​لن يقع تحت التأثير السلبي المباشر للحرب الإعلامية المضادة وحملات التضليل؛ وسيل الشائعات التي تعج بها شبكات التواصل الإجتماعي وعلى مدار الساعة؛ غير من تنقصهم المعلومات عن حقائق الأمور ويجهلون خبث تلك الحملات ومصادرها وأهدافها.

ولا يجدون في نفس الوقت من يمدهم بالمعلومات الصحيحة؛ لتتضح لهم طبيعة معركة الجنوب التاريخية القائمة اليوم وعلى أكثر من جبهة ومع أكثر من طرف - داخليا وخارجيا - وفي وقت واحد؛ بالإعتماد على حقائق ومعطيات وشواهد الواقع وبلغة الإقناع والمنطق؛ وبعيدا عن التقليل من خطورة المعركة المصيرية التي يخوضها الجنوب دفاعا عن حريته ومستقبله.

ولا ينبغي في مواجهة كهذه الإستخفاف أو التقليل كذلك من قدرات وأدوات ووسائل الأعداء المختلفة والموجهة ضد الجنوب؛ ومنها وأهمها في هذه الظروف الحرب الإعلامية والنفسية التي يشنونها وبضراوة ضد المشروع الوطني الجنوبي؛ وضد رموزه وقياداته الوطنية المخلصة.

إنها معركة وطنية كبرى التي يخوضها اليوم شعبنا؛ وهي معركة كل الوطنيين الجنوبيين الأحرار؛ لأنها تتعلق بتاريخهم وحريتهم ومستقبل أجيالهم القادمة؛ والإنتصار لها والدفاع عنها ليس إنتصارا أو دفاعا عن مصالح خاصة أو منافع مؤقتة؛ بل دفاعا عن مصير الجنوب وقضيته الوطنية التي تجابه اليوم أشرس هجمات الأعداء وبكل ما لديهم من قدرات متاحة؛ وعلى نحو منظم ومتناغم وبصورة غير مسبوقة.

ودون أدنى شك بأن كل ذلك يعكس يأسا بالغا قد أصابهم بعد أن فشلت كل محاولاتهم الخائبة والبائسة خلال الفترة الماضية؛ لإلحاق الهزيمة بالإرادة الوطنية الجنوبية الحرة وجعلها تنكسر أو تتراجع؛ برغم كل ما قد أصاب الجنوبيين من إحباط وتذمر من سوء الأوضاع المعيشية الصعبة التي وصلت إلى درجة غير معهودة في كل تاريخ الجنوب؛ والناتجة عن سياسة ممنهجة أتبعتها (الشرعية) منذ هروبها المذل من صنعاء عام 2015م.

إن التصدي الحقيقي لكل وسائل الدس والتضليل وبث الشائعات التي تبحث عن الفتنة؛ أو تستغل بلؤم ودناءة أي حدث مؤسف قد يحصل هنا وهناك ومهما كان حجمه؛ لتجدها تلك القوى فرصة لإشعال الحرائق البينية بين أهلنا في الجنوب؛ يتطلب بالضرورة عملا وطنيا شاملا ومنظما وقويا ومتماسكا؛ على الصعيدين السياسي والإعلامي وبصورة منهاجية لا تقبل الخمول؛ أو حملات الطابع الموسمي والمناسباتي؛ التي يغلب عليها الطابع الدعائي أكثر من أي شيء آخر.

كما يتطلب الأمر من كل القوى والقيادات الوطنية الجنوبية دون إستثناء؛ الإخلاص والوضوح في المواقف السياسية؛ والصدق مع الناس والشفافية مع الرأي العام؛ والإبتعاد عن الغموض الذي لم يعد مفهوما ولا مقبولا كذلك؛ والحرص على وحدة وتماسك الصف الوطني الجنوبي؛ وهو الأمر الذي كررنا الدعوة له مرات ومرات؛ والأخطر أن يبقى البعض متمترسا خلف مصالحه وحساباته الضيقة الخاصة.

إن الوضوح والصراحة مع الشعب لأمر بالغ الأهمية؛ ففي ذلك تكمن الحاجة لإستنهاض الناس وتعزيز قناعاتهم وثبات مواقفهم الوطنية؛ وجعلهم شركاء في تحمل مسؤوليتهم في أية خطوات قادمة تتعلق بمصيرهم ومستقبل أجيالهم القادمة؛ وعدم الإنتظار طويلا لما قد سيأتي به (الخارج) من حلول وجعل مصير شعبنا وقضيته رهينة لدى غيره وحتى (إشعار آخر).