​جنوبي مقيم تلك حقيقة الوحدة المزعومة

>
في زمن فورة المد القومي وأحلام الوحدة العربية سواءً أكانت على الطريقة الناصرية، أو الطريقة البعثية (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) كان الجنوب قد وقع فريسة لتلك الأوهام والأحلام صعبة التحقيق على الأقل في مدى القرون القادمة، (أي الوحدة العربية)، كانت أحلام اليقظة للشباب القومي تتجاوز الواقع المعاش شمالاً وجنوباً، وتعقيداته الاجتماعية والدينية والسياسية والمدنية.

فكانت أول التجاوزات والحماس أن اعتبر القوميون أن السلطنات والإمارات والمشيخات صنيعة الاستعمار وعملائه، بينما هم يدركون أنها من جوهر وصميم مجتمع الجنوب من المهرة حتى باب المندب، بل يدركون أنها سابقة لدخول الاستعمار الذي لم يحتل عدن إلا في القرن التاسع عشر، بينما السلطنات الجنوبية سبقت دخول الاستعمار بقرون عديدة تتجاوز الثلاثة القرون وبعضها الخمسة القرون، وهذه كانت أول فرية، ولا تزال بعض الكيانات للأسف تصفهم بذات الصفة، وبكل أسف.

من التجاوزات في الجنوب أننا كنا نعلم الأجيال تاريخاً مزوراً، وأهم شعاراته "لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية، وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية"، بينما في الجهة المقابلة يعلمون الأجيال أن الجنوب كافر وشوعي، ويصرفون للنازح الجنوبي، لأي ظرف سياسي أو اقتصادي، بطاقةَ جنوبي مقيم بصنعاء أو تعز أو الحديدة.

وهنا في عدن يستقبل الشمالي كمواطن كامل المواطنة، ويحصل على أكثر مما يحصل عليه المواطن الجنوبي الأصلي ووصلوا إلى الرئاسة، ما جعلني أتذكر وأكتب حول الجنوبي المقيم، ولا يزال بعضهم يحتفظون بتلك البطائق، وأتحدى أي جنوبي، رحل أو نزح إلى الشمال قبل الوحدة، أن ينكر ذلك، وحتى القوات التي مكثت بالسوادية مع الرئيس الأسبق علي ناصر كانت لا تستطيع أن تذهب لزيارة صنعاء أو الحديدة، إلا بترخيص من الفندم يحيى.

ما جعلني أتذكر وأكتب، هي تلك الشطحات لبعض فاقدي الأهلية من الكتاب أو مدعيي الكتابة عن عنصرية أبناء الجنوب، فهل هناك أكثر وأوضح من عنصرية الشمال الذي كان يصرف لك بطاقة جنوبي مقيم؟
الشمال لم يتمسك بالوحدة إلا بعد الاستيلاء على الجنوب وثرواته بخديعة سميت الوحدة، أما قبل ذلك فالحب أو الشعار الوحدوي كان من طرف واحد، والذي فرضه معروفون ومناطقهم معلومة وما زالوا يصرخون: الوحدة أو الموت، رغم أنهم أجراء فقط لدى مراكز النفوذ، وليسوا في العير ولا في النفير.

من لا يزال يهاجم الجنوب وكل ما هو جنوبي، فلديه مرض وبحاجه إلى مصحة عقلية، حيث لا يرى إلا بعين الأعور الدجال، والذي يسحر الناس بالزيف والباطل.
تكفيه أن يسأل بقية أهله أو بقية القيادات التي نزحت شمالاً خلال تلك الحقبة، ولن ينكروا أن ذلك كان سارياً وبالقانون.

يا ليت الناس يصحون من عبث العابثين والمزورين ومحرفي الكلام عن مواضعه، فاليوم غير الأمس، والجنوب الذي ظلم وما زال يظلم، بحاجة إلى مصارحة وتطهر من الأحقاد والأغراض الشخصية، وأولهم القيادات وممتهني الكتابة بالصحافة والمواقع.
إلى هنا يكفي، والتاريخ لا يزال يحتفظ ببعض الوثائق، وأولها بطائق (جنوبي مقيم).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى