سقوط أخلاق المهنة يسبق سقوط أصحابها

> د. حسين لقور بن عيدان

>
د. حسين لقور بن عيدان
د. حسين لقور بن عيدان
إذا تخلى الصحفي أو الإعلامي عن المهنية و الأمانة الصحفية في نقل الحقائق والابتعاد عن أصباغها بموقفه الشخصي من شخوص الحدث فإنه مهما علا شأنه يفقد التزامه الأخلاقي نحو المهنة ويصبح في نظر مؤيديه مجرد أداة في خدمة قادتهم و مشروعهم وفي نظر خصومه مجرد فرد في فريق معادي.
لست بصدد إعطاء دروس أو محاضرات في أخلاق الصحافة ولا إعطاء صكوك تأييد لأي كان ولأنني لا أتوجه بهذا الكلام لأشخاص محددين، ولكن أتوجه لكل من يجد ما أقوله ينطبق عليه فالأمر منوط بمن هم يعملون في هذا المجال الحساس جدا.
هنا يمكن القول إن استمرار الصحفي أو الإعلامي في هذا الطريق وكأنه يقول للجميع أنه لم يعد يهتم لا بمهنية ولا أمانة إنما بمصلحته المادية وشهرته هنا يمكن تسمية ذلك إعلان إفلاسه في التعامل مع مهنية الصحافة وأصبح موقعه أو صحيفته الورقية أو أدواته الإعلامية الأخرى وتحويلها إلى مجرد نشرة تصدرها أي دائرة أيدلوجية في أي منظمة سياسية لأنه عندما يقوم بمثل هذا التنازل عن أمانته و أخلاق الصحافة و كأنما يعرضها في سوق النخاسة للبيع.
إن السقوط في مستنقع الفوضى الإعلامية التي نشهدها اليوم في ظل عدم وجود ضوابط منظمة وإن وجدت فلا توجد جهات تتابع وتطبق هذه الضوابط يصبح تداول المعلومات سلاح في معارك لا أخلاقية خصوصا مع وجود منصات التواصل الاجتماعي التي أتاحت للجميع وتجاوزت الخطوط الحمراء، بل وكسرت كل معايير الاحترام الإعلامية التي في أقسى المعارك يحافظ عليها أصحاب المهنة.
كم من أخبار ملفقة تنشر وكم من تقارير كاذبة تلفق و كم تعليقات تمس حياة أشخاص يتم نشرها دون دليل ولم يتم تقديم اعتذار، كم من انتهاكات لخصوصيات الناس كثير ولم يقم إعلامي بمحاول رد الاعتبار لمن أساء إليهم، وهذا يعكس حقيقة بؤس هؤلاء الناس و إنهم مهما قالوا عن أنفسهم وإن حالفهم النجاح ماديا فإن سقوطهم الأخلاقي أكبر بكثير مما يتصورون.
لا زلت أتذكر الصحفي الأمريكي فريد زكريا عندما كتب مقالا في عام 2012م وأدخل عبارة من كتاب لأحد أساتذة الجامعات الأمريكية دون أن يشير إلى اسم الأستاذ الجامعي، و عندما اكتشفت الجريدة هذا الاقتباس دون ذكر اسم صاحبه تم إيقافه عن الكتابة دون أي اعتبار لشهرته العالمية، ولا كونه واحدا من أشهر الصحفيين الأمريكيين حاليا، بل وتم توقيف برنامجه في قناة (CNN) حتى جاء واعتذر للجريدة و للجمهور ولصاحب المقال الأستاذ الجامعي. و قال أمام الجميع: “كانوا على حق لقد ارتكبت خطأ جسيما”، مشيرا إلى أن “ما حدث كان هفوة كبيرة وأتحمل وحدي المسئولية كافة”.
هكذا المهنية والصدق مع الذات التي يجب أن يكون عليها أي إعلامي أو صحفي قبل أن يسقط الجميع في متاهات المناكفات اللا أخلاقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى