عجز المحافظة عن إخراج مقتحمي سطوحه هو سبب تأخير إعادة تأهيله.. أقدم الأسواق الشعبية في كريتر يتحوّل إلى "لوكندات" ومساكن

> تقرير / وئام نجيب

> للأسواق الشعبية في عدن تاريح طويل يشير إلى عمق مدنيّة هذه المدينة وحضارتها ورقيها عبر الأزمان، وكثير من الأسواق ماتزال شاهدة على عراقة وعمق مكانتها الضاربة في جذور التاريخ الإنساني..
سوق البلدية الذي يقع في مدينة كريتر على مساحة (عشرة آلاف متر) تقريبا، واحد من تلك الأسواق العتيقة، ويُعدُّ أول سوق مركزي للمدينة.. إذ توجد له سبعة مداخل خاصة بسوق الخضار والفواكة، وأربعة مداخل أخرى لسوق الأسماك واللحوم، وفيه 22 منفذا تطل على الشوارع الرئيسية من جميع الجهات. قام ببنائه (الكاف) وهو المقاول التابع للمجلس البلدي في عام 1951م. ولعل هذا السوق بني بهدف توفير احتياجات المواطنين الغذائية من خضروات وفواكه وأسماك ولحوم ودواجن، حيث تعتبر هذه الوظيفة الأساسية للسوق.
جانب من السوق خاص باللوكندات
جانب من السوق خاص باللوكندات

العادات الدخيلة والسلوكيات غير الحضارية شوهت اليوم هذا السوق وأخرجته عن الهدف الذي أُنشئ من أجله، فبات يحوي "لوكندات" لتعاطي القات وبنيت داخله مساكن لمواطنين، وغاب عن السوق النظام والترتيب فسادت العشوائية، حيث طغت البسطات والفرشات في أرضية السوق على المحال والمتاجر التي وُضعت سابقا بطرق منتظمة ومرتبة، ضف إلى ذلك أن أجزاء من السوق صارت مكبا للقمامة ومخلفات الأسماك.
ونظراً لمناشدات سكان المدينة ومدى امتعاضهم من الحال الذي وصل إليه السوق، في ظل تصاعد المناشدات الداعية للاهتمام بسرعة ترميمه وتأهيله لتعود للمدينة بهجتها ومكانتها الاقتصادية التي لطالما عرفت بها مدينة عدن منذ القدم وعلى مستوى العصور.
قامت «الأيام» بالنزول إلى ذلك السوق وتلمس أوضاعه في محاولة للبحث عن أسباب إهماله من قبل الجهات المعنية في المدينة، وكان حصيلة ذلك أننا وجدنا فيه ما لم يكن بالحسبان، فعلى الرغم من كبر وعراقة هذا السوق إلا أنه مهمل تماماً من ناحية النظافة والانتشار الكثيف للبعوض والذباب، في المقابل يتم بيع الأطعمة على أرضية السوق، إضافةً إلى أن جزءا من المبنى آيل للسقوط في أي لحظة نتيجة وجود (بيارات) ما يتسبب في نزول الماء على البائعين فيه، وبالفعل تم سقوط جزء من السقف.
وينقسم السوق إلى ممرين أحدهما لبيع الخضار والفواكه، والآخر مخصص لبيع الأسماك واللحوم، في حين أن السوق الخاص بالأسماك واللحوم أقل تضرراً من سوق الخصار والفواكه.
 سوق الخضار
سوق الخضار

ولمعرفة المزيد حول هذا السوق العريق التقينا بأحد الباعة هناك، الذي تحدث إلينا قائلا: "السوق مهمل بالرغم من مجيء أكثر من مسؤول حكومي لتفقده ورؤيته على أرض الواقع، ومعرفة حاله على أرض الواقع، إضافة إلى نزول المهندسين المختصين والذين جميعهم أفادوا بأن السوق بحاجة إلى إعادة ترميم وتأهيل، ولكن كانت مجرد وعود واهية، وكانت حصيلة تلك النزولات المتعددة هو طلاء سوق اللحوم والأسماك فقط مع أن المبنى بحاجة إلى إعادة تأهيل".
وأضاف: "إن المساكن المبنية فوق السوق هي من أبرز المشاكل التي تواجهنا بسبب تسرب الماء إلينا، وكان في السابق قد أقر إخلاء تلك المساكن وإزالتها على أن يتم تعويض ساكنيها، ولكن ذلك لم يطبق، إضافة إلى أن السوق ينقصه الانضباط والنظام". واختتم حديثه بالقول: "عائدات السوق تكفي لإعادة الترميم والتأهيل، ونحن لا نعلم نناشد ونتوجه إلى من، حيث إنه لا يوجد من ينظر إلى حال السوق في إعادة تأهيله، وأصبح حالنا اليوم كحال الأسماك الصغيرة التي تأكلها الأسماك الكبيرة".
وأشار بائع خضار آخر إلى أنه يفضل الخروج للبيع خارج السوق، كون ذلك - كما يقول - يعد أكثر ربحاً.. أما في الداخل فكثير من النساء يرفضن الدخول إليه بسبب عدم ملائمة السوق من حيث شكل المبنى في الداخل وعدم تنظيم الحركة فيه، علاوة على افتقاره للنظافة، "وفي الأيام القليلة الماضية تم إدخال الكثير من الباعة وإلزامهم بالبيع في السوق ذاته، ولا ننكر بأنها كانت خطوة جيدة وعملت على التخفيف نوعاً ما من الزحمة التي كان يسببها البائعون في الطريق العام، وكان هدف تلك الحملة إدخال بائعي السمك الذين يفترشون الأرض وإبقاء مخلفات الأسماك في الطريق العام مما يتسبب في تلوث البيئة"، منوهاً إلى أنه يتم السماح لمن يريد افتراش الأرض لبيع الخضار والفواكه خارج السوق عندما نلتزم بنظافة الطريق".
المخلفات والمجاري الملحقة بالسوق
المخلفات والمجاري الملحقة بالسوق

وأضاف تاجر في السوق: "فيما يخص موضوع إعادة تأهيل السوق المركزي فليس ذلك بسبب الإهمال وإنما هي مسألة أولويات، والتي تتمثل في المياه وإصلاح الطرقات والبنى التحتية، ومن المفترض أن تتم عملية البناء والتأهيل في الفترة القليلة القادمة، حيث سيتم فيها عمل ترميمي شامل لإعادة تأهيل السوق من ناحية معمارية وصيانة، إضافة إلى إصلاح واستحداث شبكة المجاري التي تقع أسفل السوق، ناهيك عن وجود مشكلات قديمة كاقتحام أشخاص لسطوح السوق والسكن فيه، حيث إنه قبل 5 سنوات كانت تجرى اجتماعات ليتم تسليم السوق إلى الجهة الممولة للمشروع ليتم إعادة التأهيل والترميم، والسبب في عدم إنجاز ذلك هو عدم مقدرة المحافظة على إخراج المقتحمين لسطوحه".
تقرير / وئام نجيب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى