​مقارنات.. نجلا مبارك ونجل صالح

> يختلف وضع سيف القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل، عن وضع علاء وجمال نجلي الرئيس المصري الراحل حسني مبارك. فقد سقط نظاما الرجلين في ثورات «الربيع العربي».
ولكن في حين سقط نظام الأول بعد بحر من الدماء وعلى أنقاض دولة مدمرة، فإن نظام الثاني سقط في موجة احتجاجات ضخمة توجت بتنحي مبارك، ثم سجنه ومحاكمته مع نجليه علاء وجمال، والأخير كان لسنوات طويلة، مثل سيف، مطروحا كأحد أبرز المرشحين لخلافة والده. لكن هناك فروقا جوهرية بين الحالتين الليبية والمصرية. ففي الحال الأولى، انهار النظام ومعه مؤسسات الدولة، بما في ذلك أجهزة الأمن التي كانت في الحقيقة قوات أمنية مرتبطة مباشرة بالقذافي، ويقودها في أحيان كثيرة أنجال العقيد وأقرباؤه وقادة عسكريون من قبائل موالية له. وعندما سقط نظام القذافي وقُتل، كانت «كتائب القذافي» قد تشتت وقُضي على قادتها بفعل الضربات الجوية للتحالف الغربي.

في الحالة المصرية، لم يتكرر بحر الدماء هذا. فالجيش المصري بقي متماسكا، وأشرف على انتقال السلطة من عهد مبارك إلى عهد تقوده جماعة «الإخوان المسلمين»، قبل أن يتحرك الجيش من جديد للإطاحة بنظام «الإخوان»، بعد تظاهرات شعبية ضخمة عام 2013، وخلال السنوات التي تلت، استمرت محاكمة مبارك ونجليه أمام القضاء المصري الذي حكم في نهاية المطاف ببراءتهم من الاتهامات الأساسية الخطيرة التي كانوا يواجهونها. وتوفي مبارك في فبراير (شباط) 2020، وتم تشييعه بمشاركة رسمية (مدنية وعسكرية). أما علاء وجمال، فلم يصدر عنهما ما يوحي بأنهما مستعدان حاليا لخوض المعترك السياسي من جديد.

أما الحزب الوطني، الذي كان يوما عماد السلطة السياسية في مصر، وكان جمال تحديدا يلعب دورا أساسيا فيه، فلم يعد موجودا بعد حله إثر سقوط نظام مبارك.
في اليمن أيضا، هناك ما يمكن أن يقارن بالوضعين المصري والليبي، فالرئيس السابق علي عبد الله صالح كان بدوره أحد الزعماء العرب، الذين أطيح بهم في ثورات «الربيع العربي».

لم يخسر السلطة فورا، بل نتيجة وساطة خليجية توجت عام 2012 بتنحيه ومنحه حصانة من الملاحقة، وانتخاب عبد ربه منصور هادي خلفا له في الرئاسة. لكن رئاسة هادي لم تكن سهلة، فهو من جنوب البلاد وليس شمالها (حيث تتركز السلطة تقليديا)، كما كان عليه أن يواجه أجهزة أمنية تسيطر عليها إلى حد كبير عائلة صالح. وكان علي عبد الله صالح، مثل القذافي ومبارك، كما يبدو، يحضر ابنه الأكبر أحمد لخلافته، حسب ما تقول تقارير أميركية (نشرتها ويكيليكس). وفي هذا الإطار، تدرج أحمد في تولي المسؤوليات، إذ تابع تحصيلا عسكريا في الخارج (الأردن)، ثم انتقل إلى القوات الخاصة، وبعد ذلك تولى قيادة الحرس الجمهوري بين العامين 2004 و2012، لكن وجود نجل صالح على رأس قوات أمنية في قلب صنعاء لم يرض هادي، الذي لجأ إلى إعادة هيكلة قوات الأمن للتخلص من مناصري الرئيس السابق، كما لجأ إلى إبعاد أحمد عن القوات المسلحة بإرساله سفيرا إلى الإمارات (بين 2013 و2015). وبعد مقتل علي صالح على أيدي الحوثيين في ديسمبر 2017، عاد اسم أحمد صالح ليُطرح كأحد القادة الذين يمكنهم أن يلعبوا دورا في مستقبل بلدهم، خصوصا أنه عسكري متمرس، وقد يكون قادرا على مواجهة الحوثيين، علما أن والده خاض حروبا عدة ضدهم، قبل أن يتحالف معهم ثم يحاول فك ارتباطه بهم، فتم قتله. لكن أحمد صالح يواجه عقبات كثيرة تعترض طريقه إن قرر خوض معركة العودة إلى السلطة، فالحوثيون يسيطرون فعليا على صنعاء، وأجزاء كثيرة من شمال البلاد، وقد همشوا حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يقوده صالح، وبات الآن منقسما إلى تيارات عديدة تتنافس على تمثيل الحزب، ويواجه أحمد صالح نفسه عقوبات دولية لم يتم رفعها عنه بعد. وقد نُقل عنه قوله أخيرا، خلال زيارة لموسكو، إن الروس وعدوا بالعمل على الدفع باتجاه رفع العقوبات.

"الشرق الأوسط"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى