لنا كلمة عن اللامركزية

> أحمد عبدربه علوي

> إذا جاز القول لنا، ستصبح (اللا مركزية) أمراً واقعاً على ضوء ما يجري في جلسات الجماعة التشريعية، حيث تعددت وجهات النظر بشأن (مشروع قانون اللامركزية) وهو أمر طبيعي في مناقشة أي موضوع ذي أهمية وطنية ومستقبلية.. كما أن التعددية في وجهات النظر من شأنها إغناء الحوار والمناقشات في المضمون.. ومن هذه الرؤية فإن من الأهمية بمكان وضع التصوّر المستقبلي، النظري والتطبيقي، للامركزية من حيث المفهوم والأهداف ومتطلبات التطبيق الناجح والفعال والمزايا والمخاطر.. فاللامركزية من حيث المفهوم تمثل قيمة مجتمعية مدنية لإتاحة الفرص للمواطنين للاهتمام بالصالح العام.
وهي ليست بديلاً (للمركزية)، بل تكاملية في الأدوار والمسئوليات.. كما إنها تنسيقية بين أدوار المنظومة الثلاثية في قطاعات المجتمع بشكل عام (العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني).. وهي ليست غاية بحد ذاتها، بل أداة أو وسيلة لتحقيق أهداف معينة أو محددة.
فالأهداف التي ترمي إليها (اللامركزية) بشكل عام تتمثل في إيجاد نظام تشاركي في المسئولية ما بين (المركز) والأقاليم، لتحقيق الفرص الفعلية للمواطن، للتهيئة للأدوار التنموية والمشاركة الفاعلة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بروح الديمقراطية والشفافية والمساءلة..
وقد قيل إن القيادي الفعال يكون ناجحاً بالضرورة، أما القيادي الناجح فقد لا يكون فعالاً.. فالتطبيق الفعال للامركزية يتطلب الآتي:
أ - التوزيع الجديد للمسئوليات من (المركزية) إلى (اللامركزية) لجعل الخدمات سهلة المنال وقريبة من الفئة المجتعية المعنية بها.
ب- النقل المبرمج للمهام التخطيطية والتنفيذية من مفهوم (المركزية) إلى (اللامركزية)، والثقة بقدرة السلطة المحلية على اتخاذ القرار في أقرب مستوى للفئة المستهدفة من ذلك القرار.
ج- تفعيل أدوار المنظمات المهنية، ومؤسسات وهيئات القطاع العام والخاص والمجتمع المدني في تحقيق أهداف اللامركزية، وبخاصة في مجالات تحديد الحاجات التنموية والتخطيط لبرمجتها.. واتخاذ القرار والمساءلة الأدائية.
وللامركزية مزايا، إذا ما أحسن تطبيقها وتفعيلها..
فمن إدارية يتوزع العبء الإداري بما يحقق السرعة في اتخاذ القرار وتنفيذه، ومن ناحية اجتماعية تسهم اللامركزية في زيادة الوعي المحلي بالحاجات الفعلية والتنموية، وتؤدي المشاركة في اللامركزية إلى تعزيز التنمية الثقافية من خلال التعددية الفكرية والسكانية في المجتمعات المحلية، ويؤدِّي ذلك كله إلى تهيئة المجتمع لممارسة المشاركة السياسية على مستوى وطني.
وثمة مخاطر قد تواجهها اللامركزية في التطبيق، فهناك احتمال بضعف التنسيق البيروقراطي بين المركز والمحافظات في التخطيط، والأداء والرقابة واحتمال التوتر أو الصراع الخفي على الأدوار ما بين أجهزة مركزية تاريخية ومؤسسات لا مركزية حديثة الإنشاء أو وجهاء القبائل وشيوخها التي يعتبرها بالنسبة وراثية.. هذا فضلاً عن الأعباء المالية الناجمة عن إيجاد الأجهزة اللامركزية، وبناء كوادرها.
وأخيراً.. نقول إن لضمان نجاح اللامركزية، فإن هناك مؤشرات أو متطلبات تقتضي أن تؤخذ بعين الاعتبار لعل من أهمها:
- تعديل التشريعات التي تتعارض مع مفهوم (اللامركزية) وخاصة الأدوار والمسئوليات والواجبات بهدف إيجاد مرجعية تشريعية للامركزية.
- التزام قوي وصريح وواضح من السلطة المركزية بنهج اللامركزية، وخاصة من ناحية تطبيقية.
-التهيئة الاجتماعي والمجتمعية لثقافة اللامركزية ودورها في التنمية البشرية والتنمية الشاملة.
- التنمية المستدامة للقدرة المؤسسية المحلية فنياً ومادياً وبشرياً، بشفافية ومساءلة، والمأمول أن تكون اللامركزية خطوة جادة نحو الدور المجتمعي التشاركي الديمقراطي.
أحمد عبدربه علوي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى