الحق في المعرفة (أو الحق في حرية المعلومات) والحق في محاكمةعادلة {الأخيرة}

> «الأيام» القاضي د.محمد جعفر قاسم :

> و ينص قانون الإجراءات الجزائية اليمني على علنية السماع القضائي في المواد 263 ، 264، 265 267 منه. فجلسات المحكمة يجب أن تكون علنية ولا تتقرر الجلسات السرية إلا مراعاة للأمن والنظام أو محافظة على الآداب أو إذا كان يخشى من إفشاء الأسرار عن الحياة الخاصة لأطراف الدعوى أو في حالة انتشار الأمراض الوبائية.

وتعد العلنية ضماناً لحسن سير العدالة، وفي جميع الأحوال يجب النطق بالحكم في جلسة علنية. والإجراءات شفوية أمام المحكمة وكل من ُيسأل يتعين عليه أن يجيب شفاهة ومن الذاكرة كما يجب أن تكون المرافعات الختامية شفوية من قبل جميع الأطراف.

أما الحق في السماع القضائي العادل فيضمنه قانون الإجراءات الجزائية في مختلف أحكامه ومن الصعب تعدادها لكثرتها، وأهم ضمانة هنا التوازن الدقيق بين حقوق كل من الدفاع والادعاء.

4-الحق في المثول أمام محكمة مختصة، مستقلة ومحايدة ينشئها القانون
معيار هذا النص هو تفادي المزاجية والتحكم أو الانحياز الذي قد ينشأ إذا كان سيتم البت في الاتهامات من قبل هيئة سياسية أو إدارة حكومية. ويجب أن تكون المحكمة مختصة وأن ينشئها القانون. والهدف من النص ضمان أن الاتهامات الجنائية ستنظرها محكمة تم إنشاؤها مقدماً بصورة مستقلة عن أية قضية مهما كانت، ولم تنشأ بسبب المحاكمة المعنية.

ويعني استقلال المحكمة أن يوجد فصل بين السلطات بحيث تحمى السلطة القضائية من نفوذ أو تدخل السلطة التنفيذية وبدرجة أقل من تدخل السلطة التشريعية.

ومن أهم الضمانات العملية لاستقلال القضائي تحديد المؤهلات الضرورية للتعيين في الوظائف القضائية ومدة شغل الوظيفة، والحاجة إلى ضمانات لشغلها وأن توجد إجراءات انضباطية عادلة وفعالة لمحاسبة القضاة وواجب كل دولة بتوفير الموارد المالية الكافية لتمكين السلطة القضائية من أداء وظيفتها، ويقصد هنا الحصول على مرتبات مجزية وتأهيل جيد.

كما يقاس استقلال المحكمة بمدى علاقتها بالأحزاب السياسية والمجموعات الاجتماعية ووسائل الإعلام ومختلف جماعات الضغط.

أما حياد المحكمة فيعني السلوك الذي اتبعته المحكمة للوصول إلى النتيجة التي خرجت بها من المحاكمة في قضية معينة. والمعيار هنا هو ما إذا كانت قد انحازت إلى أحد الأطراف أم لا.

وفي اليمن نلاحظ أن قانون الإجراءات الجزائية ضمن حياد المحكمة و نزاهتها بتقريره أحكام تنحي القضاة وردهم ومخاصمتهم في المواد 270-287 منه، كما نجد أن قانون السلطة القضائية ينص بأن القضاء سلطة مستقلة في أداء مهامه، والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأي جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أ وفي أي شأن من شئون العدالة، ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط الدعوى فيها بالتقادم .. كما أن المتقاضين متساوون أمام القضاء مهما كانت صفاتهم وأوضاعهم.

وتحدد القوانين وخاصة قانون السلطة القضائية وقانوني المرافعات المدنية والإجراءات الجزائية نطاق اختصاصات المحاكم في الأمور المدنية والتجارية والجزائية وغيرها.

كما ينص الدستور في مادته 149 على الاستقلال القضائي والمالي والإداري للسلطة القضائية.

ويحدد قانون السلطة القضائية في مادته (57) الشروط اللازم توافرها فيمن يعين ابتداء في وظائف السلطة القضائية وهي:

- أن يكون متمتعاً بجنسية الجمهورية اليمنية، وكامل الأهلية وخالياً من العاهات المؤثرة على القضاء.

- أن لا يقل سنه عن ثلاثين عاماً وألا يتولى العمل القضائي إلا بعد مضي فترة تدريبية لا تقل عن سنتين في المجال القضائي.

- أن يكون حائزاً على شهادة من المعهد العالي للقضاء بعد الشهادة الجامعية في الشريعة والقانون أو في الحقوق من إحدى الجامعات المعترف بها في الجمهورية اليمنية.

- أن يكون محمود السيرة والسلوك حسن السمعة.

- ألا يكون قد حكم عليه في جريمة تتعلق بالشرف أو الأمانة.

- يستثنى من شرطي الحصول على شهادة المعهد العالي للقضاء وحد السن الأدنى من يلتحق بوظائف النيابة العامة.

- ويضع قانون السلطة القضائية في مواده 111-120 قواعد عادلة لمحاسبة القضاء. كما ينص القانون المذكور في مادته 75 على انتهاء خدمة القاضي ببلوغه سن الخامسة والستين وبالإحالة إلى التقاعد قبل هذه السن في الحالات المنصوص عليها في المادة 78 من القانون.

5-الحق في قرينة البراءة
وفقاً للمادة (2) 14 من العهد الدولي، فإن كل من يتهم بارتكابه جريمة يكون له الحق بأن ينظر إليه على أنه بريء إلى أن يثبت العكس.

وتعني هذه القرينة أن عبء الإثبات يقع على ممثل الادعاء وأن يستفيد المتهم من الشك.

ويجب أن يتم إثبات التهمة حسب القناعة الحرة للقاضي أو بدون شك معقول حسبما تنص عليه القوانين الوطنية.

وتطبق الأحكام المتعلقة بقرينة البراءة على المتهمين في القضايا الجنائية أثناء المحاكمة وفي مرحلة ما قبل المحاكمة. وأحياناً يقال إنه تم المس بهذه القرينة إذا مثل المتهم أمام المحكمة مقيداً أو مرتدياً ثياب السجن.

وفي اليمن أخذ المشرّع بهذا المبدأ في متن نصوص الدستور و قانون الإجراءات الجزائية. فتنص المادة 47 من الدستور على أن «كل متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي .» كما ينص قانون الاجراءات الجزائية في مادته الرابعة على أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته ويفسر الشك لمصلحة المتهم.»

6-الحق في الإبلاغ عن طبيعة وسبب التهمة الجزائية
وبموجب الفقرة (3) من المادة 14 من العهد الدولي يحق لكل من يقبض عليه بأن يبلغ بصورة تفصيلية وبلغة يفهمها عن طبيعة وسبب التهمة التي اتهم بها.

ويعني هذا التبليغ أن يشعر المتهم بالوصف القانوني للجريمة (طبيعة التهمة) وبالوقائع التي تنطوي عليها، وبالتالي فإن هذا الحق أكثر اتساعاً من حق المقبوض عليه المنصوص في المادة (9)2من العهد الدولي.

والمعيار هنا أن تكون المعلومات المقدمة للمتهم كافية بحيث تسمح له بإعداد دفاعه.

وفي اليمن نجد أن قانون الإجراءات الجزائية يوجب على كاتب الجلسة بناء على أمر القاضي أن يلقي التهمة الموجهة إلى المتهم وبعد ذلك يلخص القاضي للمتهم حال التهمة الموجهة إليه ويوعز إليه أن ينتبه إلى الأدلة التي سترد بحقه. كما يلزم القانون المذكور عضو النيابة بتوضيح أسباب الاتهام ووقائع الدعوى (المادتان 350-351 من القانون المذكور).

7-الحق في الوقت الملائم وفي التسهيلات الملائمة لتحضير الدفاع
بموجب المادة (3) 14 من العهد الدولي يحق لكل متهم أن يتمتع بالوقت الملائم وبالتسهيلات الملائمة لتحضير دفاعه وللتشاور والتواصل مع محام يختاره.

ويتمتع بهذا الحق ليس فقط المتهم وإنما أيضاً محاميه كما ينبغي مراعاته في كافة مراحل الدعوى.

أما ما يشكل وقتاً ملائماً فيعتمد على طبيعة إجراءات ووقائع الدعوى. وتشمل هذه درجة تعقيد القضية، ومدى تمتع المتهم بالوصول إلى الأدلة، والفترات الزمنية التي ينبغي القيام خلالها بالإجراءات وفقاً للقانون الداخلي إلخ..

أما التسهيلات الملائمة فقد فسرت بأنها تعني أنه ينبغي إعطاء المتهم ومحاميه حق الوصول إلى المعلومات الملائمة والملفات والوثائق الضرورية لتحضير دفاعهما كما ينبغي أن تتاح للمتهم التسهيلات الضرورية التي تمكنه من التواصل بسرية مع محاميه. فالحق بالتواصل مع المحامي الذي يختاره هو أهم عنصر في الحق بالحصول على التسهيلات الملائمة لتحضير الدفاع.

ونجد في اليمن أن المادة 49 من الدستور تكفل حق الدفاع أصالة أو وكالة في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وأمام جميع المحاكم وفقاً لأحكام القانون، كما تكفل الدولة العون القضائي لغير القادرين وفقاً للقانون.

ومن جانبه يكفل قانون الإجراءات الجزائية حق الدفاع، وللمتهم أن يتولى الدفاع بنفسه كما أن له الاستعانة بممثل يتولى الدفاع عنه في أية مرحلة من مراحل التحضير الجزائية.


8-الحق في إجراء المحاكمة بدون تأخير غير مبرر
بموجب المادة (3 ج ) 14 يحق لكل متهم أن تجرى محاكمته بدون أي تأخير غير مبرر.

وقد تم تفسير هذا النص ليعني الحق في إجراء محاكمة ينتج عنها حكم نهائي وقرار إن كان له اقتضاء وذلك بدون أي تأخير غير مبرر.

وتبدأ الفترة الزمنية منذ إبلاغ المتهم بأن السلطات تتخذ خطوات محددة لمحاكمته. وتقدير ما يشكل تأخيراً غير مبرر يعود إلى ظروف القضية أي درجة تعقيدها، سلوك الأطراف، وما إذا كان المتهم محتجزاً... إلخ.

ولكن هذا الحق ليس معلقاً على وجود طلب من المتهم بأن يحاكم بدون تأخير غير مبرر. وينبغي ملاحظة أنه يحق للشخص المحتجز قبل إجراء المحاكمة أن يطلق سراحه قبل بدئها حتى ولو لم يكن هناك تأخير غير مبرر. وفي اليمن نجد أن قانون الإجراءات الجزائية في مواده 346-364 قد حدد القواعد والأحكام الواجب اتباعها لنظر الدعوى الجزائية وترتيب الإجراءات في الجلسة. وتتسم هذه القواعد والأحكام بالدقة والوضوح.

9-الحق في الدفاع من قبل المتهم أو بواسطة محامٍ
إن هذا الحق المنصوص عليه في العهد الدولي يخول لكل متهم أن تتم محاكمته بحضوره وأن يدافع بنفسه عن ذاته أو بواسطة المعونة القانونية التي يختارها، كما له الحق في أن يبلغ، إن لم يكن يحوز على المعونة القانونية، بهذا الحق، وأن يكون له المعونة القانونية في كل حالة تتطلبها مصلحة العدالة بدون أن يدفع أي مبلغ في تلك الحالة إذا لم يكن يملك وسائل كافية للدفاع.

ويتضمن هذا النص الحقوق التالية:

1- الحق في أن تتم محاكمة المتهم بمواجهته. والقراءة الحرفية للنص تفيد منع المحاكمات الغيابية وهذا ما تنص عليه المحكمة الجنائية الدولية وتدعو إليه المنظمات الدولية لحقوق الإنسان.

ونجد أن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ترى أن المحاكمات الغيابية مسموح بها ضمن بعض الشروط.

2- أن يدافع المتهم عن نفسه بنفسه.

3- أن يختار المتهم محاميه.

4- أن يبلغ بالحق في الحصول على محامٍ.

5- أن يحصل على معونة قانونية مجانية.

ويسري هذا الحق على كافة مراحل القضية سواء قبل المحاكمة أو أثناءها.

وتكليف المحكمة لمحامٍ بالدفاع عن المتهم يخرق هذا الحق إذا ألزمت المحكمة المتهم بقبول المحامي الذي عينته وكان للمتهم محامٍ قد اختاره بنفسه.

