ثوارنا أصبحوا وزراء

> محمد فارع الشيباني:

> إن التاريخ يعطينا دروساً، فهو يُعْلِمَنا عما ارتكبه السابقون من أخطاء، وما فعلوه من صواب، وأكبر دليل على ذلك ما حصل في الثورة الأم لجميع الثورات (الثورة الفرنسية)، فقد قام الجياع من أفراد الشعب والمظلومون والمعذبون في الأرض بثورة عارمة، وحطموا سجن الباستيل رمز الظلم، ونادوا بالخبز، وطالبوا بحق الحصول عليه.. وكان من أبشع ما حصل هو عندما عرفت ملكة فرنسا آنذاك بهذا الخبر سألت ماذا يريدون؟ فقيل لها (إنهم يطالبون بالخبز) فقالت: (لماذا لا يأكلون البسكويت).. ولكن كانت المأساة الكبرى أن من أوصلهم الثوار للحكم بدلا من الملك والاقطاعيين أصبحوا حكاماً ووزراء ونسوا الثورة والشعب الجائع، واستبدوا أكثر من الملك والإقطاعيين، فثار عليهم الشعب وأعدموا على المقصلة التي اخترعوها لإعدام الملك والملكة والإقطاعيين.. وهكذا كان الثائر (زباتا) في المكسيك، فقد قاد ثورة الفلاحين، وعندما وصل إلى السلطة انقلب عليهم فثاروا عليه مرة أخرى وقتلوه.. ولكن ليس كل من ثار سيئ، والتاريخ يروي لنا أيضاً قصص ثوار عظام ثاروا مع شعوبهم وبقوا ثائرين عندما وصلوا إلى السلطة وأصبحوا حكاماً ووزراء وبقوا ثواراً إلى أن لاقوا ربهم، مثل الزعيم الفيتنامي (هوش منه) ووزير دفاعه جياب.. هذا في الشرق وفي عالمنا العربي القائد والزعيم جمال عبدالناصر الذي بقى إلى آخر يوم في حياته يخدم شعبه وأمته العربية .
أردت أن أقول في الكلام السابق أن هناك دائماً خوف أن من شاركوا في الثورة ومن تسلقوا على الثورة وأصبحوا حكاماً ووزراء أن يتحول هؤلاء إلى حكام ووزراء فقط وينسون شعبهم وآلامه وأحلامه، ويسعون إلى ما توفره السلطة والحكم من خير وملذات العيش.. والآن ماذا عن وزرائنا؟ لقد قام الشباب بالثورة، لقد قام أبناؤنا بثورة نيابة عنا من أجل مستقبلهم وحياة أفضل لنا، ولكن حصل العكس، جاءت المبادرة الخليجية وبقدرة قادر أصبحوا وزراء وحكاماً، كنا نخزن مع بعضهم وكانوا يشكون من الكهرباء والماء وارتفاع أسعار المعيشة، وكانوا مثلنا يستلفون أحياناً لشراء القات، ويستلفون مثلنا آخر كل شهر لإكمال مصاريف الشهر، وكان أبناؤهم يذهبون مع أبنائنا إلى المدرسة على الباصات الصغيرة المتعبة، ولكن ماذا حصل بعد أن أصبحوا وزراء؟.. فرحنا نحن اعتقاداً منا أنهم سيعملون على تخليصنا من مشاكلنا، وأخيرا سنستريح، ولكن ماذا حصل؟ أولاً نسوا من نحن وماذا نعاني ولم يحلوا مشاكلنا، وما فعلوه أنهم اشتروا لأنفسهم سيارات فخمة وراحوا يشترون لأنفسهم بدلا جديدة من إنتاج كرستيان ديور وكرافاتات غالية، وصار أولادهم يروحون للمدارس بسيارات وحراس، وتورمت خدودهم وكبرت كروشهم.. وبقينا نحن كما كنا ننتظر من ينقذنا من مشاكلنا.
وفوق كل ذلك لم يساعدوا رئيس الجمهورية الرئيس هادي وهو يسعى للملمة هذا الوطن لكي يحافظ على وحدته ويمنع تجزأته إلى دويلات متطاحنة يحكم كل دويلة منها عصابات مسلحة.
كما أنهم لم يحترموا رئيس الوزراء، هذا الرجل الذي كان يناضل قبل أن يولدوا، بل على العكس حاولوا أخذ صلاحياته .. اللهم احفظ عدن.. آمين يارب العالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى