الأمم المتحدة تقتل السلام في اليمن

> د. وضاح المحوري*

>
من المؤسف أن تنحرف الأمم المتحدة عن هدفها السامي (السلام) في تطبيق قراراتها الأممية التي تصدرها، فهي المنظمة الدولية الأولى التي يجب أن تسعى دوما إلى السلام، والتي يجب أن يقتصر دورها على تثبيته لوقف إراقة الدماء في أي بلد في العالم.

ولكن تغيّرت أهداف هذه المنظمة وأصبحت راعية للحرب والدمار، فأين ما وجدت ونصبت خيامها حلت النكبة والخراب للبلد التي تدّعي بحث أوجه السلام فيه؟
فكما هو معروف أن المساعي التي تسعى من خلالها الأمم المتحدة للتوصل إلى سلام في اليمن دائما تكون فاشلة، لأن الدول الكبرى التي تدير هذه المنظمة تبحث عن مصالح ومكاسب لا غير، ولا يهمها لا حقوق إنسانية ولا سلام.. أي أن هذه المنظمة أصبح دورها فقط كسب المصالح من البلدان المنكوبة لصالح بلدانها، بتخطيط من تلك الدول العظمى المسؤولة عنها. ونجد خير مثال على ذلك، استمرار الحرب في اليمن، فهي تدعم الحوثي بالسلاح والعتاد العسكري، وليس بالأدوية والغذاء، وتقابل التحالف والشرعية ببحث أوجه السلام المزيف، التي تسعى إلى إطالة المساومات من خلال وأد تلك المباحثات قبل أن تبدأ، لكي تستمر الحرب ويستمر الاستثمار.

وما شاهدناه من بعض الصور التي تم تناقلها في وسائل التواصل الاجتماعي حول سفينة السلام ورايتها (الأمم المتحدة) التي كانت تدخل إلى ميناء الحديدة في اليمن، لتقديم المساعدات الإنسانية، فقد وجد أن تلك السفينة من الداخل حربية، أي بعبارة أخرى تحوي إمدادات وعتادا عسكريا من مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة. تلك المساعدات، التي تزعم أنها الغذاء والدواء، وهي في الأساس تغذية عسكرية لمليشيات الحوثي ليواصل مسيرته. كل ذلك والأمم المتحدة تدعم السلام، فكيف بغير
ذلك؟
فكما هو واضح وملموس، من دور الأمم المتحدة في اليمن منذ بداية الحرب، وهو صب الزيت على النار، فهذا هو السلام الذي يتحدث عنه كل مبعوث للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن. لا جديد تحت طاولة مبعوث الأمين العام للامم المتحدة لدى اليمن، مارتن جريفيثس (Martin Griffiths)، إلا السير بخطى ثابتة على نفس مساعي أسلافه، فلا حلول ولا سلام ناجح ولا قرارات تطبق، ولا أعطت الفرصة للقوي بحسم المعركة.

فماذا عملت منظمة تجارة الحروب - إن جاز لي التعبير أن أطلق عليها هذا الاسم - مع الشعب الفلسطيني تجاه ما يتعرض له من انعدام العدل والأمانة؟ وماذا عملت في سوريا وليبيا ومن قبل في العراق؟
نعم، فهي تسعى للسلام في الظاهر، ولكن في باطنها تحمل الهلاك للشعوب العربية. دعونا نعود لليمن ووضعها الكارثي الذي يعيشه شعبها، والذي وصل في بعض المحافظات إلى أن يأكل سكانها الأشجار.

فوضع اليمن واستمرار الحرب إلى زمن مجهول الهدف من ذلك امتصاص وابتزاز دول الخليج خصوصاً السعودية والإمارات، وعلى حساب دمار وقتل هذا الشعب. فمن كتبت له النجاة من رصاصات الأعداء، مات جوعاً..!
فلا سلام من الحرب ولا سلام من غلاء المعيشة وارتفاع سعر العملة، مقابل متوسط المرتبات والدخل لغالبية الموظفين، الذي يصل تقريبا 50 ألف ريال يمني، فقد أصبحت المرتبات لا تفِ بمتطلبات الحياة المعيشية البسيطة، فارتفاع الأسعار بشكل جنوني يفوق إمكانيات وميزانيات دخل أرباب الأسر، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى مشكلة الكهرباء، التي أصبحت أيضا تشكل عبئاً كبيراً على المواطن وتغيظه في حياته لاسيما في المحافظات المحررة، والتي بمقدور دول التحالف أن تساهم في حلها حلاً جذرياً، بالإضافة إلى ارتفاع سعر مادتي الديزل والبترول. وهنا ممكن نطرح سؤالا للتحالف: أين يباع الديزل الذي يهرب من اليمن؟ ولصالح من يتم ذلك؟
فإغلاق الموانئ واحتكار مادتي الديزل والبترول بغرض تهريبها، ثم تسويقها بأسعار فوق طاقة المواطن ستظهر حقيقتها، والتي بدأت تلوح في الأفق، حول بيعها في بعض دول الخليج التي تنعدم فيها مادة الديزل.

بالإضافة إلى ذلك عمليات الاغتيالات التي تطال الشرائح المثقفة، والتي تتدرج في الاستهداف، فالآن بدأ استهداف، بعد أئمة المساجد، مديري المدارس في عدن.
فالحرب في اليمن أصبحت متعددة الاتجاهات وتحرك شراعها دول عظمى، بل خرجت عن هدفها المتمثل في إعادة الشرعية، فإلى الآن لا عادت الشرعية ولا انتهت الحرب. وبهذا يمكننا أن نقول إن الأمم المتحدة تقتل السلام وتمشي في جنازته.
* (رأي اليوم) اللندنية​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى