رمضان في لحج.. طقوس تتجدد كل عام

> تقرير/ هشام عطيري

>
​تعيش مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج، كغيرها من المدن فرحة استقبال شهر الصيام، رغم كل المنغصات التي يُعاني منها المواطن الناتجة عن الارتفاع الحاد بأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والمستلزمات الأخرى.
فالزائر لعاصمة الفل والكاذي في هذا الشهر الفضيل سيشاهد الروحانية والطمأنينة والسكينة لدى الأهالي في كل شارع وحارة بهذه المدينة العتيقة.
يقول الباحث والكاتب محمود المداوي: «تكاد تكون لحج وقلبها الثقافي مدينة الحوطة ذات الموروث المتعدد متميزة بموروثها الديني لاسيما الخاص بمظاهر استقبال شهر رمضان، بدءا بابتهاج وفرح أطفالها بقدومه إلى ابتهاج الكبار والذي يتمثّل في التدافع من قِبل ربات البيوت واستعدادهن غير المحدود بتوفير كل الحاجيات والأدوات التي يحتجن لها في تسيير أمورهن فيه، ولا أبالغ هنا إن قلت إن هذا يتم قبل شهر رمضان بأيام بالتزامن مع تحرك الرجال بتوفير كل متطلباته المادية، رغم الظروف المادية والاقتصادية الصعبة لديهم وارتفاع الأسعار وتقلبها في السوق لاسيما في هذا العام».
تميّز فريد
وقال المخرج في إذاعة لحج المحلية أحمد محبوب سيف: «تتغير في هذا الشهر الفضيل حركة كثير من الناس في هذه المدينة، حيث يجد المرء الشوارع مكتظة بالمتسوقين في المساء وخالية في النهار إلا القليل من المارة وهم من أهالي القرى المجاورة والذين يأتون إليها لجلب ما يحتاجونه لبُعدهم عنها». 
وأوضح سيف في سياق تصريحه لـ«الأيام» أن «شهر رمضان دائما ما يتميّز عن بقية الشهور بالبهجة والسرور والسعادة الغامرة لدى الجميع كباراً وصغارًا، وكذا من خلال تعابير وجوههم وأناشيدهم وابتهالاتهم ذات النكهة الفريدة والمشاعر الصادقة تجاه هذه المناسبة الدينية».
تمسك بالتقاليد
وأكد عاقل قرية الثعلب أحمد محمد علي أن «بعض القرى المحيطة بمدينة الحوطة مازالت محتفظة بتقاليدها وموروثها الديني خلال الشهر الفضيل وفي مقدمتها قريته التابعة لمديرية تُبن المتمسكة بموروثها الديني من خلال قيام بعض الشيوخ بعقد مجالس الذكر وقراءة السيرة النبوية للحاضرين كعادة سنوية بعد صلاة التراويح».
وقال الشيخ أحمد الهبوب: «إن لرمضان ميزة خاصة تتجلى بالتراحم بين الناس وكذا الإفطار بشكل جماعي بمائدة واحدة تعكس وحدة النسيج في منطقة العند على الرغم من الظروف المعيشة الصعبة، وعدم حصول الموظفين على مرتباتهم بانتظام».
فرق بين الماضي والحاضر 
الكاتب والباحث محسن كرد أكد لـ«الأيام» أن «الظروف القاسية والغلاء الفاحش وصعوبة الحياة جعل الناس يحجمون عن الحديث حول التحضيرات الخاصة بهذا الشهر الفضيل».
كما أكد أن «هناك اختلافا وفرقا كبيرين بين ليالي وأيام رمضان في الماضي والحاضر بمدينة الحوطة».
وقال: «كان أبناء لمحافظة وعاصمتها الحوطة وقراها عادة ما يستبشرون بقدوم هذا الشهر والترحيب به عبر المساجد من قِبل الإمام العلامة مفتي الديار اللحجية الفقيه القاضي علي بن أحمد النخلاني إمام وخطيب مسجد الجامع، وعمي الفقيه العلامة الإمام محسن عبدالله كرد إمام وخطيب مسجد مساوى، والفقيه هادي إمام مسجد الجفارية، والمؤذن عمر إسماعيل مؤذن مسجد الدولة، والفقيه العلامة القاضي طاهر إمام مسجد الخير ومن بعده ابنه الفقيه عبدالله طاهر رحمة الله عليهم جميعاً وغيرهم من فقهاء وأئمة مساجد الحوطة ممن كانوا يقومون بعملية الترحيب بشهر الصيام.
مواطنون: لشهر الصيام نكهة خاصة رغم الظروف الصعبة
وكانت الناس منذ اليوم الأول تبدأ بالتسامح فيما بينهم والعفو عن أي منازعات وكذا تصفية القلوب».
ويوضح أن «المجتمع اللحجي كان مجتمعا حضاريا ومتسامحا وراقيا في تعاملاته لا يعرف الغلو والتطرف والإرهاب والتكفير للآخرين، كما هو حاصل اليوم بعد أن انتشرت فيه بعض الظواهر الغريبة والدخيلة والتي كان من نتائجها خلق الشحناء والتفرقة والشقاق بين أبناء المحافظة».
وتمنى كرد أن «تعود المدينة كما كانت عليه أيام زمان يتسيّد فيها الحب والمتسامح بين الأهالي».
وتابع بالقول: «في الماضي كان يحل الشهر الفضيل وكل شيء متوفر، وتقوم الأسر اللحجية بشراء حبوب القمح (الغرب الأحمر) والدقيق والبر الخاص بالشربة، ثم الذهاب إلى المحدادة وشراء الحطب لإشعال الموافي وعمل وجبة الإفطار والعشاء وهذا كان في زمن السلطنة العبدلية، وعند حلول وقت الإفطار يُطلق مدفع رمضان من موقعه بجانب ملعب قصر الروضة، قصر السلطان الثائر علي عبدالكريم العبدلي طيب الله ثراه».
انعدام الخدمات الأساسية
من جانبه أوضح المواطن سعيد أن «المواطنين استقبلوا شهر الخير والرحمة في ظل عدم توفر الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء وارتفاع الأسعار».
وأضاف: «كنا نتمنى أن تتحسن الخدمات والحياة المعيشية بعد طرد المليشيات الحوثية من المحافظات الجنوبية، غير أن الأوضاع زادت سوءا وازادت حالات الفقر في أوساط أهالي المدينة، وهو ما يستدعى من فاعلي الخير في هذا الشهر الفضيل تقديم المساعدات للمحتاجين دون تمييز حتى تدخل البهجة والسرور لجميع للأسرة الفقيرة في أيام شهر الصيام».
وعلى الرغم من كل المنغصات الحياتية إلا أن لشهر رمضان في هذه المدينة وقعه في النفوس وميزته المتفردة عن سائر الشهور الأخرى. 
تقرير/ هشام عطيري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى