​شهدت طهران مؤخرا احتفالا رسميا بالنصر بثه التلفزيون الإيراني بهدف إرسال رسالة واضحة للمواطنين الإيرانيين والى الرأي العام الاقليمي والدولي بأن البلاد قد حققت انتصارا في مواجهة العدوان الصهيوني الأخير.

هذا الاحتفال بغض النظر عن حجم الدمار الفعلي الذي تلقته المنشآت الإيرانية جراء الضربات والهجمات الحربية، يعزز فكرة أن الصراع الأخير الذي بدأت به إسرائيل كان يدار بطريقة تسمح لكل طرف بادعاء النصر أمام جمهوره بوجه خاص.

تأتي هذه الاحتفالات بعد أن كانت إيران قد  نفت تلقيها أي مقترحات لوقف إطلاق النار لتعلن الآن "النصر" وتغلق دورة الصراع الحالي الذي فرضته اسرائيل بنهاية "سعيدة" من وجهة نظرها الرسمية هذا يشير إلى أن الأطراف المتحاربة قد وصلت إلى نقطة توازن مؤقتة ، حيث يمكن لكل منهما أن يدعي تحقيق الانتصار ويدعي أيضا أنه حقق أهدافه أمام جمهوره.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن وهو  هل هذا "النصر" المعلن عنه من قبل القيادة الإيرانية وكذلك من القيادة الاسرائيلية سيمهد لاستقرار قادم وحقيقي أم أنه مجرد استراحة محارب ، وليست بداية مرحلة يمكن أن تبدأ أكثر عنف واتساع يمكن أن يشمل منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط بمنطلقاته الجديدة التي تخطط له الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل وبدعم اوربي اوسع، طالما أن اسرائيل التي بدأت هذا العدوان لم تطمئن  إلى أنها قد حققت هدفها الرئيسي في القضاء على السلاح النووي الإيراني الذي يسمح لها في تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد والكبير وذلك في ضوء  ما أعلنته إيران من أن مواد سلاحها النووي مازال محفوظا وما زال مشروعها النووي قائما رغم ما تعرضت له  بعض المنشآت، وان هناك منشآت مازالت قائمة وهذا ما يحمل في مضمونه إعلان فشل  العدوان الاسرائيلي في تحقيق أهدافه وهذا يعني ان أمام اسرائيل  جولة أخرى مع ايران يجب أن تستعد لها ويعني في ذات الوقت أن على إيران أيضا أن تكون على استعداد للمواجهة وكل هذا سيكون على حسب استقرار منطقة الشرق الأوسط بل والعالم بأسره.

إن ما حدث قد يكون "مسرحية" محكمة الأداء تسمح للأطراف بادعاء النصر وتجنب حرب شاملة ولكنها لا تغير الحقائق على الأرض، الأهداف الرئيسية لطرفي هذه المواجهات لم تتحقق وبالذات لاسرائيل، والتهديدات لم تختفي ولن تتوقف، مما يعني أن فصول هذا الصراع الإقليمي قد تستمر مع ما يحمله ذلك من مخاطر على الجميع.