واتساب يساعد الحكومة الهندية على إيقاف الرسائل المضللة

> «الأيام» متابعات

>

أدى انتشار الرسائل المضللة التي يجري تداولها عبر خدمة التراسل الفوري واتساب في الهند إلى حدوث سلسلة جرائم إعدام لناس أبرياء، حيث قتل 29 شخصًا في عمليات إعدام على يد غوغاء منذ شهر مايو  الماضي في جميع أنحاء الهند، وشهد آخر حادث قتل خمسة عمال زراعيين على يد حشد مكون من 40 شخصًا، بينما كان هناك 3 آلاف شخص يشاهدون الحادث، مما دفع الخدمة المملوكة لشركة فيسبوك إلى القول إنها ستمول أبحاثًا لمعرفة سبب الانتشار الكبير للأخبار المضللة في الهند عبر المنصة.

ويبدو من المثير للدهشة أن الحكومة الهندية في حيرة من أمرها حول إيجاد طريقة لقمع العنف، ولذلك وجدت كبش فداء في واتساب، حيث دعت وزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات في البلاد خدمة واتساب إلى الاحتواء الفوري لمثل هذه الرسائل التي تنتشر من خلال تطبيقها، وقالت الوزارة “إن على واتساب اتخاذ التدابير العلاجية اللازمة لمنع انتشار الرسائل المضللة والمحفزة على العنف في بعض الأحيان من خلال منصتها”.

واستجابت شركة واتساب لتصريحات الوزارة الهندية قائلة إنها تعتقد أن التضليل يمثل تحديًا يتطلب من الحكومة والمجتمع المدني وشركات التكنولوجيا العمل معًا لحله، ولتحقيق هذه الغاية، أشارت إلى ميزات التحكم التي تم توفيرها مؤخرًا بالنسبة للمشرفين على المجموعات، كما أعلنت عن تمويلها لأبحاث حول انتشار المعلومات المضللة في الهند، مع تخطيطها لتشغيل حملات إعلانية طويلة الأمد للسلامة العامة في الهند وورش عمل لمحو الأمية فيما يتعلق بالأخبار.

وقال متحدث باسم واتساب في بيان: "إن واتساب تهتم بسلامة مستخدميها وقدرتهم على التواصل بحرية، ونحن لا نريد أن تستخدم خدماتنا لنشر المعلومات المضللة الضارة، ومن خلال هذا المشروع الجديد، فإننا نتطلع إلى العمل مع خبراء أكاديميين رائدين في الهند لمعرفة المزيد حول كيفية استخدام منصات الإنترنت لنشر المعلومات والأخبار المضللة، حيث تساعد هذه الأبحاث المحلية على الاستفادة من التغييرات الأخيرة التي أجريناها في واتساب لمساعدة الناس في اكتشاف الأخبار المضللة”.

ووفقًا للشركة فإن برنامج الأبحاث الجديد سوف يقدم جوائز غير مقيدة تصل إلى 50 ألف دولار أمريكي لكل مقترح بحثي، مضيفة أنها تسعى للحصول على مقترحات لاستكشاف العوامل التي تؤدي إلى ترويج المعلومات المضللة، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالانتخابات.

ويكشف هذا النهج الخاطئ عن افتقار الوزارة الهندية إلى فهم الكيفية التي تعمل من خلالها أدوات المراسلة الحديثة، كما يكشف عن فشل الحكومة في معالجة القضايا واسعة النطاق على نحو ملائم، والتي تقع عليها مسؤولية عمليات القتل المروعة، حيث تبدو الهند وكأنها الدولة الوحيدة في العالم التي تقع فريسة للرسائل المضللة، والتي أدت في الآونة الأخيرة إلى وقوع عمليات إعدام خارج نطاق القانون.

وتدعي قوات الشرطة في مختلف أنحاء الهند أنها تعمل منذ أسابيع على وقف هذه الشائعات، ولكن من الواضح أن هذه الجهود لم يكن لها تأثير كبير، حيث تؤدي مثل هذه المعلومات المضللة إلى زيادة الاحتقان لدى المواطنين، وتدفعهم إلى القيام بأعمال عنف بأعداد كبيرة، وهو مؤشر على عدم الثقة في الآلية التي تهدف إلى الحفاظ على القانون والنظام في البلاد، كما أنها مؤشر على عدم فهم عواقب المشاركة في هذه الأنشطة، ومؤشر على صعوبة العثور على الحقيقة خارج نطاق ما ينشر عبر واتساب ومنصات التواصل الإجتماعي.

وتعتبر هذه المشكلة صعبة الإصلاح، حيث تعد الهند أكبر قاعدة مستخدمين لتطبيق واتساب، إذ يوجد أكثر من 200 مليون شخص يستخدمون المنصة، ويزداد نمو هذا الرقم سنويًا، حيث تعتقد جوجل أنه بحلول عام 2020 سوف يكون هناك 500 مليون شخص تتوفر لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت عبر الهواتف الذكية، وأن حزم البيانات المحمولة هي الأرخص في الهند بالمقارنة مع أي مكان آخر على هذا الكوكب.

وينبغي على الحكومة الهندية، بدلًا من إلقاء اللوم على واتساب، معالجة القضايا الأكبر التي تجعل الشعب معرضًا لتصديق الأخبار المضللة، وذلك عن طريق إطلاق حملة لتشجيع الناس على التشكيك في صحة المعلومات التي يتلقونها عبر منصات التواصل الإجتماعي ومنصات المراسلة، كما تحتاج الحكومة إلى تذكير الناس بالقوانين التي يجب عليهم الالتزام بها داخل حدود البلاد.

ويجب أن تكون قوات الشرطة مدربة بشكل أفضل للاستجابة للجرائم المرتبطة بنشر المعلومات المضللة، وتحتاج إلى الانخراط بشكل أعمق مع المجتمعات المحلية من أجل كسب ثقتها، ومنع أعمال الشغب، ومعالجة مخاوف المواطنين بشأن القضايا الفضفاضة مثل الخطف، ويبدو أن الحكومة تحاول التهرب من مسؤولياتها تجاه مواطنيها عبر إلقاء اللوم على واتساب فيما يتعلق بما يجري، كما أنها بعيدة عن فهم المشكلة المتنامية للمعلومات الخاطئة بشكل أفضل، وكيف يمكن معالجتها على المستوى المحلي والوطني.

تجدر الإشارة إلى أن شركة واتساب توفر تشفير من نوع نهاية إلى نهاية ضمن منصتها، مما يعني أن الشركة لا تستطيع قراءة محتويات الرسائل أثناء نقلها عبر خوادمها، وتبعًا لذلك فإنه من المستحيل مراقبة هذه المحادثات والتحكم فيها دون كسر أحد أهم ميزات الخدمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى