القرار المؤجل .. رفع الدعم عن المشتقات النفطية

> تقرير " الأيام" خاص:

> تزايدت أزمة المشتقات النفطية واختناقات الطلب على الوقود في محطات تموين الوقود خلال الأسابيع الأخيرة مع ورود تسريبات تشير إلى اعتزام الحكومة رفع الدعم عن الوقود وفقا لمطالبات دوليةواشتراطات الصناديق المانحة .
وتجري الحكومة اليمنية مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يفي بالتزاماتها قبل تطبيق قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي يكلف الدولة سنويا مليارات الدولارات.
وشهدت محطات الوقود في صنعاء، ومحافظات أخرى طوابير طويلة من المواطنين والسيارات بحثا عن الوقود ،على رغم نفي مصدر مسؤول في مكتب رئيس الوزراء و شركة النفط اليمنية عزم الحكومة زيادة أسعار المشتقات النفطية.
وذكرت (صحيفة الحياة) في عددها الصادر يوم أمس أن الحكومة اليمنية تتعرض لضغوط كبيرة من صندوق النقد والبنك الدوليين لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، بالتوازي مع توقّعات سياسية وشعبية بقرار مرتقب من وزير المال صخر الوجيه في هذا الشأن؛ لتغطية عجز الموازنة.
وأضافت :" إن الجدل في الشارع اليمني تصاعد مع مطالبة عدد من رجال الأعمال، خلال لقائهم الرئيس عبد ربه منصور هادي، الدولة برفع الدعم، إذ أكدوا أن المصلحة العامة تقتضي رفع الدعم عن المشتقات النفطية لمصلحة المواطن والمجتمع، باعتبار أن بقاء الدعم لا يخدم إلا بعض المنتفعين وهم قلة".
وتواجه اليمن تحديات اقتصادية كبيرة، وتدعم المشتقات النفطية التي تستهلكها قطاعات مختلفة بأكثر من 3 مليارات دولار سنويا ويخشى اليمنيون من أن يؤدي أي تعديل في أسعار المشتقات النفطية إلى إشعال أسعار السلع والخدمات، في بلد يعتبر الأفقر في العالم العربي، حيث تقدر نسبة الفقر بـ54.5 في المئة، ويبلغ معدل النمو السكاني 3 في المئة، وهو من أعلى المعدلات في العالم، إضافة إلى أنه من أكثر الدول معاناةً من انعدام الأمن الغذائي.
وقال وزير المالية صخر الوجيه :" إن اتفاق قرض سيبرم هذا الشهر بين اليمن وصندوق النقد الدولي ويأمل أن تحقق بلاده من خلال اتفاق القرض البدء بخفض الوقود الذي يستغله المهربون ويعتمد عليه الفقراء في البلاد.
وقال الوجيه في تصريح لرويترز خلال مشاركته في مؤتمر برعاية صندوق النقد الدولي بالعاصمة الأردنية عمان:" إن اليمن يجري محادثات فنية مع مسؤولي صندوق النقد الدولي منذ عدة أشهر، وأنه يتوقع إجراء مفاوضات تفصيلية في الأردن الاسبوع المقبل. وأن اليمن يسعى للحصول على قرض أكبر كثيرا مما اقترحه الصندوق وقدره 560 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات ".
وأضاف وزير المالية :" مجلس إدارة صندوق النقد الدولي من المتوقع أن يجتمع في يوليو لاستكمال الصفقة و نأمل أن تتضح الأمور قبل نهاية مايو وسندخل في البرنامج.
وأشار الوزير إلى أن المحادثات مع صندوق النقد الدولي تتركز على خفض دعم الطاقة، الذي كلف الدولة نحو 3.07 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يعادل 30 في المئة من إيرادات الحكومة و21 في المئة من الإنفاق، ويبتلع أموالا يحتاج إليها اليمن للاستثمار في التعليم والبنية التحتية والصحة بعد انتفاضة عام 2011.
وأضاف أن نحو 30 في المئة من إجمالي الإستهلاك المحلي للوقود، وبصفة خاصة البنزين، يتم تهريبه إلى دول في شرق أفريقيا حيث يستفيد المهربون من فوارق الأسعار.
وقال وزير المالية :"سيقع أكبر عبء على كاهل الفقراء، ولذا يجب أن تكون هناك حلول ناجحة لتخفيف هذا التأثير،ولا تكمن المشكلة في إلغاء الدعم، لكن في إيجاد حزمة اُخرى لمواجهة التأثير".
وأضاف:" إن خفض الدعم سيكون من متطلبات الصفقة، إضافة إلى زيادة الاستثمار الرأسمالي وتوسيع نطاق الاستفادة من صندوق الرعاية الاجتماعية الذي يساعد الأسر الفقيرة بالأموال التي سيتم توفيرها. وأضاف هناك إجراءات نحتاج إلى اتخاذها سواء دخلنا في برنامج صندوق النقد الدولي أم لا.
وكان صندوق النقد الدولي أعلن أن احتياجات اليمن لمساعدات عاجلة للعام الحالي تفوق تلك التي حصل عليها العام الماضي، وذلك لتمويل الإنفاق مع تقلص احتياطيات العملة الأجنبية، وتباطؤ وصول مساعدات المانحين إلى البلاد، التي شارفت على انهيار اقتصادي وتضررت المالية العامة في اليمن نتيجة للهجمات المتكررة على خطوط أنابيب النفط، ودعا الحكومة اليمنية والبرلمان للموافقة على أي قرار يتعلق بخفض الدعم.
واعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور محمد باشراحيل:" إن دخول قرار رفع الدعم على المشتقات النفطية حيز التنفيذ له تبعات اقتصادية على مختلف القطاعات وانعكاساته السلبية على المواطنين ".
وقال باشراحيل لــ "الأيام " إن رفع الدعم سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وسينعكس على الطبقة الوسطى فالمشتقات النفطية تدخل في تكاليف قطاعات النقل والصناعة والكهرباء وسيؤدي إلى ارتفاع كلفة الخدمات ".
وأكد الخبير الاقتصادي مسئولية الدولة في حماية الشواطئ من أعمال التهريب المختلفة، بمافيها تهريب المشتقات النفطية وأن التهريب ليس مبرر لرفع الدعم، كما إن وقف أعمال التهريب من صميم مسؤوليات الدولة في حماية المواطن .
كما أكد على الأمن باعتباره أولوية أمام الحكومة في هذه المرحلة من أجل التنمية الاقتصادية مؤكدا أن الاستقرار الأمني يؤدي إلى أمن واستقرار اقتصادي في البلد وهو أولوية أمام الحكومة لتقديم مشاريع تنموية في الصحة و التعليم والاستثمار في المشاريع الانتاجية وامتصاص ومواجهة البطالة .
وأضاف:" إن تحرك الحكومة لتوفير موارد من خلال هذا الاتجاه سيكون على حساب الناس مؤكدا على مواجهة الفساد الاقتصادي وسوء التوزيع العادل للثروة ".
وقال :" في اعتقادي أن 80% من الثروة تذهب إلى 20% من السكان ويفترض في أي تنمية تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء وأن تعمل السياسات على توسيع قاعدة الطبقة الوسطى؛ لأنها المحرك الأساسي للاقتصاد وفي بلد يعيش ثُلُث سكانه على أقل من دولارين في اليوم فإن إلغاء الدعم يعد مسألة بالغة الحساسية، وقاد ذلك في الماضي إلى اضطرابات عنيفة"، ويؤكد رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر :"إن موضوع رفع الدعم عن المشتقات النفطية يناقش بين الحكومة اليمنية والمانحين ".
وقال نصر لــ "الأيام " : هناك إقرار من قبل المانحين في رفع الدعم الحكومي عن المشتقات وهو من الشروط التي تقدم بها المانحين من أجل تقديم أي مساعدات للحكومة اليمنية وأن الحكومة لم تتخذ حتى الآن أي قرار من هذا النوع الذي يتطلب من كل قوى الوفاق وشركاء الحكومة والبرلمان اجتماع لاقراره.
وقال رئيس مركز الإعلام الاقتصادي أن قراركهذا سيشكل كارثة على المواطن وأن الحكومة قبل اتخاذ قرارات من هذا النوع مطالبة بتعزيز ثقة المواطن بها من خلال تجفيف منابع الفساد والإجابة على تساؤلات المواطن حول مصير الأموال التي كانت تذهب إلى دعم المشتقات وماهي المعالجات التي ستتخذها تجاه القطاعات المتضررة وهل هذا القرار سيصب في مصلحة الشعب؟ أم ستذهب الأموال من لصوص التهريب إلى لصوص آخرين ؟
ودعا الحكومة إلى مواجهة آفة الفساد المستشرية في أجهزة ومفاصل الدولة والمرافق الايرادية والوحدات الاقتصادية وأعمال التهريب والتهرب التي تكبد الميزانية 2 مليار دولار سنويا، مؤكدا على أولوية الحكومة في مواجهة مشكلة الايرادات قبل أي قرار من هذا النوع .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى