> سعد ناجي أحمد
في كل مكان وزمان، وفي كل بقاع الأرض، والشعوب تقوم بالثورات تلو الثورات من أجل الشعب ومصلحته، وليس من أجل مصلحة حزبية أو عائلية أو مناطقية، وتلك الثورات هي التي تستطيع أن توصل مشوار نضالها نحو تحقيق أهدافها وخيارات شعبها، وذلك من خلال مراحل نضالية متعددة التأسيس في المرحلة الثورية السلمية والمرحلة العسكرية، ومرحلة تأسيس الدولة التي قامت من أجلها تلك الثورة. ومن المعروف أن طبيعة المراحل التي تمر بها الثورة ترافقها كثير من الصعوبات والأشكاليات والخلافات والتباينات، ولكن في ظل حكمة قيادة الثورة تستطيع أن تتغلب على كل الصعوبات للحفاظ على مسار الثورة وقيادة السفينة إلى بر الأمان.
وها هو الشعب الجنوبي العظيم الذي أعلن ثورته ومسيرته النضالية استطاع أن يمر بمراحل ثورية مختلفة، واستطاع تحقيق نتائح إيجابية هامة، ومن أهمها تحقيق الانتصار بالساحة الجنوبية من خلال مواجهة التمرد الحوثي وتطهير الساحة الجنوبية من تلك الطائفة الحوثية المتمردة، وكذلك الخلايا الإرهابية، وبهذا شكل الجنوب البوابة الأولى لانتصار التحالف العربي والسيادة العربية، وذلك الانتصار العظيم الذي تزامن مع إعلان الشعب الجنوبي لمجلسه الانتقالي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الحنوبي وقضيته العادلة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
وقد استطاع المجلس الانتقالي تحقيق انتصارات كثيرة في نافذة تلك المستويات، رغم الظروف والصعوبات، واستطاع أن يفوت ويتجاوز الكثير من المؤامرات التي كانت تحاك ضده بهدف إفشاله، وآخرها قراره الصائب بإلغاء الاحتفال بذكرى أكتوبر 2018م، وهذه هي الحنكة السياسية بحد ذاتها، فالتعامل مع الأمور والمتغيرات بطريقة ذكية وعقلانية تمثل طريق النجاح في مواصلة المشوار النضالي، فالمرحلة محتاجة للعقول الحكيمة والناضجة، وليس للعقول المتهورة التي لا تستطيع مواصلة النضال وسرعان ما تصاب باليأس والإحباط والتردد.
وصعوبة الظروف والمرحلة تحتاج لرجال أقوياء ذات صلابة ونفس طويل، فالمسألة ليست كما يشتهي البعض، فالمشوار لايزال طويلا ويحتاج التعامل معه بحكمة وحنكة سياسية.. والانتقالي الجنوبي اليوم أمام مخاض سياسي كبير ترافقه كثير من الصعوبات والعراقيل، فالانتقال من المرحلة الثورية إلى مرحلة تأسيس وبناء الدولة مسألة ليست كما يتصورها البعض مجرد نشوة عاطفية بالتنظير من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.. لا وألف لا، فالمثل يقول «لا يأتي الوليد من وريد»، فالجنوب لا يأتي عبر شبكات التواصل الاجتماعي.. صحيح أن تلك الشبكات تقدم خدمات مفيدة، لكن علينا أن نفهم أن تلك الشبكات تديرها قوى ليست مع أهداف شعبنا وخياراته، وعلينا أن نستوعب المرحلة والمتغيرات والتعامل معها بكل عقلانية، ويجب الحذر من العشوائية والتهور.. كما علينا أن نأخذ بالعبر والعمل الجاد والمخلص الذي يأتي بثماره قبل حين..