شارع دار المسنين بالشيخ عثمان.. يسبح على بحيرة من المياه الآسنة منذ أعوام.. مياه المجاري تحاصر المنازل والمحال التجارية

> استطلاع/ علاء عادل حنش

> العبث والإهمال وتفشي مياه الصرف الصحي شوه جمال الثغر الباسم (عدن) وأحالها إلى مناظر تتقزز العين من مشاهدتها بعد أن كانت رائدة في كل شيء وفي مقدمتها النظافة ونظارة شوارعها.
مدينة الممدارة بمديرية الشيخ عثمان، باتت تسبح على برك وبحيرات من مياه المجاري، والتي غطت حتى وصلت إلى منازل المواطنين، وبأت أهلها يعانون كثيرا أثناء مغادرتها والعودة إليها، كما تسببت بإغلاق الكثير من المحال التجارية بعد أن عزف الزائرون عن ارتيادها.
«الأيام» سلط الضوء على هذه المدينة ومدى معاناة أهلها من مياه الصرف والتي يزيد عمرها عن نصف عقد من الزمن.
تقاطع الممدارة الجديد (تقاطع الأربع كانبات) الكائن في حي عبد القوي الرابط بين (الشيخ عثمان، خور مكسر، الشيخ عثمان، والممدارة) ولهذا فهو يُعد حلقة وصل ما بين مدينة الممدارة والمديريات سابقة الذكر.
ويشكو المواطنون فيه من استفحال وتفشي مياه الصرف الصحي، خصوصاً بعد عملية “صب” الأتربة فيه، الأمر الذي حوله إلى بؤرةً للمياه الآسنة، ولم يلمس المواطنون أي تحسن من عملية الرصف التي نفذت قبل أسابيع لجزء من التقاطع والمؤدي إلى الشيخ الدويل وخورمكسر.
يقول المواطن علوي المحضار حسين اليافعي لـ«الأيام» وهو أحد القاطنين أمام التقاطع منذ عام 1972م: “بدأ تفشي مياه الصرف الصحي في هذا التقاطع منذ2011م، غير أن هذه السنة زاد بكثرة، وأصبحت تدخل إلى منازلنا والمحال التجارية المجاورة، كما أن الدخول والخروج إلى منازلنا بات صعبًا للغاية”.

وأرجع اليافعي تزايد مشكلة المجاري إلى عمال الشفط والذي قال بأنهم “هم من يضاعفون من الأزمة”، وأضاف: “لقد ناشدنا الجهات المختصة والمسؤولة وقوبلت بالموافقة، ولكن لم نر أي تنفيذ لها.
صحيح تمت عملية رصف بالبلاط الحجري على جزء من التقاطع ولكن لم تحقق أي حل ملموس، فالمشكلة مازالت قائمة، نحن نعيش في هذا المكان لما يزيد عن خمسين سنة، وهذه المجاري تذهب وتعود، فأكثر من عشرين قلاباً من التراب كبسنا به المكان لإنهاء المعضلة ولكن دون جدوى”، موكداً بأنه “لا تحسن تشهده هذه المنطقة إلا متى ما تمت معالجات جذرية بتغيير شبكة المجاري بالكامل وكذا الكهرباء”.
انقطاع الكهرباء
و أشار اليافعي في سياق حديثه لــ«الأيام» بأن “التيار الكهربائي مقطوع ولا يصله منذ فترة، على الرغم من دفعه لأكثر من 700 ألف عام 1994 و 1995م، وأن ما يصله من التيار هو بربط مؤقت منذ أربع سنوات”، وأبدى استعداده لدفع أي ضرائب أو رسوم في حال التزمت الجهة المسؤولة بتوفير الخدمة”، مضيفا:“عمال الكهرباء يأتون إلينا بالفاتورة لندفع أكثر من خمسمائة ريال شهرياً كمخصص للنظافة، دون أن نرى منهم أية نظافة”.
وختم اليافعي قائلاً:“الشكاوى التي نرفعها لا نجد لها تجاوباً، والعمال لن يقوموا بواجبهم إلا متى ما تحصلوا على مقابل مالي”.
توقف العمل
عامل ورشة الحديد والألمنيوم رشاد أحمد السرحي تحدث لـ«الأيام» عن جانب من معاناته من مياه الصرف بالقول: “أعمل في هذه الورشة منذ 2003م وهي مصدر عيش لي ولأولادي، ونتيجة اكتظاظ التقاطع بمياه الصرف الصحي ودخولها إلى المحلات تسببت بإضعاف عملنا وبعزوف الزائرين، الأمر الذي نضطر بموجبه إلى إغلاق محلاتنا.
وأجدها فرصة لأوجه رسالة عبر «الأيام» لمؤسسة المياه والصرف الصحي وللسلطة المحلية نناشدها من خلالها بضرورة إيجاد حل جذري لتفاقم مشكلة الصرف في التقاطع، والمتسبب بتوقف الأعمال وانتشار الأوبئة والأمراض، كالكوليرا والتي أصيب بها عدد من عمال الورشة”.
وأشار المواطن ماهر عبد الله ناجي إلى أن “تفشي مياه المجاري بالتقاطع تسبب بخلق معاناة كبيرة على النساء والأطفال، وكذا طلاب المدارس، لصعوبة التنقل في المنطقة”، مؤكداً بأن “المُشكلة الرئيسة في التقاطع تكمّن بتهالك الشبكة.

وهناك مشكلة أخرى من شأنها أن تُهدد صحة الناس وهي مرور مياه الشرب بجوار مياه الصرف الصحي وفي حال التأخر في إيجاد حل لهذا الموضوع ستختلط مياه الشرب مع مياه الصرف وهو ما سينتج عنها كارثة صحية”.
أما الناشط محمد الطويل فقال: “المواطنون بحت أصواتهم من كثرة مطالبتهم للجهات ذات العلاقة بإيجاد حلول لطفح مياه المجاري بالتقاطع منذ سنوات عدة ليست بالقليلة، إننا نناشد المنظمات الصحية بالنظر لهذه الكارثة لإنقاذ حياة المئات من البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة”.
ولم تقتصر معاناة المجاري على المواطنين بل بات سائقو المركبات والدراجات النارية يعبرون عن استيائهم من عدم قدرتهم على المرور من الشارع بجوار دار المسنين باتجاه المنصورة، ولن تُحل المشكلة إلا بمشروع استراتيجي.
فيما أوضح مدير عام مديرية الشيخ عثمان أحمد المحضار أن “تفشي مياه الصرف الصحي في تقاطع الممدارة بدأ قبل أن يتولى مسئولية قيادة المديرية”، ومعدداً أسباب انتشارها وتردي الخدمة بالقول: “ المشكلة الأساسية في مجاري الشيخ عثمان تكمن بالمضخات المتهالكة، وكذا الشبكة، كما أن أغلب مضخات المدينة واقعة في إطار جغرافي معين بمديرية المنصورة، وهو ما سبب عدة مشاكل، فمثلًا المحطة الرئيسة (الرضا) بالمنصورة مربوطة بالشيخ، ودارسعد، وإذا توقفت لنصف أو ربع ساعة يعود الراجع من الصرف إلى المديرية، وفي موسم الأمطار تتوقف بعض المعدات فيختلط ماء المطر بمياه الصرف، الأمر الذي يؤدي لتكاثرها، ونحن في مدينة الشيخ لا يوجد لدينا بحر لنصرّف فيه، كما يحدث في المديريات الأخرى ككريتر، والمُعلا”.
جانب من المحل التى وصلت اليه المجاري
جانب من المحل التى وصلت اليه المجاري

وفي معرض رده عن سؤال «الأيام» ماذا لو كانت عملية الرصف الجزئية لتقاطع الممدارة ستنهي الأزمة؟ قال: “عملية الرصف ستنهي أزمة تشقق الطريق فقط، أما أزمة مياه الصرف الصحي في التقاطع فستنتهي فقط في الشارع الذي تم رصفه، أما الطريق الآخر المؤدي إلى عبدالقوي فلن تنتهي المشكلة فيه، ونحن نحاول أن نجد حلًا، فالشارع جيد من ناحية الرصف لكن يتبقى تفشي مياه الصرف، ونحاول إصلاحها”، مؤكداً بأن “الحل هو بانتظام المضخات، التي ستعمل على تخفيف الأزمة بنسبة 70 % ، وصيانة دوريات التنظيف (المواسير) بنسبة 30% والتي تحتاج لتنظيف كامل، وكذا ضرورة التنسيق عبر أجهزة الاسلكية ما بين مضخات الممدارة والمنصورة، الغائب تماما بينها في الوقت الحالي”.
وأضح المحضار لــ«الأيام» بأن “المضخات العاملة اثنتان تتواجد إحداهما بالممدارة والأخرى في المنصورة، بالإضافة إلى ست مكائن جميعها لا تعمل، عدا واحدة فقط، فيما العمل جار لتجهيز الأخرى”.
وبخصوص الحل الأنسب لشبكة مجاري التقاطع قال: “الشبكة لا تحتاج للتغيير، بل للتصفية البيب الكبير الذي يُقدر بأن رُبعه مسدود بسبب دخول الأتربة إليه.
وجزء من المشكلة ناتج عن انطفاءات الكهرباء، وانعدام الديزل وهي أسباب ينتج عنها الطفح في هذه المنطقة، فمثلا:ً
مضخة حي السنافر تتبع المنصورة، وبمجرد انقطاع التيار الكهربائي يتوقف قسم (سي) عندنا بالمجلس المحلي، وخلال ربع ساعة يمتلئ السوق بمياه الصرف.
وما نقوم به من حلول ليست إلا حلولا ترقيعية، ولن تحل المشكلة إلا متى ما توفر مشروع استراتيجي، وقد ناقشت مع المحافظ طلب من مدير المؤسسة المحلية للصرف الصحي بحل مشكلة المجاري في عدن بشكل عام، وتمثل بضرورة القيام بفتح مكتب استشاري لكي يعطي حلول لأزمة تفشي مياه الصرف بعدن، لرفع دراسة متكاملة عن الأزمة وعلى ضوئها نبحث عن تمويل”.
وأردف “المواطنون يظنوا أن هناك تقصيرا من قبلنا، وعمال الصرف الصحي وفرق السدات يعملون دائمًا لكن المشكلة بالمضخات، كما أن العمال أكثر من مرة يجدون أعمال تخريبية، فمرة يجدون دراجة هوائية وأخرى أحجار كبيرة بقنوات المجاري، وهذا يعني بأن المُشكلة ليست من جانب، بل من الجانبين”.
استطلاع/ علاء عادل حنش

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى