ظفر الله خان.. بطل قضية فلسطين في الأمم المتحدة

> نشرت مجلة (العربي) في العدد 295 لشهر يونيو 1983م مقالا يتذكره الكثيرون من قراء المجلة لشخصية (ظفر الله خان) الذي كانت له مواقف صلبة تجاه قضايانا العربية والإسلامية وبالذات قضية فلسطين، - المقال كتبه عبدالحميد الكاتب، تناول فيه قصة وشخصية ظفر الله خان.. بطل قضية فلسطين في الأمم المتحدة، وتكذيب ظفر الله خان بما قيل عن بيع فلسطين (ما الحقيقة؟) وتناول الكاتب وجهة نظر (ظفر الله خان في الدولة اليهودية، ومهادنة بريطانيا للعرب، وكذا عن ثورة اليهود، وميلاد إسرائيل والمواقف الإنسانية للقضية الفلسطينية.
وفي هذه السطور حاولت أن أورد أهم ما تناوله الكاتب عبدالحميد عن شخصية (ظفر الله خان) ومواقفه تجاه قضايا العرب والمسلمين في الأمم المتحدة.
تناول الكاتب في بدء مقاله أن فلسطين هي الدولة الوحيدة التي أصدرت الأمم المتحدة قرارا بتقسيمها، وإسرائيل هي الدولة الوحيدة التي أصدرت الأمم المتحدة قرارا بإنشائها، وهذا هو أهم وأخطر قرار أصدرته المنظمة العالمية طوال عمرها الذي يبلغ الآن الثامنة والثلاثين-أي في تاريخ كتابة المقال - ومن المؤكد أنها لن تستطيع أن تصدر مثل هذا القرار مهما طال عمرها وامتدت بها السنوات.
ما الحقيقة؟
وقد سمعنا وقرأنا مرارا وتكرارا حتى كدنا نصدق أن العرب في فلسطين باعوا أرضهم لليهود، وهذا افتراء، أما الحقيقة فهي أن أكثر ما اشتراه اليهود من الأرض لم يكن ملكا للفلسطينيين، لا للأغنياء منهم ولا للفقراء، وإنما كان لآخرين يملكون مزارع وبساتين هناك ويعيشون من إيرادها الكبير عيشة باذخة في أوروبا وفي لبنان، ويحمل بعضهم أسماء عربية طنانة، وبعضها أسماء مسلمة، وبعضها أسماء مسيحية.
كان قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين قرارا خاطئاً وظالما من حيث المبدأ وهو أن الأمم المتحدة لا تملك بتاتاً الحق في تقسيم وطن من الأوطان.. فارتفعت حينذاك أصوات عربية، وأصوات إسلامية، وأصوات أخرى تنكر على الأمم المتحدة أن يكون لها الحق في تقسيم فلسطين، وتسوق البراهين التاريخية، والقانونية، والواقعية، التي تبين أن تقسيم فلسطين ظلم، وخطأ، له ماله من نتائج وعواقب وخيمة ، وكان من تلك الأصوات صوت محمود فوزي، ممثل مصر، وصوت فارس الخوري، ممثل سورية، وصوت شارل مالك، ممثل لبنان، وصوت الشيخ حافظ وهبة، ممثل المملكة السعودية، ولكن أقوى الأصوات وأكثرها قدرة على إقناع العقول لو أرادت أن تقتنع، وعلى النفاذ إلى القلوب لوأرادت أن تستشعر المأساة التي تبدو نذرها في الأفق كان صوت محمد ظفر الله خان، وزير خارجية باكستان حينذاك، والذي كان علما بارزا في الأمم المتحدة على مدى عشرين سنة، بمواقفه العظيمة في كل قضية عربية وإسلامية.. قضية فلسطين، وقضية كشمير، وقضية إريتريا، وقضية الجزائر، وكل ما قام به وثار من أجل قضايا الشعوب المقهورة.
وقد توافرت في ظفر الله خان ثلاث صفات جعلته من أبرز الشخصيات في الأمم المتحدة.. فكان وراءه تاريخ حافل في سياسة بلاده، كما كان خطيبا قديرا ومحاميا فذا، وكان حجة في القانون من جانبيه الدولي والإسلامي.
فأما دوره في سياسة بلاده فلعله كان ثالث الثلاثة الذين تزعموا حركة إنشاء دولة باكستان، مع زعيمها ورئيسها الأول محمد علي جناح، ومع لياقة علي خان أول رئيس وزارة لها، وأما مقدرته القانونية فقد أهلته فيما بعد ليكون قاضيا في محكمة العدل الدولية، ثم رئيسا لها لسنوات عديدة. ختم حياته السياسية ثم آوى إلى بيته في باكستان بعيدا عما جرى فيها من أحداث حزبية في السنوات الأخيرة، أو لعله أمضى وقته في كتابة تفسير للقرآن الكريم، فقد كان مسلما متدينا وكان يؤدي الصلاة في وقتها في قاعة صغيرة عند مدخل مبنى الأمم المتحدة، وهو (قدياني) المذهب، ولكنني أعتقد أنه كان يدين بالإسلام على وجه صحيح سليم، أما قدرته أنه كان يدين بالإسلام على وجه صحيح وسليم. أما قدرته في الخطابة فكانت تشد إليه الأسماع والعقول حتى وهو يرتجل على مدى ست ساعات استغرقت جلستين كاملتين في مجلس الأمن خطابا عن قضية كشمير وحق أهلها في تقرير مصيرهم.
وكان ظفر الله خان، هو (بطل) قضية فلسطين في مرحلتها الأولى حين ألقيت تلك القضية الكبرى في حجر الأمم المتحدة بعد أن تعقدت هذه القضية وتشابكت أطرافها منذ أصدرت بريطانيا – قبل ذلك التاريخ بثلاثين سنة وعد بلفور (الذي وعدت فيه) بالمساعدة على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، على ألا يكون في هذا مساس بحقوق الطوائف الأخرى في فلسطين ...وختاما أين المسلمون والعرب من كل مايجري في فلسطين اليوم؟ وياترى من ذا (الظفر)القادم الذي سيبعثه الله للذود عن قضية فلسطين في زمن يتسلى فيه الحكام العرب بعذابات وجراح الأطفال والنساء في غزة؟.
إعداد / المحرر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى