​ليست مدينة عدن القديمة مجرد اسم في دفتر التاريخ، بل هي مرآة حضارية تعكس قرونًا من التفاعل بين الشرق والغرب، بين الميناء المفتوح على العالم والمجتمع الذي صاغ لنفسه هوية متفردة. ومع هذا، تُطرح اليوم ضمن نقاش جاد لترشيحها للقائمة التمهيدية للتراث العالمي – وفق معايير اليونسكو – وهي خطوة كبرى، لكنها لا يمكن أن تنجح دون أساس قانوني محكم.

اليونسكو، كجهة دولية، لا تُدرج المدن والمواقع بناءً على الرغبة أو القيمة التاريخية المجردة فحسب، بل وفقًا لاشتراطات قانونية وإدارية صارمة تشمل: وجود تشريع وطني، تحديد دقيق للحدود والمناطق العازلة، جهات إدارية مختصة، وخطة متكاملة لإدارة الموقع.

وفي حالة عدن، نحن لا نمتلك معظم هذه الشروط بعد، بل نبدأ من فراغ مؤسسي وتشريعي شبه كامل. ولهذا السبب، كان من الضروري أن تبادر المجموعة القانونية والاستشارية لحماية الممتلكات والأعيان الثقافية في عدن والجنوب إلى إعداد وثيقة تأسيسية بعنوان:

"الإطار المرجعي لإدارة وحماية المواقع الأثرية والممتلكات الثقافية في عدن والجنوب" .. وهي أول وثيقة قانونية متكاملة تضع حجر الأساس لأي مشروع ترشيح قانوني وجاد، وتحاول سد الفجوة بين ما هو قائم وما يجب أن يكون. من القانون المحلي إلى الشرعية الدولية، لا يكفي أن تكون لعدن قيمة تاريخية؛ ما لم يكن هناك قانون محلي يعترف بها كموقع تراثي محمي، فإن أي ملف ترشيح يظل ناقصًا. نحن بحاجة إلى:

1-نص تشريعي أو لائحة تنفيذية خاصة بمدينة عدن القديمة كموقع تراثي.
2-إعلان رسمي بحدود الموقع والمنطقة العازلة.
3-وحدة إدارية لإدارة التراث المعماري.
4-خطة قانونية–إدارية تضمن الاستدامة والمساءلة.

كل ذلك يجب أن ينطلق الآن، لا بعد الترشيح، لأن الملف لا يُقبل استباقًا بل اعتمادًا على الواقع القائم.

من المؤسف أن العديد من الوثائق والرؤى التي تُبذل محليًا تُهمل أو تُنتزع دون إشارة إلى أصحابها. وهنا نؤكد أن الحقوق الفكرية والقانونية للوثيقة المرجعية التي قدمتها المجموعة القانونية محفوظة بالكامل، ولا يجوز استخدامها أو إعادة نشرها دون إذن، احترامًا للجهد، ولأخلاقيات العمل المؤسسي.

إن ترشيح عدن لا يعني تجميل أطلالها، بل تأسيس مسار قانوني لإنقاذ هويتها. لا نطلب من العالم أن يُكرمنا، بل أن يعترف بعدن كما هي: مدينة تليق بالتراث الإنساني، لكنها تنتظر من أهلها أن يمنحوها ما تستحق من قوانين، حماية، وخطط مستدامة.
(من هنا يبدأ الترشيح...من القانون أولًا).