ما كل من لبس العمامة يزينها

> جلال عبده محسن:

> في خضم التباين الفكري واختلاف منهجية الحياة، أشاع خصوم الاشتراكية الماركسية في الغرب الرأسمالي حينها (فكاهة) تتعلق بصديق قابل آخر في دولة اشتراكية فوجده ممسكا بمظلة فوق رأسه رغم إن الشمس لم تكن ساطعة، كما لم تكن هناك أمطار، فلما سأله عن ذلك أجاب: (ولكنها تمطر الآن في موسكو). صحيح إن في هذه الفكاهة الغربية الرأسمالية سخرية واضحة من بعض حاملي الفكر الاشتراكي حينها، ممن كان حديثهم عن الاشتراكية بشكل يتصف بالعموم، بحجة عموم الاشتراكية، وقد كانوا اشتراكيين أكثر من الاشتراكية ذاتها، والأمر نفسه بالنسبة لبعض القادة السياسيين، من الناصريين والقوميين وغيرهم من مختلف مشاربهم واتجاهاتهم الفكرية، وهم يتحدثون عن القومية والوحدة العربية وشخص (عبد الناصر) واحد كتعبير عن الفراغ الذي تركه الرجل، ليصبح كل رئيس للحزب(ناصري أو قومي) عبارة عن (ناصر2) أو (ناصر صغير) أوليحظى بلقب (زعيم) مع إن الزعيم عبد الناصر، نفسه، رفض الوحدة العربية بالقوة ما لم تكن بالتراضي، وبمثابة القيمة والإضافة الموجبة في حياة المواطن العربي، وليس كما يسوق لها البعض ممن يرفعون شعار الوحدة ويقفون عند ظاهرة اللفظ، لا ما وراءه، وينظرون إليها كأمانة، وبنوع من القداسة بغير حقيقتها التي ينبغي الحفاظ عليها، وإن كانت على حالتها الهشة، ولمجرد كسب التأييد والعطف والاستقطاب ولأغراض ومنافع شخصية، ليس إلّا لأنهم لا يجرؤون عن مخاطبة العقل؛ لأن العقل يرفض الواقع الذي لا يعبرعن المضمون الحقيقي للوحدة، دون أن يكون لهم مشروعا حيويا هدفه الإنسان نفسه، وأن الأمر بحاجة إلى تكاتف كل الجهود المخلصة لتحويله إلى حقيقة ملموسة على الواقع، وهم بهذا ينطبق عليهم قول الشاعر "ما كل من لبس العمامة يزينها / ولا كل من ركب الحصان خيال" .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى