(النوبة) الرقم الصعب في المصالحة المرتقبة

> عاد العميد ناصر النوبة مؤسس الحراك الجنوبي إلى الواجهة في المشهد السياسي اليمني بعد أن تحدثت بعض الوسائل الإعلامية عن لقاء يتم الترتيب له مع الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية والسيد جمال بن عمر مساعد أمين عام الأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن .. نتطلع بأن يكون اللقاء مثمراً.
وأنه خطوة إيجابية للعودة لإصلاح الخلل ومعالجة آثار القفز على بعض المحطات التاريخية للحراك الجنوبي والأخطاءات التي
رافقت مسيرة ومحطات الجهود المحلية والدولية والإقليمية التي سلكتها للبحث عن الحلول المرضية للقضية الجنوبية.
لا تزال تضحيات العميد ناصر علي النوبة مؤسس الحراك الجنوبي وبعض زملائه منهم البيشي والعطاس وآخرون من جمعية المتقاعدين العسكريين حاضرة في وجدان الجنوبيين باعتبار أنهم أول من خرجوا إلى الشارع لإطلاق شرارة الحراك الجنوبي في
2006 م حتى إعلان الثورة الجنوبية في 7 / 7/ 2007 م إلى جانب تضحيات وصمود البطل الجنوبي أحمد حسن باعوم الذين يشكلون جميعهم في ذاكرة أبناء الجنوب الأرقام الصعبة في زمن السقوط والتهاوي الذي تشهده الساحة الجنوبية.
من لا يعرف العميد النوبة مؤسس الحراك الجنوبي عن قرب قد تختلط عليه المسميات.. لكن بالتقرب منه يتضح بجلاء أن الرجل
وزملاءه في جمعية المتقاعدين العسكريين هم أول من حملوا القضية الجنوبية ونزلوا إلى الشارع يواجهون رصاص الأجهزة الأمنية الهمجية بصدورهم العارية، مسترخصين حياتهم للتضحية مقابل تحقيق ما يحملونه من أهداف لحلول قضية مصيرية عادلة.
تلك المحطة التاريخية لا يمكن لأحد إنكارها التي مثلت نقطة الانطلاق الأولى في المسيرة النضالية للحراك الجنوبي، وكإحدى
الحلقات التاريخية المهمة التي كشف تغييبها حين تم تجاوزها والقفز عليها، حجم الخلل عند محاولات البعض فرض الحلول المنقوصة للقضية الجنوبية،كامتداد للسلوك التآمري التي انتهجته القوى التقليدية في صنعاء للتعامل مع الحراك الجنوبي
لهدف الحفاظ على مصالحها في الجنوب، حيث يتضح أن بدايات التآمر الحقيقي على الحراك الجنوبي بدءا في مطلع 2008 م بإزاحة هذه القيادات، ومحاولة تغييبها عن المشهد الجنوبي من خلال الدفع ببعض القيادات الجنوبية إلى الشروع لتأسيس الكيانات والتيارات المختلفة التي من خلالها يمكن إحياء وتشجيع حب الذات لديهم للسيطرة عليها والانشغال بها، وفرض
الهيمنة الشخصية بغية تحقيق هدف إسقاط أهم العوامل التي وحّدت الجنوبيين في 2006 م (وحدة القيادة) التي بتكريس وإذكاء هذا السلوك تم إسقاطها كهدف راهن على تحقيقه النظام السابق ليوجه به الضربة القاصمة لتفتيت الحراك الجنوبي وقياداته.
فجمعية المتقاعدين العسكريين بقيادة العميد النوبة وزملائه الآخرين هي من هزت أركان نظام صالح، وهي من جعلته يرضخ، وذلك لتوحدهم بما ينضوي في إطارها من قيادات عسكرية مجربة، استعصى على نظام صالح اتخاذ سياسة اللعب والالتواء والحوارات الهشة معها.
كنت قد سألت ذات يوم العميد النوبة عن مضمون تصريح نشر عنه في صحيفة (الطريق) العدنية بتاريخ 5 أبريل الذي كان قد أكد فيه أنه لا يمكن لأي كان أن يفرض نفسه وصياً على شعب الجنوب، ورد عليَّ مبتسماً “إن القفز على الحقائق في القضايا الوطنية المصيرية سيؤدي إلى تجاوز بعض الحلقات،وسيتسبب نقص هذه الحلقات في فشل النتائج،وهذه حقائق تاريخية لا يمكن إنكارها، كما لا يمكن إنكار دور الأخوة الجنوبيين في السلطة والمعارضة ممن يحملون هم القضية الجنوبية مثلهم مثل الحراك الجنوبي، وبالتالي فإن تجاوز هذه الحقائق حتماً سيؤدي لفشل النتائج المتوقعة من أي محاولات لفرض الحلول أو الوصاية على أبناء الجنوب، لكن ينبغي أن نعمل جميعاً بمبدأ القبول بالآخر لأن تجاهلنا لهذا هو من أوقعنا في الفخ، والعمل به أصبح ضرورة لنؤسس للقادم بشكل سليم”.
مرت السنوات وجاءت مرحلة الحوار واختتمت أعماله وخرج بنتائج قد تكون مرضية للبعض وغير مرضية أو غير مفهومة للبعض الآخر، لكن لا يمكن إنكار أنها تمثل أرضية صلبة لحلول المشكلات والحوارات السياسية البناءة.
بعد كل هذه الأحداث والمحطات أدركت أن العميد النوبة كان محقاً في طرحه، بأنه لا يمكن لأحد أن يضع نفسه وصياً على أبناء الجنوب.
ومع إيماننا الراسخ بأن مؤسس الحراك هو الرقم الصعب في المصالحة القادمة، وهو يعود اليوم إلى واجهة الأحداث كضرورة
تفرضها الحقائق التاريخية للمساهمة في وضع الحلول للقضية الجنوبية، بأنه قادر على تحقيق ما لم يحققه الآخرون، وأن يكمل المشوار حيث توقف القادة الجنوبيون لاعتبارات كثيرة، إلا أننا نشد على يديه ألا يعود مخيباً للآمال، وأن يدرس وضع القضية الجنوبية جيداً، لاسيما بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي (2140) وما أحدثه من تحالفات جديدة على الساحة المحلية والإقليمية والدولية تفرض على الجنوبيين التعامل معها بمرونة لاسترداد حقوقهم المشروعة والتفتيش فيه جيداً والاستلهام من التجارب المشابهة لوضع القضية الجنوبية وتجارب المعالجات عند بعض الدول ومنها الأوروبية التي لعلها
ستضمن لشعب الجنوب تحقيق تطلعاته وحق تقرير مكانته السياسية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى