اليوم يتساءل الضمير اليمني والإسلامي المكلوم !

> يحي عبدالله قحطان :

> لماذا كان الشعب اليمني شمالا جنوبا يعيش في عهد الاستعمار وعهد الإمامة والتشطير موحدا ومتآلفا ومتراحما ومتسامحا في ظل
نظامين وكيانين ودولتين لكل منهما حدوده lا الجغرافية المعترف بها محليا وإقليميا ودوليا.. ومع ذلك كان الشعب موحدا إذا اشتكى منه عضو في عدن أو في صنعاء أو في تعز والمكلا تداعى له سائر الجسد اليمني شمالا وجنوبا بالتناصر والتآزر والتكافل والتعاون والتعاطف لا تفصله الحدود الشطرية ولا الكيانات والأنظمة المتعددة والمتعاقبة في حكم اليمن منذ عدة قرون؟.
واليوم يتساءل الضمير اليمني والإسلامي المكلوم والحزين ماذا حصل في مسيرتنا الثورية والوحدوية والديمقراطية وبعد أكثر من خمسين عاما ونحن نتاجر بدماء وإسلام ومشاعر ومصائر شعبنا اليمني العظيم ونرفع شعارات براقة لنزيف بها وعي جماهيرنا؟
(الجمهورية أو الموت، الثورة أو الموت،من تحزب فقد خان، لا صوت يعلو فوق صوت الحزب، يمن ديمقراطي موحد نفديه بالدم
والأرواح، الوحدة أو الموت، الوحدة خط أحمر،الوحدة نعمدها بالدم، الوحدة فريضة مقدسة،من دعا إلى تقرير المصير أو فك ارتباط يعتبر كمن كفر وأشرك بالله .. إلخ).. شعارات خادعة لم ينزل الله بها من سلطان يغذيها مسعرو الفتن التدميرية ومصدرو الفتاوى التكفيرية “ليشتروا بآيات الله ثمنا قليلا” وليخدعوا بها جماهيرنا المغلوبة على أمرها “كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً” وهكذا نرى الكل وللأسف الشديد يصفق ويبترع ويتظاهر على أنغام هذه المسيرة الدموية الحزينة والمعمدة بفتاوى التخوين والتكفير والتضليل، وفتاوى الإقصاء والتقتيل والتنكيل والتشريد والتبديع والتحقير، وإهدار دمائنا وضرب رقاب بعضنا بعضا في حروب عبثية انتحارية خاسرة بحيث لا يدري القاتل لماذا قتل، ولا المقتول لماذا قُتل!! والمكرسة بثقافة الحقد والكراهية والتعصبات الحزبية والمناطقية والمذهبية والطائفية.. ثقافة الغلو والتطرف والإرهاب
الغريبة على إسلامنا، والدخيلة على قيم وأخلاق يمن الإيمان والحكمة، وللتذكير أن سفك الدماء والمجازر الوحشية التي ترتكب في اليمن شمالا وجنوبا تعتبر ملازمة للكفر قال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في حجة الوداع: “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا لاترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا هل بلغت؟ اللهمّ فاشهد، اللهمّ فاشهد، اللهمّ فاشهد”.
وبسبب هذه السلوكيات المشينة، والاختلالات الأمنية والصدامات الدامية،والظلم والإقصاء لهذه الجماعة أو تلك وتكفير بعضنا لبعض والاستحواذ بالسلطة والثروة للقلة المترفة والمتنفذة وحرمان اليمانيين الغلابى والجنوبيين خاصة من خيرات اليمن المعطاء صار الجسد اليمني الموحد يتشظى ويتمزق ويشعر كل عضو أنه غريب عن الآخر، بل وتشكل في النفوس والأذهان وعي مغاير واحتقان معادٍ لكل منظومة قيم شعبنا وثوابته الإيمانية والأخلاقية والرحمية والوحدوية، كما أدى ذلك إلى تكريس ثقافة الأحقاد والضغائن والكراهية بين أبناء اليمن وتمزيق وشائج القربى، وتقويض السكينة العامة والسلم الاجتماعي، وهكذا، أصبح هذا النسيج الاجتماعي المتجانس، والبيت اليمني المتآلف يتآكل ويتهاوى ويتعرض لمعاول الهدم والتخريب.. معاول التمزيق والتشطير وخاصة بعد أن تم اغتيال الوحدة المباركة بحرب 94 المشؤومة والمعمدة بفتاوى التكفير.. فتاوى التمترس التي استباحت دماء الجنوبيين وأموالهم وأعراضهم وثرواتهم ونهب مساكنهم وحقول النفط والغاز والثروات المعدنية والسمكية (كفيد وغنائم) وإقصاء الجنوبيين الشريك الأساسي لدولة الوحدة من كل المؤسسات الأمنية والعسكرية
والمدنية، الأمر الذي جعل الجنوبيين الوحدويين يندبون حظهم العاثر باندفاعهم إلى الوحدة هرولةً وبطريقة عفوية ارتجالية، بل وأصبح البعض يترحم على عهد الاستعمار وعهد الإمامة والتشطير،كما أدى ذلك إلى الشعور بالغبن والظلم والقهر والحرمان، حيث انقلب الوعي الوحدوي إلى وعي تشطيري،وحالة من الرفض والمقاومة لهذه المظالم عبر الحراك الجنوبي السلمي منذ 7 / 7/ 2007 م.
وهنا يتساءل الضمير اليمني والإسلامي المكلوم والحزين، ترى من كفّر جنوبنا؟ من شوه إسلامنا؟ من مزق يمننا؟ من أجهض
وحدتنا؟ من شتت شملنا؟ من قوّض أمننا؟ من كدر عيشنا؟ من جوّع شعبنا؟ من بدد ثروتنا؟ من شرد أهلنا؟ من هجّر وأهان مواطنينا؟ من أهدر دماءنا؟ من يتم أطفالنا؟ من رمّل نساءنا من كرس ثقافة الحقد والكراهية والمذهبية المتعصبة والغلو والتطرف بين أبناء يمن الإيمان والحكمة؟ والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصدق رسولنا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - القائل: “اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة،واتقوا الشح فإنما أهلك من كان قبلكم حملهم
حتى سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم”.
قال الله تعالى: “وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا” صدق الله العظيم.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى