> لودر "الأيام" خاص

تشهد محافظات شبوة والبيضاء وأبين تطورات لافتة بشأن مساعي فتح عدد من الطرق الحيوية التي ظلت مغلقة لسنوات جراء الصراع المسلح، في مقدمتها طريق عقبة القنذع بين شبوة والبيضاء، وطريق عقبة ثرة الرابط بين أبين والبيضاء، وسط تفاوت في المواقف المحلية بين التأييد المشروط والرفض الصريح.

جماعة الحوثي أعلنت مطلع هذا الأسبوع فتح طريق عقبة القنذع الحيوي الرابط بين محافظتي شبوة والبيضاء، وذلك بعد تلقي طلبات من وسطاء محليين وشخصيات اجتماعية معروفة بـ"أصحاب الرايات البيضاء"، في إطار مساعٍ لإعادة تشغيل الطرق المغلقة منذ أواخر عام 2021.


ونقلت وكالة "سبأ" التابعة للجماعة عن مصدر مسؤول في سلطات شبوة الموالية لها، أن هذه الخطوة تهدف إلى تخفيف معاناة المواطنين، وتسهيل تنقلهم بين المديريات والمحافظات المجاورة، مشددًا على دعم الجماعة لأي جهود تسهم في فتح الطرق المغلقة.

وأضاف المصدر أن التنسيق جارٍ مع الطرف المقابل في شبوة، ممثلًا بـقوات العمالقة، وقوات دفاع شبوة، وسلطات مديرية بيحان، بهدف ضمان فتح الطريق بشكل متبادل، وتوفير الحماية اللازمة للفرق الهندسية الميدانية التي ستتولى إزالة الألغام ومخلفات الحرب.

وأشار إلى استعداد جماعته للعمل على تطهير الطريق فنيًا، بشرط توفير ضمانات ميدانية لحماية الفرق من قبل القوات المسيطرة على الجهة المقابلة.
  • انقسام محلي في أبين بشأن فتح عقبة ثرة
وفي محافظة أبين تصاعد الجدل حول جهود مماثلة لفتح طريق عقبة ثرة الاستراتيجي، وسط تباين واضح في المواقف بين أبناء منطقة الحضن الواقعة أسفل العقبة.

ففي الوقت الذي عبّرت فيه شخصيات اجتماعية ومشايخ وقادة محليون عن رفضهم القاطع لإعادة فتح الطريق في الظروف الحالية، معتبرين الخطوة تهديدًا أمنيًا قد يعرض السكان للخطر، عقد اجتماع ثانٍ في ذات المنطقة ضم قيادات عسكرية ومدنية وأمنية عبّر عن تأييده المشروط لفتح الطريق، بشرط التنسيق مع السلطات الرسمية وتوفير الضمانات الكافية.


في الاجتماع الأول، أعرب الحاضرون عن امتعاضهم مما وصفوه بمحاولات فرض أمر واقع باسم المنطقة، ورفضوا ما نُشر منسوبًا لاجتماعهم من بيان "مزوّر"، مؤكدين أن الاجتماع لم يكن سوى لقاء تحضيري لمناقشة القضية، ولم يسفر عن إصدار أي بيان رسمي.

كما أعلن أبناء منطقة الحضن في بيان مشترك أنهم يعملون بشكل مستقل، ولا تربطهم أي صلة بجهات ترفع رايات بيضاء أو غيرها، مشددين على دعمهم الكامل لقيادة المقاومة الجنوبية في جبهة ثرة، ممثلة بالقائد طه أبوبكر، ومطالبين بمحاسبة من أصدر البيان الذي نُسب إليهم دون علمهم.

في مقابل ذلك عُقد اجتماع موسع في نفس المنطقة، ضم مشايخ، ووجهاء، وضباطًا، وإعلاميين من أبناء منطقة الحضن، أكدوا فيه دعمهم لمبادرة "الرايات البيضاء للسلام" التي تسعى لإعادة فتح طريق عقبة ثرة، باعتباره ممرًا إنسانيًا واقتصاديًا حيويًا يربط محافظتي أبين والبيضاء، وعددًا من المحافظات الأخرى.


ورحب المجتمعون بالمبادرة، معتبرين أنها تمثل أولوية لتخفيف معاناة المواطنين، ووجّهوا شكرهم للقيادات المحلية والعسكرية والأمنية في أبين، وعلى رأسهم المحافظ اللواء أبوبكر حسين سالم، وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ومحور أبين العملياتي، وقوات الحزام الأمني، وقوات درع الوطن، والمقاومة الجنوبية في المنطقة الوسطى.

كما أشاد الحاضرون بالدور الذي يقوم به اللواء علي محمد القفيش، عضو مجلس الشورى، في تقريب وجهات النظر، مثمنين مواقف القيادي الجنوبي علي الكثيري الداعمة للمبادرة.

وفي خطوة عملية، أعلن الاجتماع عن تشكيل لجنة متابعة من أبناء المنطقة لتنسيق الجهود مع الجهات الرسمية، ودعم تنفيذ الإجراءات المتعلقة بفتح الطريق، بما يضمن الجاهزية الأمنية والميدانية.
  • مخاوف أمنية ومطالب بضمانات
ورغم الترحيب الواسع في بعض الأوساط بفتح الطرق المغلقة، إلا أن مخاوف أمنية لا تزال حاضرة بقوة، لا سيما في المناطق القريبة من خطوط التماس. ويشدد المعارضون على ضرورة وجود ترتيبات أمنية مسبقة وضمانات واضحة قبل الشروع بأي خطوات ميدانية، تفاديًا لأي استغلال محتمل من قبل أطراف النزاع.

وتبرز في هذا السياق مخاوف من أن تتحول المبادرات الإنسانية إلى اختراقات عسكرية، ما يتطلب تنسيقًا مشتركًا عالي المستوى، بمشاركة الجهات الرسمية، والقيادات المحلية، والمجتمع المدني.
  • خلاصة المشهد: طريقان واستقطاب واحد
تعكس التطورات المرتبطة بفتح طريقي القنذع وثرة تعقيدات المشهد في بين المحافظات الثلاث، حيث تتداخل الأبعاد الإنسانية مع الاعتبارات الأمنية والسياسية، وبينما تُحرز جماعة الحوثي تقدمًا أحاديًا في بعض الملفات، كما في حالة طريق القنذع، فإن الانقسام في أبين حول طريق ثرة يسلّط الضوء على التحديات الكبيرة أمام أي جهود سلام محلية.

ويُجمع المراقبون أن نجاح هذه المبادرات يعتمد بالدرجة الأولى على ثقة الأطراف المعنية، ووجود آليات شفافة وضمانات ميدانية تضع السلام الإنساني فوق المصالح السياسية والعسكرية.