وفي اليمن نجد أن الدستور يكفل هذه الحقوق في مادته 49 التي سردناها أعلاه، كما أن قانون الإجراءات الجزائية في مادته التاسعة بفقرتيها الأولى والثانية المشار إليهما سابقاً يضمن هذه الحقوق. غير أن القانون المذكور وضع قواعد لمحاكمة المتهم الفار محاكمة غيابية في المواد 285-295 منه.

10-الحق في استجواب الشهود
بموجب الفقرة (هـ3) من المادة 14 من العهد الدولي يحق لكل متهم أن يستجوب شهود الإثبات كما يحق له أن يحصل على مثول شهوده (شهود النفي) وأن يتم استجوابهم بنفس الشروط التي بموجبها تم استجواب شهود الإثبات. ويعد هذا الحق عنصراً أساسياً من عناصر مبدأ المساواة في الحقوق بين الادعاء والدفاع.

وعبارة أن يستجوب أو أن يتم استجواب تعني الاعتراف بالنظامين الرئيسيين للعدالة الجنائية اللذين يسودان العالم حاليا وهما النظام الاتهامي والنظام التحقيقي.

وقد فسرت الفقرة (هـ 3) للمادة 14 بأنها تعني أن الادعاء ملزم بأن يبَّلغ الدفاع عن الشهود الذين ينوي استدعاءهم في المحاكمة في زمن معقول قبل إجرائها حتى يكون للمتهم وقت كافٍ لتحضير دفاعه.

كما أن للمتهم الحق في أن يكون حاضراً أثناء إدلاء الشهود بشهادتهم. ولا يمكن تقييد هذا الحق إلا في ظروف استثنائية، كعندما يخاف الشاهد بصورة معقولة من انتقام المتهم منه. وعلى كل حال لا يمكن أن يتم استجواب الشهود في ظل غياب كل من المتهم ومحاميه. كما أن استخدام شهادة الأشخاص المجهولين غير مسموح به لأنه يخرق حق الدفاع في استجواب شهود الاتهام.

وفي اليمن نجد أن الشهود يكلفون بالحضور بناء على طلب الخصوم بواسطة أحد المحضرين أو أحد رجال الضبط قبل الجلسة بأربع وعشرين ساعة، إضافة إلى احتساب مواعيد المسافة ما عدا في حالة الجريمة المشهودة والجرائم التي تنظر بإجراءات مستعجلة فإنه يجوز تكليفهم بالحضور في أي وقت ولو شفهياً بواسطة أحد مأموري الضبط القضائي أو أحد رجال الضبط.

ويجوز أن يحضر الشاهد بغير إعلان بناء على طلب الخصوم، وللمحكمة أن تسمع أي إنسان يحضر من تلقاء نفسه لإبداء معلومات في الدعوى.

و للمتهم ولغيره من الخصوم حتى قفل باب المرافعة طلب سماع من يريد من الشهود أو اتخاذ أي إجراء آخر، وللمحكمة أن تجيبه إلى طلبه إذا رأت في ذلك فائدة ولها أن ترفضه إذا رأت فيه المماطلة أو الكيد أو التضليل.(المادتان 327 و 333 من قانون الإجراءات الجزائية.)

11-الحق في الحصول على مترجم
بموجب المادة (و3) 14 من العهد الدولي يحق لكل متهم أن يحصل مجاناً على معونة مترجم إذا كان لا يستطيع أن يفهم أو يتكلم اللغة المستخدمة في المحاكمة، ويشمل هذا الحق، الحق في ترجمة الإجراءات الشفوية التي تتم في المحكمة والحق أيضاً في الحصول على ترجمة للوثائق المكتوبة المقدمة إلى المحكمة المتعلقة بالقضية.

والحق في الحصول على خدمات الترجمة يطبق على كل من المواطنين أو الأجانب إذا كانوا لا يستطيعون فهم اللغة المستخدمة في المحكمة، كما ينبغي أن توفره المحكمة مجاناً للمتهمين.

وفي اليمن فإنه إذا كان المتهم أو أحد الشهود غير ملم باللغة العربية، فللمحكمة أن تستعين بمترجم، ويجوز للمتهم والنيابة العامة والمدعي الشخصي أن يطلب رد المترجم على أن يبدوا الأسباب الموجبة لذلك وتفصل المحكمة في الأمر، ولا يجوز اختيار المترجم من الشهود أو من بين أعضاء المحكمة التي تنظر الدعوى ولو رضي الخصوم بذلك وإلا كانت الإجراءات باطلة، وذلك بموجب المادتين 335 و 336 من قانون الإجراءات الجزائية.

12- حظر تجريم المتهم لنفسه
بموجب الفقرة (ز3) للمادة 14 يحق لكل متهم أن لا يجبر على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بارتكاب الجريمة. ويهدف هذا النص إلى حظر كل شكل من أشكال الضغط والقهر والإكراه سواء كان مباشراً أو غير مباشر، وسواء كان جسدياً أو عقلياً، وسواء تم قبل المحاكمة أو أثناءها. وهناك إجماع بأن الدليل الذي يحصل بناء على الإكراه يجب استبعاده من أدلة القضية. وإضافة إلى ذلك فإن سكوت المتهم ينبغي أن لا يفسر ضده ويجب أن لا تستنتج أية آثار تضر به إذا اختار أن يظل صامتاً.

وفي اليمن فإنه في حالة إنكار المتهم للتهمة أو رفضه الإجابة عليها أو في حالة عدم اقتناع المحكمة بإقراره، تشرع المحكمة في التحقيق لسماع شهود الإثبات والنفي.

ولا يجوز للمحكمة أن تستجوب المتهم إلا إذا قبل ذلك، فإذا امتنع عن الإجابة أو إذا كانت أقواله في الجلسة مخالفة لأقواله في محضر جمع الاستدلالات ومحضر التحقيق جاز للمحكمة أن تأمر بتلاوة أقواله الأخرى. غير أنه لا يكون عرضة للعقاب إذا رفض الإجابة عما وجه إليه من أسئلة أو إذا أجاب عنها إجابة فيها مغالطة لأن ذلك يعد إنكاراً تسمع بعده البينة. (المواد 353 ، 360 ، 361 ، 363 من قانون الإجراءات الجزائية).

13-حظر الأثر الرجعي لقانون العقوبات
مبدأ المشروعية يلزم الدول بأن تعرّف الجرائم في القوانين التي تصدرها بشكل قواعد مجردة تصاغ في القوانين المكتوبة أو غير المكتوبة التي يمكن للكل الاطلاع عليها.

وحظر رجعية القوانين الجزائية يسري على كافة الجرائم التي ينص عليها التشريع الداخلي أو التشريع الدولي، كما أنه لا يمكن أن توّقع عقوبة على أي شخص ما لم تكن هذه العقوبة منصوصاً عليها في التشريع الداخلي أو التشريع الدولي عند ارتكاب الفعل المكوّن للجريمة.

بل وأكثر من هذا فإنه بموجب المادة (1) 15 من العهد الدولي لا يمكن توقيع عقوبة في وقت لاحق تكون أقسى من العقوبة التي نص عليها القانون عند ارتكاب الجريمة .

كما أنه إذا نص التشريع اللاحق على عقوبة أخف من العقوبة المنصوص عليها في التشريع الساري المفعول عند ارتكاب الجريمة، فيجب تطبيق العقوبة اللاحقة الأخف بموجب الفقرة (1) من المادة 15 من العهد الدولي.

وفي اليمن نجد المشرع لقانون العقوبات يقرر بأن المسئولية الجزائية شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون.

و أن يطبق القانون النافذ وقت ارتكاب الجريمة، على أنه إذا صدر قانون أو أكثر بعد وقوعها أ و قبل الفصل فيها بحكم بات فيطبق في هذه الحالة أصلحها للمتهم.

وإذا صدر قانون بعد الحكم البات يجعل الفعل الذي حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه فعندئذ يوقف تنفيذ الحكم وتنتهي آثاره الجزائية، ومع ذلك إذا صدر قانون بتجريم فعل أو امتناع أو بتشديد العقوبة المقررة له وكان ذلك في فترة محددة فإن انتهاء هذه الفترة لا يحول دون تطبيقه على ما وقع خلالها.(المادتان 2 و 4 من قانون الجرائم والعقوبات).

14- حظر ازدواج المحاكمة
بموجب الفقرة (7) للمادة 14 من العهد الدولي لن يكون أي شخص عرضة لأن يحاكم أو يعاقب مرة أخرى عن جريمة تمت إدانته بها أو أطلق سراحه فيها بموجب القانون والإجراءات الجزائية لكل بلد.

و يهدف حظر ثنائية المحاكمة إلى تجنب أن يحاكم المرء ويعاقب عن جرم واحد مرتين.

في اليمن ينص قانون الإجراءات الجزائية في المادة (د) 42 على أنه لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية ويتعين إنهاء إجراءاتها إذا كانت قد بدأت لسبق صدور حكم في القضية غير قابل للطعن.

ثالثاً: الحقوق فيما بعد المحاكمة
1- الحق في الاستئناف

بموجب الفقرة (5) من المادة 14 من العهد الدولي يحق لكل مدان في جريمة ما أن تراجع محكمة أعلى إدانته والعقوبة المقررة عليه.

ويهدف تقرير حق الاستئناف إلى ضمان وجود درجتين للتقاضي لفحص القضية، على أن تكون محكمة الدرجة الثانية أعلى من محكمة الأولى التي نظرت القضية. ويجوز لكافة المتهمين مهما بلغت جسامة الجرائم المسندة لهم أن يتمتعوا بهذا الحق.

وفي اليمن أعطى القانون الحق لكل من النيابة العامة والمتهم والمدعي الشخصي والمدعي بالحقوق المدنية والمسؤول عنها بأن يستأنفوا الأحكام الصادرة في الجرائم من المحاكم الابتدائية، ولكن استئناف المدعي بالحقوق المدنية والمسؤول عنها لا يطرح على محكمة الاستئناف إلا الدعوى المدنية.


2-الحق في التعويض عن خطأ العدالة
بموجب المادة (6) 14 من العهد الدولي فإنه عندما تتم إدانة شخص ما بقرار نهائي وعندما يتم إلغاء إدانته لاحقاً أو يتم العفو عنه بسبب اكتشاف وقائع جديدة تظهر بوضوح وجود خطأ، فعندئذٍ ينبغي أن ُيعوّض الشخص الذي تمت معاقبته وفقاً للقانون، ما لم يثبت أن عدم الكشف على الواقعة غير المعروفة في الوقت الملائم كان عائداً إلى المحكوم عليه سواء بصورة كلية أو جزئية.

وهناك شروط ثلاثة ينبغي توافرها لتقرير وجود خطأ قضائي وهي كما يلي:

أ- ينبغي إعلان وجود الخطأ القضائي رسمياً عند إلغاء الإدانة أو عندما يصدر العفو.

2-يجب أن لا يعود سبب تأخير الوقائع التي تم الأخذ بها إلى شخص المدان.

3- يجب أن يعاني المدان من العقوبة كنتيجة لوقوع الخطأ القضائي.

وفي اليمن فإنه في حالة طلب إعادة النظر وفقاً للمادة 457 من قانون الإجراءات الجزائية يجوز للمحكمة أن تقضي بتعويض المحكوم عليه عن الضرر الذي أصابه من جراء الحكم السابق في الحكم الجديد الذي تصدره ببراءته.

وإذا كان المحكوم عليه ميتاً فلزوجته وأصوله وفروعه أن يطالبوا بالتعويض ولا يحق ذلك لغيرهم من الأقارب ما لم يثبت أن الحكم سبب لهم ضرراً مادياً. ويجوز إبداء المطالبة بالتعويض في كافة مراحل إعادة المحاكمة.

الاستنتاج
ويتضح من المقارنة التي أجريناها حول المعايير الدولية للمحاكمة العادلة وفقاً للتشريع الدولي، المتجسد أساساً بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966م، مع قواعد المحاكمة العادلة المنصوص عليها في التشريع اليمني (سواء أكان ذلك الدستور أم قوانين الجرائم والعقوبات والإجراءات الجزائية والسلطة القضائية):

أن التشريع اليمني وإن لم يتطابق مع المعايير التي جاء بها العهد الدولي إلا أنه قد جسدها في متن نصوصه إلى حد كبير، مما يوفر ضمانة قانونية ودستورية على درجة كبيرة من الأهمية لكافة المتهمين والمتقاضين الذين تتم محاكمتهم أمام القضاء اليمني.

صنعاء في 22 فبراير 2005

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى