معاناة متفاقمة وأزمات متزايدة.. نازحو كرش بالقبيطة.. كالمستجير من الرمضاء بالنار

> استطلاع/ عنتر الصبيحي

> ما أن يبزغ فجر يوم جديد في مناطق مديرية القبيطة بمحافظة لحج، حيث يقيم نازحو كرش لما يزيد عن العامين والنصف، حتى تبدأ الحياة تدب فيهم.
ففي الوقت الذي تنشغل فيه ربات البيوت بإعداد وجبة الإفطار، يتوجه الأطفال إلى الآبار لجلب المياه على ظهور الحمير ومن مسافات تتجاوز الـ3 كيلومترات، ولقرابة ثلاثة أعوام وأهالي قرى: الجُريبة، وحدابة، والسفيلى، وحرذ، والحدب بمديرية كرش تُعاني من الحرب التي شهدتها منذ أواخر مارس 2015م ومازالت تعاني تداعياتها حتى اليوم.
نزوح، وتشرد، وهدم للمنازل، ألوان من المعاناة بعضها فوق بعض أطبقت على حياة الناس في هذه المديرية.
يتوزع نازحو قرى وبلدات كرش بمحافظة لحج إلى الحدود مع محافظة تعز في عدد من مناطق مديرية القبيطة والواقعة تحت سيطرة المقاومة والجيش الوطني، وتُعد منطقة الربوع أكثر تجمعا لهم.
*شحة المياه
يعتمد الأهالي والنازحون في هذه المناطق بدرجة رئيسية على مياه الآبار والسدود الصغيرة للاستخدام اليومي وسقي مواشيهم وري الزراعة والتي تعتبر مصدر دخل رئيس لكثير من الأسر.
غير أن شحة تساقط الأمطار خلال الفترة الماضية وتزايد الاستهلاك تسبب بنضوبه من معظم الآبار.
يقول المواطن ماطر محمد: “أصبحت أزمة المياه من أكثر المشكلات التي نواجهها نحن وأسرنا، فالآبار نضبت، والحصول عليها أصبح أمرًا صعبًا”.
شباب يقومون بجلب الماء من إحدى الابار بالمنطقة
شباب يقومون بجلب الماء من إحدى الابار بالمنطقة

ويضيف لـ«الأيام»: “لقد فرغت أحد أبنائي لجلب الماء، حيث يغادر المنزل في ساعات الصباح الباكر إلى بئر علي الزغير والتي تبعد حوالي 2 كيلو مترًا مربعا، وينتظر دوره حتى يصل إليه.
فهذه البئر تعد المصدر الأول لكثير من المواطنين في المنطقة، فتجد الازدحام عليها بشكل كبير جدا، والحصول على المياه منها يتم عبر طوابير. لقد أصبحت حياتنا معاناة وطوابير في طوابير”.
*الخروج فجرًا
بسيم عامر غالب طفل لا يتجاوز عمره الـ10 أعوام يذهب كل صباح ضمن مجموعة من أقرانه لإحضار دبتي ماء سعة 20 لترا على متن حمار له.
يقضي نحو ساعة زمن حتى يصل إلى البئر ومن ثم ساعات أُخر حتى يأتي دوره قبل أن يعود إلى المنزل.
يقول غالب “خرجت أنا وعبدالواسع بعد صلاة الفجر إلى هنا لنتمكن من الحصول على الماء قبل أن يكثر الوراد”.
ويقف المواطنون على البئر بمنطقة الأعشار في طوابير محددة، ففي الوقت الوقت الذي حدد فيه مكان للوراد بالحمير، هناك طابور خاص بالدراجات النارية والسيارات.
وكل منهم منتظر دوره في ازدحام وتحت حرارة الشمس القائضة، في مشهد يعكس مدى المعاناة لدى هؤلاء النازحين.
*الأكثر معاناة
وتزداد معاناة المواطنين سوءًا في المناطق التي تبعد عن الآبار خصوصاً في بعض مناطق القبيطة والواقعة في أعالي قمم الجبال، حيث ضعف المواصلات وبعد الطريق، والتي بلغ فيها قيمة دبة الماء سعة 20 لتراً إلى الـ 1000 ريال.

واضطر الكثير من أهالي مناطق المديرية نتيجة شحة المياه إلى بيع مواشيهم بثمن بخس.
يقول المواطن جمال صالح: “عمري تجاوز الـ60 عاما ولكن لم أشهد هذه الأزمة قط، ولم نكن في الماضي نشكو من قلة المياه أو ندرة في تساقط الأمطار.. كان كل شيء متوفرا وفيه من البركة الكثير، إن ما نعاني منه اليوم هو نتاج طبيعي لصنائع البشر، فالله سبحانه وتعالى قال صراحة في محكم كتابه العزيز.. “وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا”.
ويضيف: “لقد ضرب الجفاف أرضنا، وحل القحط بنا، والحل هو إصلاح النفوس، ويجب التضرع إلى الله بصلاة الاستسقاء، والله رحيم بعباده، سيرسل السماء علينا مدرارًا”.
في هذه المنطقة ترك كثير من الشباب جبهات القتال ليرابطوا بطوابير طويلة على الآبار في انتظار دور كل منهم، ولسان حالهم يقول: لقد تركنا جبهات القتال لنرابط هنا في سبيل الحصول على شربة ماء نروي بها عطش أهلنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى