الأربعاء, 25 يونيو 2025
142
عشنا وشفنا مثل شعبي. عقود تكفي للتعلم من دروس الحياة ونادرا من منا عرف الحقيقة مبكرا لقوه إيمانه.
أحداث جرت في بيئتنا وأخرى حدثت في أماكن عديدة في العالم إلا أن الحقيقة ظلت ناقصة أو مجهولة لأن ما وصل إلينا مرسوم من قبل هذا المخرج أو ذاك لغاية ما. لهذا كلنا مستمعون وقليل منا مستوعبون بدرجات متفاوتة.
عشنا وتابعنا الكثير من المسرحيات التي حدثت ولمدة محددة أظهر التاريخ حقائقها. وللأسف فإن بعض من شارك فيها اعتقد أنهم لاعبين أساسين ولكنهم اكتشفوا لاحقا بأنهم هوات نفذوا مسرحية أضرتهم ومن بعدهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
مسرحيه ترامب ذات الفكر التجاري البحت وفريقه قليل الخبرة بالتنسيق مع حلفائه الممولين لفصول المسرحية من يهود صهاينة وعرب وعجم للعرض الأول لأثنى عشر يوما رفع الستار وأغلق على مهزلة للقائمين بالدور الهابط بين اسرائيل وإيران وكذا للممولين والهدف ضمان تريليونات للإيفاء بوعوده لتعزيز النرجسية المعهودة فيه شخصيا وفي بلاده. وتناسى الجماهير في العالم التي ضحكت لنهاية الفصل الأول ومنتظرة أن تستمتع بفصول مسرحية ترامب القادمة.
هذه المهزلة عززت قناعة ملايين البشر في كل العالم أن مسرحيه ترامب لأثنى عشر يوم غير ما حدث بالواقع لطوفان الأقصى في غزة لقرابة عامين منذ السابع من أكتوبر 2023.
أمريكا كقوه اقتصادية وعسكرية تحتل الصدارة اليوم هي نفسها قبل المسرحية وبعدها أن لم يكن بداية لأحداث داخلية موثرة. كذلك اسرائيل كانت ولازالت المدللة للغرب وفي مقدمتها الولايات الأمريكية مع بداية لتعميق الوضع الداخلي الإسرائيلي. وهكذا إيران رغم أضواء الألوان للمسرحية الهزلية وخاصة اليوم الأخير فلا زالت تراوح مكانها من النووي والصواريخ بل وترتيبها كقوة ثانية بعد اسرائيل في المنطقة.
وهذا على عكس ذلك تماما إذ أن طوفان الأقصى يظهر كل يوم للعالم حقيقه تلو أخرى، خاصة بعد أن كشف صوره كيان الصهاينة البربري وتجاوزه لكل القوانين بل وتعريته لسلوكه العنصري وعدم احترامه لكل العالم، ناهيك عن الكلفة العالية لقتلة الأطفال والنساء والمدنيين وتجويعهم وحرمانهم من الدواء من خلال تدمير كل مبنى سواء مستشفى أو مدرسة أو مسجد وكلما هو قائم في غزة بأسلوب إبادة جماعية. وظهر ذلك ليكشف زيف الإعلام الغربي الذي كان داعما الكيان ويحدث تغيرا في فكر الملايين في الغرب والذين أصبحوا مؤيدين لحقوق الشعب الفلسطيني ومطالبين بمحاسبة قاده الكيان وهذا أحد أهم الإنجازات لطوفان الأقصى.
وفي اسرائيل ولأول مره أدركت الدول العربية والإسلامية مدى هشاشه اسرائيل والتي كانت تروج لنفسها بأنها الأقوى في المنطقة. فلولا دعم أمريكا والغرب لما استطاعت أن تصمد أمام المقاومة الفلسطينية وما تابعناه فلم توفر أبسط مقومات الأمن والاستقرار ولم تحقق أي هدف من أهدافها المعلنة.
طوفان الأقصى لم يكشف حقيقة الكيان لشعوب داعميه في الغرب بل أحدث تغييرات للعلاقة فيما بينها تحت ضغوط شعوبها وكذلك كشف مدى تفاعل الحكومات العربية لاسيما تلك القادرة على تغيير المعادلة والتي لاشك ستمهد لمرحلة مختلفة قادمة.
والأهم فأن طوفان الأقصى كشف تأخر إيران باتخاد قرار المشاركة الفعلية التي كانت تتحدث عنها وتمول أذرعتها لتلك اللحظة رغم إسهام متواضع لا يؤثر في المعادله إلى أن بدأت المسرحية الترامبية المضحكة.
طوفان الأقصى أفقد اسرائيل صوابها لتعجل باستخدام ما سعت إليه لسنوات طويلة عبر العملاء والبيجر ووسائل أخرى في الدول المؤثرة على كيانها. وبالتالي كشفت خططها مما سيجعل كثير من الدول مراجعة للوضع الأمني فيها واتخاد خطوات لإنهائه.
وما يسجل لطوفان الاقصى أيضا هنا أن استعجال الكيان بفضح وسائله في لبنان بإضعاف حزب الله وإعادة الدوله اللبنانية لحكم دولتها وبنفس الوقت استفادت المقاومة في سوريا لاغتنام ذلك لإسقاط نظام الأسد ونشهد تبعات ذلك بإضعاف أذرعه إيران في صنعاء والعراق تدريجيا. وهذه ما كانت لتحدث لو لم يحدث طوفان الأقصى.
ونتيجة لذلك كله، فأن الفترة القادمة ستظهر نجاحات أخرى وأوسع وكذا ستظهر مدى فشل مسرحيه ترامب بل وسنرى محاولات لإخراج فصلا جديدا سرعان ما ستكشف أهدافه.
الدرس الوحيد الذي نستخلصه مما سبق أن الإيمان بالحق هو الطريق الصحيح للوصول للهدف. أما دون ذلك مسرحيات نهايتها مزبلة التاريخ.