السبت, 21 يونيو 2025
153
يا أبناء عدن الأبية، يا من اكتويتم بنار الصبر، وتجرعتم مرارة الإهمال، وعانيتم من قسوة الأزمات المتلاحقة! لقد طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، ولم يعد للصمت مكان في قاموس كرامتنا. فهل نرضى لأنفسنا ولأطفالنا بمستقبل تائه بين ظلام انقطاع الكهرباء، وشح المياه، وانهيار الخدمات، وارتفاع الأسعار الجنوني الذي يفتك بأبسط مقومات الحياة الكريمة؟
لقد فاضت قلوبنا ألماً، وتآكلت جيوبنا فقراً، وتلاشت آمالنا أمام وعود زائفة وحلول ترقيعية لم تزد الطين إلا بلة. بينما تلاشت صرخاتنا الفردية في الهواء، ولم تجد شكوانا المتفرقة آذاناً صاغية تستمع إليها، لأنهم يعلمون أننا متفرقون، وأن صوتنا خافت، وأن غضبنا يتبخر في دهاليز اليأس.
لكن اليوم، يجب أن يكون الأمر مختلف! اليوم يجب أن نُعلن عن فجر جديد لعدن، فجر تصنعه إرادتكم وعزيمتكم.
فتخيلوا معي... لو أن مليون مواطن، مليون روح حرة، مليون قلب ينبض بحب عدن وكرامتها، خرجوا من بيوتهم في يوم واحد، في لحظة تاريخية فارقة، وتوجهوا جميعاً نحو ساحة العروض بخورمكسر. تخيلوا هذا المشهد المهيب: بحر بشري هادر من المواطنين، يغطي الساحة وما حولها، في مظاهرة سلمية، هادئة في شكلها، لكنها مزلزلة في معناها، قوية في إصرارها، لا تحمل إلا مطالبكم الحياتية الملحة: إصلاح الخدمات المتردية، ومعالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي المنهار، ووقف التدهور الذي يهدد كل بيت. مظاهرة بعيدة كل البعد عن أي أجندة سياسية، مظاهرة لا تعلو فيها إلا كلمة الشعب، كلمة الحق والعيش الكريم.
ولا مكان للكسل، لا مجال للتردد، لا وقت للخوف! هذا يومٌ مُصيري، يومٌ مُفصلّيّ، يومٌ نكتَب فيه صفحات جديدة من تاريخنا! دعونا نُوحد صفوفنا، ونُشارك جميعاً، دون استثناء، في هذه المظاهرة السلمية الهادرة التي ستزلزل الأرض تحت أقدام الظالمين.
وأمام هذا الحشد الجماهيري غير المسبوق، وأمام هذه الملايين التي تتنفس الكرامة وتطالب بحقوقها، لن تجد أي حكومة، وأي سلطة، وأي طرف معني، بداً من الاستجابة الفورية لمطالبكم! فالخوف من التصعيد، والإدراك التام لقوة هذا الحضور الشعبي الجارف، سيدفعهم عنوة. ورهبة للبدء الجاد والفوري في معالجة الأمور والأزمات، والتنسيق مع كافة الأطراف المعنية للامتثال لإرادة الشعب وتحقيق مطالبه.
أما المظاهرات الباهتة، والأعداد القليلة، والاحتجاجات المتفرقة، لن تحرك ساكنًا. فقد جربنا ذلك مرارًا وتكرارًا. وهم لن يستجيبوا إلا إذا شعروا بقوة الشعب الموحدة، وبأن هذا الشعب قد قرر أن يقول كلمة الفصل، وأن يسقط الواجب الوطني عن كل من يتخلف عن هذا النداء.
لذلك، فهذه ليست مجرد دعوة للمظاهرة، إنه واجب وطني مقدس! إنه يوم عدن التاريخي، يوم الكلمة المزلزلة التي تصم الآذان وتهز العروش! إنه يوم لا يسقط فيه الواجب الوطني عن أي مواطن في عدن!
يا أبناء عدن، الصامدين:
تفرغوا لهذا اليوم التاريخي! اجعلوا هذا اليوم نقطة تحول في تاريخ مدينتكم. اخرجوا جميعاً، دون استثناء، نساءً ورجالاً، شباباً وشيوخاً، عمالاً وموظفين، طلابًا ومعلمين، تجارًا وحرفيين. اخرجوا جميعًا، من كل حي وشارع ومنزل لتقولوا كلمتكم بصوت واحد يصدح في الأفق: كفى عبثا وفسادا واستهتارا! نريد حقوقنا! نريد كرامتنا! نريد حياة مستقرة وآمنة!
إن حجم الحشد هو الضمان الوحيد للاستجابة. فخروجكم الكامل، وشعوركم بالمسؤولية المشتركة في إحداث التغيير، هو الشرط الأساسي لإلزام السلطات المعنية بتنفيذ الإصلاحات ومعالجة الأزمات والمشاكل.
فليكن هذا اليوم رسالة واضحة لا لبس فيها للحكومة ولكل السلطات والأطراف ذات العلاقة: أن الشعب كله هنا، حاضر بكل ثقله، ويريد منكم حقوقه، وأن تقوموا بواجباتكم دون تلكؤ أو تأخير. وإلا، فلا تلومن إلا أنفسكم على ما قد تؤول إليه الأمور.
اخرجوا يا أبناء عدن، ليرى العالم أن عدن لا تموت، وأن شعبها لا يركع، وأن كلمته إذا انطلقت، أحدثت زلزالًا يغير وجه التاريخ!
موعدنا في ساحة العروض، يومًا يحدده لكم صوت الحق... يوم الكلمة الموحدة!
فلنصنع فجرنا الجديد..