظام صالح ويتلقون مكافآت مالية منه.
وبدأت اليمن مطلع الألفية الثالثة تجربة حوار وتأهيل لسجناء متطرفين ينتمون لتنظيم القاعدة ومجاهدين سابقين في أفغانستان غير أن خارطة التطرف توسعت مع الأحداث التي شهدتها اليمن منذ العام 2011م وحتى اليوم ومع مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن تحول تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب إلى معقل لانطلاق أخطر العمليات الانتحارية والاغتيالات واستهداف الشرطة والجيش.
وأرجع أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة عدن د.هشام السقاف نشوء التطرف في الجنوب إلى مراكز قوى في السلطة وكان أحد وسائلها وأساليبها في حربها على الجنوب عام 94م.
وقال السقاف: "إن مراكز في السلطة كانت اللاعب الأساس لنشوء التطرف عندما جعلت من موضوع التطرف بعض الأساليب المسلطة على الجنوب لضربه وتدمير قيمه المدنية".
وأشار السقاف أن قرار تشكيل اللجنة الذي أصدره رئيس الجمهورية أمس يأتي ضمن المعالجات التي قد تؤتي ثمارها على المدى البعيد، مؤكدا على دور المجتمع في مواجهة التطرف من خلال آليات سريعة تبدأ من الأسرة والخطاب الديني الوسطي في المساجد والمراكز الدينية، بالإضافة إلى تغيير المناهج التعليمية باعتبارها المادة الأساسية لتشكيل الوعي عند الطلاب في سياقه الصحيح.
وأكد على أهمية التعاطي الديني من خلال رجال دين وعلماء يستطيعون تقديم صورة إيجابية عنه بالشكل الصحيح كما أمرنا الله تعالى ورسوله الكريم من خلال المساجد التي تتجاذبها وظيفة عكسية عندما يسيطر عليها الغلاة واستخدام منابرها لنشر العنف والتعبئة الخاطئة. مشيرا إلى ضرورة إخضاع الجامعات الأهلية والمراكز التعليمية والدينية لسلطة وإشراف الدولة واعتماد مناهج تعليمية معتدلة، وهذا الأمر ينبغي أن يكون جزءا من إستراتيجية الدولة التعليمية في مواجهة مخرجات تعليم التطرف.
ويرى د. نبيل الشرجبي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة أن معركة اليمنيين مع التطرف معركة طويلة ونجاحاتها بطيئة ولن تكون سريعة، وأن إنشاء أي جهة معنية بهذا الأمر دون إستراتيجية واضحة تتوافق مع الدور الديني و الاجتماعي والتعليمي والإعلامي والسياسي، وتحديد البداية ثم التكامل لن يكتب لها النجاح.
وتساءل الشرجبي هل الإمكانيات الفكرية والدينية والإعلامية قادرة على مخاطبة هذه المجموعات ؟، مؤكدا أن تجربة البلد لم تحقق شيئا مع التشدد الإعلامي في نشر الخطاب الديني المتطرف.
وقال الشرجبي لــ "الأيام" : " إن المؤسسة الدينية انقسمت تجاه معركة الجيش الأخيرة بين من يؤيد ومن تحفظ، وهذه المشكلة كانت إحدى العقبات في مواجهة التطرف خلال المرحلة الماضية". وأضاف : "لنفترض أن العقبات انتهت وتبقى الإمكانيات لانخراط هذه المجموعات في المجتمع من خلال أنشطة اقتصادية ومشاريع تنموية، ومن المهم التركيز على الاستفادة من التجارب الخارجية التي نجحت في هذا المجال وأخذ مايحقق ويفيد التجربة اليمنية" .
وأكد الشرجبي أن مواجهة التطرف بحاجة إلى قرار قوي من كافة المؤسسات التي تشرف على هذه المجموعة، و أن أسباب التطرف الخارجية من الصعوبة بمكان التغلب عليها وبما خلقته من مشاعر عداء تجاه الهيمنة ودعم إسرائيل من قبل أمريكا على سبيل المثال.
كما أكد أن أسباب التطرف الداخلي في الخطاب الديني يعززه استمرار الفساد السياسي بشكل واضح جدا، وغياب دور العدالة والفساد المالي والاقتصادي والظلم الاجتماعي، وهذه الظواهر بحاجة إلى قرار لمعالجتها والحد منها من صانع القرار.
وقال الشرجبي : "الأمر الثالث تدخل أطراف دولية في دعم التطرف يتمثل في دعم أطراف إقليمية لجماعات في مواجهات جماعات أخرى في خطاب ديني، تحول إلى نوع من أنواع التطرف، فهذا رافضي وهذا تكفيري وأفكار مستوردة من الخارج تعمل على مزيد من الانقسامات مع غياب للخطاب الديني المعتدل" .
ونوه أستاذ العلوم السياسية إلى مخاطر ضعف الدولة في مناطق متعددة من البلد وقال: "غياب وضعف الدولة في مناطق متعددة أوجد مناهج دينية لجماعات ترى أن الحكومة استجابت لمطالب الغرب في تغيير مناهج التعليم التي تحمل فكرا جهاديا والتعويض عنها بمناهج أخرى، وهذا الأمر زاد من حدة التطرف للأشخاص المتلقين لهذه المناهج التي تقدم جرعات وشحنات فكرية تدفعهم للتطرف في مواجهة خصومهم والدولة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى