اللعب على التناقضات

> أحمد ناصر حميدان

>
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
عندما يفتقد الفرد أو الجماعة لمستوى راقٍ من استخدام العقل والمنطق (سلاح العقل) لمواجهة الفكر يلجأ للتعويض عن هذا العجز باستخدام البندقية باعتبارها القوة التي يمكن شراؤها بالمال والتسلح بها بسهولة ويسر، متناسين أن نتائجها هي هدر دماء بشرية، وهتك كرامة نفوس إنسانية وتولد أحقاد وضغائن قابلة للانفجار في أي لحظة متاحة أمامها، وإذا ما تحقق نصر فإنه مؤقت وزائف ينقلب على أصحابه بهزيمة وخزي وعار.
ولضعف حجتهم يلجؤون على اللعب على التناقضات، يبحثون عنها ويحيونها ويثيرونها بين الخصوم ليشقوا الصف وإيقاظ الفتن النائمة أو التي تجاوزها الخصوم ليحققوا أهدافهم الخبيثة، يعيشون على خراب ودمار الآخرين، يستريحون على أنقاض وأطلال الغير، أي خير ننتظره ممن يؤجج لصراعات عفا عليها الزمن وتجاوزناها ليجعل منها خزانا لا ينضب لحروب بلا نهاية إشباع لغرائزهم العنيفة في الوقت الذي يبذل الآخرون جهودا مضنية في معالجة الصراعات والتناقضات المصطنعة بين الهويات الفرعية والهويات الوطنية الجامعة في دولة المواطنة التي نتصارع اليوم عليها، يخافون منها ترعبهم، يمقتونها لا تناسبهم ولا يناسبونها سلوكا ولا ثقافة.
البعض من المثقفين الذين نكن لهم الاحترام والتقدير وكنا نعتبرهم عقولا صافية وطاهرة من نجس الماضي اللعين وصراعاته نفاجأ اليوم في كتاباتهم انبعاث روائح نتنة وغير مستحبة في تأجيج صراعات عفا عليها الزمن وتجاوزها الخصوم بنبش قبور الماضي العفن من 13 يناير إلى حرب 94م، وما بعدها ليس بهدف معالجتها وتجاوز صراعاتها، بل ركزوا جيدا في إحياء هذه الصراعات وبلغة واضحة المعالم فيها من التحريض ضد طرف بعينه نصبوا أنفسهم قضاة وجلادين بهدف تبرير استعدادهم على شن حرب على الجنوب، ولغتهم تلك تعني البحث عن مؤيدين وأنصار ممن تنطلي عليهم الأكاذيب ويأكلون الطعم المسمم.
دائما يختلفون وضد الجنوب يتفقون، واليوم (يسنون) رماحهم معا لغرسها في جسد الجنوب ضحيتهم بالأمس واليوم، بل ضحية مواقفة الوطنية والإنسانية واحتضانه للأحرار والشرفاء الذين يكن لهم التقدير والحب الوفاء، لم يكن الجنوب يوما يشكل خطرا عليهم وعلى المنطقة بأسرها، بل هو مصدر خيرهم وعزتهم وكرامتهم، وهم يكنون له العداء والبغضاء، فكلما احتدم صراعهم صبوا غضبهم على الجنوب، لكنه سيظل نورا يشع ليضيء طريق الحرية والتقدم والازدهار، رافضا للظلم والظلمة والشر والأشرار والمشاريع الطائفية والمذهبية المقيتة.
ولعجزهم في مواجهة الخصم بشرف وأخلاق بالحجة والبرهان والحق لجؤوا للإشاعات والتسريبات المغرضة المشوهة ليس للأفراد، بل للوطن والقيم والأخلاق، فسقطوا أمامهم وانقلب السحر على الساحر وعرف الجميع أن هذا الأسلوب المتبع هو وسيلة من وسائلهم القذرة حتى فيما بينهم، فضحتهم قصة سام الأحمر، الذي وصفوه بالصندوق الأسود، وصارت القضية (فاشوش) تغلب العرف القبلي على القانون والنظام، لأن القانون عدوهم الأكبر، والفوضى هي ما تروق لهم، فوضى في محاربة الفساد والإرهاب فوضى في التعامل مع المؤسسات وأنظمتها وقوانينها، لم يفعلوا مؤسسات الدولة والعمل من خلالها بل استبدلوا كيانهم بكل شيء، والشراكة مجرد شعار للمماحكة والمكايدة، فأي قانون ونظام يحكمنا اليوم؟!. اجعلوا الدستور حكما والقضاء عادلا وسنعرف الحقائق من الزيف.
إذا كان ذلك أسلوبهم وثقافتهم فخوفي عليك يا وطني من ظلمهم وظلمتهم وخبثهم ومكرهم وسمومهم وحليفهم الذي علمهم السحر يتربص ويأخذ ما يبثونه ليغني ويتغنى به على ليلاه و يعيش حلم التوريث ونسي أو تناسى أن الشعب رفضه ومقته دون رجعة، ولن يتعظ ويأخذ العبر من ماضية، لكن الزمن القادم كفيل برميهم إلى مزبلة التاريخ.
ومن الأقوال المأثورة:
من يستفيد من أخطائه فهو ذكي
ومن يستفيد من أخطائه وأخطاء غيره فهو عبقري
ومن لا يستفيد من أخطائه وأخطاء غيره فهو غبي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى